مثال الآلوسي
أمر محزن بل صادم ومعيب واعتداء وجريمة من حكومة الإطار التنسيقي الولائي اللا شرعية ضد الدستور والقيم والمواثيق، نعم أنها سياسة تمييز عنصري هدامة تستهدف الكورد في حريتهم وحقهم في الحياة الكريمة في دولة العراق وكيانها السياسي الاتحادي الاختياري، بالأمس كانت كوردستان الملجأ الآمن لكل من تعرض للاضطهاد العرقي أو الديني أو الإنساني، وكم تحملت مدن وقرى وشعب وقيادة كوردستان من حملات الغضب والجيوش الجرارة، وكم تحمل شعب كوردستان من التشريد والإعدامات حتى الإبادة الجماعية والأسلحة المحرمة، ومع هذا، لم يتخل الكورد عن حماية ضيوفهم ممن لجأوا لهم ولم تتخل القيادة الكوردية عن حقوق الكورد في الحرية وتقرير المصير.
وعندما سقط النطام في 2003 اختار الكورد وحدة العراق وأعلنوا وأسهموا في حمايته من الانهيار والتجزئة والضياع وحضروا إلى مجلس الحكم، وكل النخب السياسية وقتها تعلم كيف ترفع الرئيس مسعود بارزاني عن الخضوع للحاكم المدني الأمريكي بول بريمر في حين كان غيره مثالا للطاعة المذلة أمام بريمر، والكل يتذكر كيف قررت القيادة الكوردية وأمرت الجميع بعدم الانتقام من العرب من عناصر الجيش العراقي السابق والنظام، وقام الكورد بحماية أمنهم وكرامتهم وحريتهم وبالعودة السالمة إلى أهلهم ومناطقهم بغض النظر عما جلبه النظام البائد من ظلم وإبادة وانتهاك لكل القيم والمواثيق الوطنية والدولية .
بعد 2003 لعب الكورد أدواراً أساسية في حماية عرب مجلس الحكم وأحزابهم وقياداتهم من التنافس والصراعات بل كان كل واحد منهم يطعن بالآخر، وجميعنا يتذكر دعوات الغداء والعشاء في بيت المرحوم جلال طالباني وهو يتوسط ويقرب وجهات النظر بين العرب السنة أو بين فرقاء الأحزاب الشيعية المتنافسة بهدايا مالية سخية استلمتها كيانات وقيادات بارزة عربية إسلامية وكيف كان دور المرحوم روز نوري ساويش، وإذا ما اشتدّت الأمور فيحضر الرئيس مسعود بارزاني وبحجمه وبجهوده مع المرحوم جلال الطالباني ليتمكن نظام بغداد من تجاوز أزمات ولادته لعدم وجود خبرة لدى أغلب قيادات العرب السنية والشيعية بعد 2003، ناهيك عن أن الكثيرين جعلوا من أربيل والسليمانية بيوتا لحماية عوائلهم من الصراع الدموي الطائفي أو من خطر القاعدة والعصابات المسلحة.
والكل يتذكر كيف كان السياسيون يحجون إلى أربيل للفوز بدعم كاك مسعود بارزاني في الحصول على رئاسة الوزراء وكم قدموا الوعود أمامه للالتزام بالدستور والشراكة الوطنية والالتزام بالاتفاقيات الحكومية والسياسية وما أن يحصل واحدهم وحزبه على الكرسي حتى ينقلب إلى وضعية عنصرية طائفية انتقامية من الكورد وكوردستان.
وقد شهدت ذلك شخصياً حين كلفني ثلاثة من المرشحين لمنصب رئاسة الوزراء لكسب ثقة الرئيس مسعود بارزاني وهم يطلقون الوعود والكلام الناضج الديمقراطي، واحدهم بعلمي وصل إلى كرسي رئاسة الوزراء ولولا الكورد لعاش وزيراً منسياً مستهلكاً. كذلك جاءني في منتصف الليل لمساعدته بلقاء كاك مسرور حيث يظن هذا الشخص وآخرين أنني استطيع الاتصال المباشر مع القيادة الكوردية وهذا غير دقيق، والصحيح أنني استطيع طرق أبوابهم حالي حال الكثيرين من العرب والكورد.
