Erbil 16°C السبت 05 تشرين الأول 03:14

"التحديات والآفاق".. زيارة الرئيس بارزاني إلى بغداد ومسارات الحوار بين إقليم كوردستان والحكومة العراقية

تؤكد زيارة الرئيس مسعود بارزاني إلى بغداد حرص إقليم كوردستان على إيجاد سبل جديدة للحوار في سبيل حل المشاكل العالقة، وهذا لا يتحقق إلا بتنحية النزاعات الماضية جانباً مقابل تطوير واستحداث سبل جديدة للتحديات المشتركة

تعدّ زيارة الرئيس مسعود بارزاني إلى بغداد حدثًا سياسيًا بارزًا، حيث تستقبل العاصمة وفدًا رفيع المستوى من إقليم كوردستان بقيادته، وهو أحد أبرز القادة في المنطقة. تحمل هذه الزيارة دلالات عميقة تتجاوز إطار اللقاءات الروتينية، إذ تؤكد على أهمية تعزيز العلاقات الثنائية والعمل المشترك بين الطرفين.

تأتي زيارة الرئيس بارزاني إلى بغداد في وقت حساس، حيث يواجه العراق تحديات كثيرة على الصعيدين الداخلي والخارجي. وقد أظهرت التجارب السابقة أن الحوار والتعاون بين مختلف الأطراف هو السبيل الأمثل لحل الأزمات وتحقيق الاستقرار. إن العلاقات بين الإقليم والحكومة المركزية ليست مجرد علاقات بين حكومة محلية وحكومة اتحادية، بل هي نموذج لشراكة وطنية ترتكز على المبادئ الدستورية والقانونية التي تحدد ملامح الدولة العراقية الحديثة.

من بين القضايا الهامة التي ممكن ان يطرحها على طاولة الحوار هي مسألة المخصصات المالية لإقليم كوردستان من الموازنة السنوية. لقد كانت هذه القضية محل خلاف لسنوات طويلة، وقد أثرت سلباً على العلاقات بين الجانبين. إلا أن التوجه الجديد الذي يعتمده الإقليم والحكومة المركزية يعتمد على الشفافية والالتزام بالقوانين والاتفاقيات المبرمة. ويعد دستور العراق الدائم هو المرجع الأساسي في هذا السياق، حيث ينص على ضرورة توزيع الموارد بشكل عادل يضمن حقوق جميع المواطنين.

في هذا السياق، تأتي قضية رواتب الموظفين في إقليم كوردستان كأحد أهم المسائل التي تحتاج إلى تسوية. إن ضمان حقوق الموظفين والحفاظ على استقرارهم المادي هو خطوة أساسية لتحقيق التنمية والاستقرار في الإقليم. كما أن تطبيق قانون النفط والغاز بطريقة تضمن استفادة جميع الأطراف هو عامل آخر يساهم في تعزيز الثقة المتبادلة بين الإقليم والحكومة المركزية.

من جهة أخرى، لا يمكن تجاهل قضية سنجار وتعويض النازحين المتضررين من هجمات تنظيم داعش الإرهابي. إن إعادة بناء المناطق المتضررة وضمان عودة النازحين إلى ديارهم بكرامة وأمان هو واجب وطني يتطلب تعاون جميع الأطراف. ويأتي تطبيق المادة 140 الدستورية كجزء من الحل الشامل لهذه القضية، حيث تنص هذه المادة على إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الأحداث التي أدت إلى النزوح والتشرد.

التعاون بين الإقليم والحكومة المركزية لا يقتصر فقط على الجوانب المالية والإدارية، بل يتعداه إلى الجوانب الأمنية والسياسية. إن مواجهة التهديدات المشتركة تتطلب تنسيقاً مستمراً وتبادلاً للمعلومات والخبرات بين القوات الأمنية في الجانبين. ومن هنا، فإن تعزيز القدرات الأمنية وتطوير استراتيجيات مشتركة لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة هو أمر ضروري لحماية الأمن القومي.

على الصعيد السياسي، تعتبر مبادئ الشراكة والتوافق والتوازن التي يرتكز عليها دستور العراق الدائم هي الأساس لبناء علاقات متينة ومستدامة بين الإقليم والحكومة المركزية، وإن اعتماد هذه المبادئ يعزز من فرص التفاهم والحوار البناء، ويسهم في تحقيق الأهداف المشتركة التي تخدم مصلحة جميع العراقيين.

بالإضافة إلى ذلك، فإن تعزيز التعاون الاقتصادي وتطوير البنية التحتية المشتركة هو عامل آخر يساهم في تعزيز العلاقات بين الإقليم والحكومة المركزية. إن الاستثمار في المشاريع التنموية والبنية التحتية يسهم في تحقيق النمو الاقتصادي ويوفر فرص العمل، مما ينعكس إيجاباً على حياة المواطنين في جميع أنحاء العراق.

تؤكد زيارة الرئيس مسعود بارزاني إلى بغداد حرص إقليم كوردستان على إيجاد سبل جديدة للحوار في سبيل حل المشاكل العالقة، وهذا لا يتحقق إلا بتنحية النزاعات الماضية جانباً مقابل تطوير واستحداث سبل جديدة للتحديات المشتركة.
 

الأخبار كوردستان

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات حتى الآن

الرد كضيف

هل ترغب في تلقي إشعارات؟
ابق على اطلاع بآخر أخبارنا وأحداثنا.