صبحي ساله يي
في الاعوام الأربعة السابقة كتب الكثير من المقالات والتقارير عن حيدر العبادي، وقد تناوله البعض وفقاً لرغبات شخصية ووجهات نظر ذاتية وتوجهات حزبية ومذهبية وقومية، بينما تناوله آخرون بحيادية شديدة بعيدة عن الأحقاد والتلاعب والخداع. والبعض الآخر تجاهل مسؤولياته الأخلاقية والمهنية، فذكر نصف الحقيقة وحاول بإستمرار تلميع صورته وزيادة شعبيته، وهذه الفئة المتهمة بالإنحياز والكذب والتضليل، نشطت بعد تحرير الموصل والسيطرة على كركوك في أكتوبر الماضي.
المواطن الكوردي يشعر بظلم وغبن شديدين جراء كيل المديح للعبادي، وينظر له بموضوعية وبمنظور مختلف عن الفئات أعلاه، أو كما يتمنى الكثيرون، لأن الكثير من مواقفه وسياساته وممارساته وأولوياته وإهتماماته قد آذت مشاعره، وأن الكثير من قراراته إنتهكت حقوقه الدستورية والقانونية والشرعية، والأنكى من ذلك كله إنه لم يكن صريحاً وصادقاً ولو لمرة واحدة فيما قاله بحق الكورد وكوردستان. وله في تقييمه حسابات ذهنية مغايرة عن تلك التي ينظر بها الكثيرون، وترسم مستقبله.
العبادي، ليس أقوى رئيس للحكومة في مرحلة ما بعد صدام، كما يقال، وكما يروج البعض لإعادة إنتخابه، ولكن حالفه الحظ ليعمل مع رئيس جمهورية وبرلمان ضعيفين، وهذا أمر بديهي ومعلوم لدى الجميع. وساعده الحظ في تسلم السلطة دون أن يحظى بشعبية أو يفوز بأصوات كثيرة، ولكن إصرار جهات عدة على رفض المالكي رجح كفته. وحالفه الحظ مرة أخرى عندما سانده المرجعية والكورد ضد الإرهاب، وتعاون الأمريكان والإيرانيين في العراق ضد داعش، ليأتي هو وليعلن النصر، وهو غير منتصر ولم يفعل شيئاً، غير القبول بما رسم من قبل غيره. مع ذلك أصيب بالغرور، وتجاهل تضحيات وبطولات البيشمركه، وإتخذ قرارات مجحفة ضد الكورد، لا يملك حق إتخاذها.
في بداية عهده وضع يده على حقائق محرجة، ولكن لم يتخذ أي إجراءات لمواجهتها، فسقطت الأنبار بيد داعش، وبسبب فشل سياساته وعدم الكفاءة في إدارة أمورالبلاد، وتعثر شعاراته الخاصة، وتمرده على التقاليد الديمقراطية، إستمر الفوضى والاضطرابات والعنف، وإستشرى الفساد. وظل الأمن العراقي مستباحاً، وإنخفض الاحتياطي العراقي من العملة الصعبة من 180 مليار دولار الى 30 مليار دولار فقط. وفي عهده نشاهد الآلاف من أطفال العراق يبحثون حفاة وعراة في أكوام القمامة بحثاً عن لقمة العيش، أما المطالبون بالعدالة ومحاسبة الفاسدين فقد بحت أصواتهم لذلك خرجت صرخاتهم موجوعة دامية.
أما كوردستانياً، فإنه لا يصلح لأن يكون رئيس لحكومة بغداد، لأنه إستدعى الدستور فقط عندما كان يحتاجه، وحاصر كوردستان إقتصادياً ودبلوماسياً، ولجأ الى الجيش والحشد الشيعي والقوات الأجنبية لمحاربة الكورد، وحاول إشعال الحرب بين المكونات وإعادة التعريب، وخاصة في أعقاب أحداث كركوك وطوز خورماتو، ليس حباً بالعرب والعروبة وإنما لإشعال نار التقاتل بين السكان الأصليين، أصحاب الأرض الحقيقيين من الكورد، وبين الوافدين العرب الى المنطقة في عهد البعث.
بإختصار شديد سياساته باتت كالبضاعة المنتهية الصلاحية، ونماذج سلبية خاصة وفريدة في عالم اليوم، وأفكاره تعود لزمن ما قبل السياسة. لذلك ليس من المعقول قبوله كرئيس معاد التصنيع، ومن يقبل به من الكورد في الغرف المغلقة سيدفع الثمن في الشارع الكوردستاني، خاصة وإننا مقبلون على إنتخابات برلمانية في 30 أيلول..
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن