مبادرات إقليم كوردستان في التعايش السلمي

سارا زيد محمود

يعد إقليم كوردستان المأوى والحضن الحنو الذي احتضن جميع المكونات والأعراق والأديان، وساهم في دعم المهاجرين والعمل على إيجاد خطط لخدمة الوافدين إلى الإقليم دون الشعور بالغربة ودعم المتضررين من الهجمات الإرهابية التي واجهتها المكونات المتعددة في كوردستان بالأخص المسيحيين والكاكائيين والإزيديين.

 إحدى هذه الخطوات المشرفة التي وجدناها من السيد الرئيس (مسعود البارزاني) رفض المشاركة في الانتخابات البرلمانية (2024) لأجل ضمان حقوق الـ (كوتا) وتحقيق المساواة بين المكونات ورفض أي تدخل خارجي لا يصب في مصلحة العراق بمكوناتها ومذاهبها وأديانها. 

واجه الكورد على مر التاريخ اضطهادات من الأنفال والإبادات الجماعية، لأجل العمل على إذابة الكورد لمحو هويتهم وثقافتهم، لكن بمساندة السيد (مسعود بارزاني) ومواجهة هذه التحديات في مواجهة الظلم والجور وعدم الاستلام للعدو، وعقد صفقات سلام لتعريف هذه الإبادات الجماعية للدول والمنظمات الإنسانية لتشكيل محاكم دولية في محاكمة الإرهابين، ولعبت هذه الخطط الجادة دورها في بناء كوردستان متقدم بعيد عن النزاعات الطائفية المتواجدة في المناطق المجاورة، وساهمت في توعية الفكر الجماعي في الإقليم من خلال عقد مؤتمرات للكورد الفيليين والكاكائيين واليزيدين والمسيحيين، فهذه المؤتمرات والحملات التي تقام على أساس توطيد العلاقة بين المكونات لتشكيل باقة من المكونات المتكافلة نحو الحب وتقدير الآخر ونبذ الكراهية وتشكيل إخوة وعلاقات مثمرة، لكي تستمر كوردستان في التقدم والتعايش بين المكونات والأطياف المتعددة.

احتفى الإقليم قبل أيام بذكرى مجزرة (سنجار) الأليمة والفاجعة في أربيل العاصمة، وعقدت في بغداد من قبل البرلمانيين الكورد مؤتمرات مع الرؤساء والأحزاب العراقية، وتم الإصرار على دعم الكورد الايزيدين دعماً معنوياً ومادياً وإعمار مناطقهم، كما أعلن السيد (مسرور بارزاني) عن البرنامج الداعم  بتعويض لـ 3000 امرأة ناجية من التنظيم الإرهابي (داعش) بتخصيص مبلغ مالي شهري مدى الحياة، انطلقت مراسيم الإعلان عن هذا البرنامج يوم الثلاثاء 2 تموز/ يوليو 2024، في قاعة سعد عبدالله بالعاصمة أربيل، وكذلك صرح رئيس حكومة الإقليم بأن ((الإخوة والأخوات الإيزيديين جزء أصيل من الشعب الكوردي)). 

جدد رئيس الحكومة أن دعمه للمكونات الإيزيدية سيستمر في إتاحة الفرصة لهم لإكمال الدراسة والرجوع إلى صفوفهم من دون أي شرط وقيد، ومن الجانب الصحي سيعمل الإقليم لتوفير كل المستلزمات للإخوة الإيزيديين، والإصرار على مطالبة حقوقهم من المجتمعات الدولية والمنظمات الإنسانية لفتح محاكم دولية لمعاقبة الإرهابين، لكي لا تتكرر هذه الإبادات بحق الشعب الكوردي.

وتم تكريم الفتاة (شيرين) الإيزيدية التي تخرجت من الجامعة بعد إصرارها لمواجهة الاضطهاد بالتعليم والتفوق، وصرح سعادة رئيس الحكومة بقوله: ((سعدت بتقديم شهادة شرف الصمود، لإحدى الناجيات من داعش، وهي (شيرين خيرو خوديدا)، في حفل تخرج طلاب الجامعة الأمريكية في كوردستان بدهوك الشهر الماضي، وهي قصة غير مسبوقة، على الرغم من اختطافها واحتجازها عدة سنوات على يد داعش، لكنها أصرت على مواصلة دراستها وأصبحت رمزاً لمقاومة إخوننا وأخواتنا الإيزيديين)).

اهتمت الكابينة التاسعة بدعم الثقافة الكوردية والتأليف وعقد الندوات التي تساهم في الحفاظ على التراث الكوردستاني وتركز على المكونات وبناء رؤية مشاركة لمستقبل كوردستاني متقدم، كما وجدنا صدرت عن مؤسسة (كوردستان كرونيل) ودعماً من رئيس حكومة الإقليم الألبوم الفوتوغرافي الوثائقي بورتريه حول حياة (الإيزيديين) في العالم للفنان التشكيلي الكوردي (روستم آغالة)، وقد طبعت بجودة عالية في إحدى المطابع خارج الإقليم، وتم الاحتفاء بصدور البورتريه وعقد حفلة توقيعية لتعريف البورتريه في ذكرى إبادة الإيزيدين بتاريخ ( 5-8-2024) في أربيل بحضور مثقفين ومسؤولين ووزراء ومنظمات عالمية ومحلية وإذاعات تلفزيونية لهذه الفاجعة وتعريفها بالعالم.

 ونختم بتجديد تذكير الحكومة العراقية للوفود بوعودها في تحقيق مطالب هذه الفئة اليزيدية والفئات الأخرى، كواجب إنساني وقانوني في تعويضهم ودعمهم بشتى الوسائل لأجل تحقيق السلام وتعويض جزء قليل من الاضطهاد الذي توجه لهم، لأنهم جزء من الدولة العراقية وواجب مشروع للحفاظ على المكونات دون تفضيل أي مكون على الآخر لأجل المصالح القومية والمذهبية والعرقية.