نعم مازلت أتذكر كيف استخدمت الحكومة في بغداد الرواتب لابتزاز القيادة الكوردية وإخضاعها لنزوات الحاكم القاصر في بغداد وكيف هي الإملاءات الإيرانية بهدف السيطرة على الكورد وكوردستان وكلنا نتذكر مواقف واشنطن الهشة إزاء أحزاب الحكومة ومليشياتها في استهداف مدن كوردستان بالعبوات والقذائف الصاروخية والدرون وأستمر الكورد في عطائهم.
ومع سقوط محافظات العراق بيد داعش، قصد كوردستان في دهوك والسليمانية وأربيل ملايين العرب بنسبة عالية من السنة ومن أهلنا الشيعة من بغداد والمحافظات الجنوبية أو من الشيعة سكنة الموصل وديالى وصلاح الدين والأنبار، ورغم الضغط الأمني والسكني والخدمي استقبلت كوردستان العرب النازحين والهاربين بقلوب مفتوحة شعباً وحكومةً.
ونتذكر كيف رد الرئيس مسعود بارزاني على مشكلة حدثت بين شباب كورد وعرب قائلاً "كلهم ضيوفنا"، وأوصى بتعليمات دقيقة لتحمل الضيوف وإكرامهم حتى إذا أخطأ أحدهم. وكيف كانت تعليمات حكومة كوردستان بتقديم الخدمات الصحية وغيرها للعرب حالهم حال الموطن الكوردي، وكيف فتحت آلاف المدراس لاستقبال أطفال النازحين وأغلب هذه المدارس تحملت حكومة كوردستان ايجاراتها ونفقاتها ورغم الفراغ الأمني الكبير في بغداد والمحافظات كانت التعليمات للأجهزة الأمنية الكوردية بالتعاون مع العرب النازحين وتسهيل أمورهم وحمايتهم وبلغ أعداد النازحين وقتها أكثر من مليوني عربي ومنهم مليون عربي استقروا بين أهلنا الكورد وكوردستان.
ولابد هنا من الإشارة إلى الدور الإيجابي للجوامع والكنائس في كوردستان باحتضان النازحين بمظاهر وطنية أخلاقية إنسانية يتذكرها النازحون باعتزاز وامتنان وعرفان إلا أن حكومة الموتورين في بغداد تتسارع بتحويل أي نقاش او اختلاف سياسي إلى عقاب جماعي للمواطنين والموظفين الكورد وهنا ليعلم ويتعلم سياسيو الصدفة أن أعدادًا كبيرة من العراقيين غير الكورد هم موظفون في كوردستان في القطاعات الصحية والطبية والتربوية والصناعية بل وأعداد كبيرة في وزارتي الداخلية والبيشمركة من عرب المناطق المتنازع عليها بل وبغداد والبصرة وليعلم العنصريون أن الزمالات الدراسية للدراسات العليا فيها من العرب سكنة كوردستان بعد 2003 وارسلوا على حساب حكومة كوردستان واكملوا دراستهم والآن هم موظفون ومنهم في القطاع الجامعي في الوقت الذي تحرم به وزارات الحكومة الاتحادية في بغداد وبمنهجية طائفية وعنصرية المواطنين العرب وغير العرب من حقوقهم وليس آخرها السياسة العنصرية الناقمة على استقلالية حكومة كوردستان ونجاحاتها مقابل خنوع قرارات حكومة بغداد إلى المليشيات والنزوات الولائية الإيرانية.
إن تجويع كوردستان هي جريمة تمييز عنصري وما على السيد السوداني الآن إلا التعجيل برفع هذا الظلم ولجم انفعالات وزراء الصدفة والإعلام المحرض المأجور .
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن