Erbil 28°C الجمعة 05 كانون الأول 09:22

نحو توازن عادل

احترام حرية التعبير لا يتعارض مع هيبة الدولة، بل على العكس، يعزز من حضورها واحترام مؤسساتها

يبدو أن النقاش حول حرية التعبير في العراق عاد إلى الواجهة من جديد، وسط مؤشرات تفيد بأن المجلس النيابي الموقر يدرس مقترحات من شأنها أن تُحد من مساحات التعبير المتاحة، وذلك في إطار تنظيم الخطاب العام وضبط الأداء الإعلامي والرقمي.

ولا شك أن تنظيم الحريات مسألة طبيعية في أي دولة تسعى إلى ترسيخ مؤسساتها الديمقراطية وضمان استقرارها، فكل حرية تحتاج إلى ضوابط قانونية تحميها من الانفلات أو التوظيف السلبي، لكن في المقابل، يبقى الخوف قائماً من أن تتحول هذه التنظيمات إلى أدوات لتقييد الصوت الآخر، أو لتهميش الرأي المخالف.

العراق، بما مرّ به من تجارب قاسية، بات بحاجة ماسة إلى بيئة سياسية مرنة، تتسع للنقد البناء والاختلاف السلمي في وجهات النظر، فحرية التعبير ليست مجرد شعار، بل ممارسة فعلية تضمن إشراك المواطن في رسم السياسات العامة وتقييم الأداء الحكومي بعيدًا عن الخوف أو الملاحقة.

لقد كفل الدستور العراقي في أكثر من مادة حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل، بوصفها حجر الزاوية لأي نظام ديمقراطي يسعى إلى بناء دولة مؤسسات، وبالتالي، فإن أي تعديل أو تقنين ينبغي أن يُدرس بعناية فائقة، وبمشاركة نخب قانونية، إعلامية، ومجتمعية، كي لا يتحول إلى خطوة قد تُفسر على أنها تراجع عن تلك المبادئ التي تم التوافق عليها بعد سنوات من التحول السياسي.

إن احترام حرية التعبير لا يتعارض مع هيبة الدولة، بل على العكس، يعزز من حضورها واحترام مؤسساتها، ويمنحها شرعية قائمة على ثقة المواطنين ورضاهم.

العراق اليوم أحوج ما يكون إلى فتح قنوات الحوار، لا إلى إغلاقها، وإلى تعزيز الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، لا إلى خلق فجوة جديدة من الشك والتوجس.

إننا نؤمن أن الحرية المسؤولة لا تشكل خطرًا على الوطن، بل هي وسيلة لتعزيزه وتطويره، وأن حرية التعبير ليست ترفًا، بل ضرورة في مسار بناء دولة عادلة، مستقرة، وموحدة تحت مظلة القانون والدستور

 

 

الأخبار

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات حتى الآن

الرد كضيف

هل ترغب في تلقي إشعارات؟
ابق على اطلاع بآخر أخبارنا وأحداثنا.