صبحي ساله يي
كل الذين تسلطوا على رقاب العراقيين منذ تشكيل أول حكومة في عشرينيات القرن الماضي، ليس منذ تأسيس الدولة كما يروج له البعض لأن الدولة مازالت غير متأسسه، دخلوا من باب إحتكار القومية أو الدين، وإدعوا تمثيلهم لكافة القوميات والأديان وساهموا مساهمة فعّالة في جميع الكوارث التي عانى ويعاني منها العراقيين. ومارسوا بحق الكورد سياسات التعريب المنهلة من الفكر الشوفيني المقيت.
بعد العام 2003، أصبحت للعمائم السنية والشيعية أدواراً محورية في الحياة السياسية بالعراق، وقد إستبشر الكوردستانيون (المسلمون) خيراً بدور العمائم، وخاصة الشيعية منها. وإعتبروها بداية لحياة جديدة من التعايش والتسامح والاستقرار، ونهاية لمعاناتهم الطويلة ولحرب إبادة الآلاف من خيرة بناتهم وأبنائهم.
وفي خضم الاحداث المتسارعة في المنطقة، وبسبب المتغيرات الكثيرة والعميقة في الساحة السياسية العراقية، وتحويل العراق الى ساحة خصبة لتصفية الحسابات بين الدول، إنشغل البعض وتحت مسميات عديدة بالضلال والبهتان وسوء الرؤى والتقدير وأعلن معاداة التصالح ودعم الإرهاب بكل أشكاله، وفي مقابل هؤلاء إنشغل آخرون بمواجهة الإرهاب. وغرق غيرهم في الخطأ والإنحراف والتشويه وإتجهوا نحوالطائفية المقيتة. ووضعوا الجميع على مفترق طرق يجيد فيها الجهلة صياغة آليات التداعي والخسران. ودخل العراق في نفق مظلم ومرعب. وبات الكوردستانيون يلمسون ممارسات غير لائقة، ويسمعون الكثير من التحامل عليهم وعلى وقيادتهم, بحجج واهية بعيدة عن المنطق ولا تساهم في حل أية عقدة مهما كانت صغيرة, بل تصب الزيت على النار وتأزم المشكلات وتعمقها, وحتى خلال التظاهرات التي كانت تنطلق، في العراق، للمطالبة بالخدمات الأساسية، كنا نشاهد تدخل النواب والسياسيين الذين يؤيدون الحكومة سواءاً كانت ظالمة أو مظلومة, ليبعدوا انظار الناس عن الامور الحقيقية وكانوا يقولون: لاتتظاهروا ضد الحكومة ولاتطالبوا بالخدمات والكهرباء والماء الصالح للشرب ومكافحة الفساد ومعالجة الفقر والبطالة، لان مشكلتنا مع كوردستان وليست مع الحكومة.
بعد أحداث إكتوبر 2017، وبعد أن تهربت بغداد من تطبيق الدستور ولجأت الى فرض الحصار الجائر على الكورد، وممارسة القوة العسكرية ضدهم والإستقواء بالأجنبي، وبعد إتباع سياسة التعريب لتغيير خارطة المناطق الكوردستانية خارج إدارة حكومة الإقليم عبر الترغيب والتهديد والترهيب والعودة الى القرارات الصادرة في عهد البعث، وبعد أن فرضت سلطتها علی أكثرية المفاصل في كركوك، قامت بتهميش بفرديتها بتهميش الكورد بطريقة غير قانونية وغير دستورية. عاد بعض الساسة والإداريين الصغار الذين لايستحقون ذكر اسمائهم، لانهم لا يرون الا امتارا أمامهم فحاولوا اطلاق التسميات والمسميات العجيبة والغريبة على المناطق الكوردستانية خارج الإقليم وعلى الذين استساغواً دوما خرق الدستور وبالمخالفات الصريحة، وسمحوا لانفسهم التنصل من الاتفاقيات والعهود ومن مبادئ الدستوروتشويه الحقائق الجغرافية والتاريخية التي تعتبر من الوقائع على الارض، فدعوا الى حملة تعريب جديدة، وإعادة العرب الذين استقدمهم البعث المنحل والانظمة الحاكمة منذ بدايات القرن الماضي, الى القرى الكوردية ليسيطروا على أراضي الكورد، رغم إنهم متيقنون بأن هذه الارض ليست ارضهم، وان الديار التي استضافتهم رغما عنها ليست ديارهم، ويعرفون ان هناك اصحاب اصلاء لتلك الاراضي، وإستمرت المعاندة في سبیل إنکار کوردستانية کرکوك وبقية المناطق الكوردستانية، أما أصحاب العمائم فلم يحركوا ساكناً ولم ينبسوا ببنت شفة.
وأخيراً نقول : العمل بهدف التعريب ونفي الواقع في کرکوك في ظل العمائم، قفز فوق الأحداث ونفي للمتغيّرات وإنشداد الی الوراء، وهروب من الحاضر والمستقبل، وسعي للإنسلاخ من الحكمة والمنطق وتوجه نحو الأيديولوجية الفاسدة والمكابرة الوقحة وتهرب من المسؤولية وإنكار الحقائق الصارخة وترويج لجحيم. لذلك على العقلاء في العراق الإعتراف بحق الآخر وبالفيدرالية والديمقراطية لانها لغة العصر.
ما ذكرناه ليس من باب التعصب بقدر من انه حرص على التعايش والتسامح وتوضيح للحقائق.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن