عزيز شركاني
أعلنت وزارة الهجرة والمهجرين في العراق عن قرارها بإغلاق مخيمات النازحين وإعادة سكانها إلى مناطقهم الأصلية، وقد تم وصف هذه العودة بأنها "طوعية"، في حين أن قرار إغلاق المخيمات يعد في جوهره قرارآ إجبارياً، هذا التناقض الصارخ يثير العديد من التساؤلات حول مدى احترام هذا القرار للقوانين الدولية والمحلية التي تكفل حقوق النازحين.
من المفترض أن تكون العودة الطوعية خيارآ يختاره النازحون بناءً على توافر ظروف آمنة ومستقرة في مناطقهم الأصلية، ولكن عندما يجبر النازحون على العودة بسبب إغلاق المخيمات، تصبح هذه العودة قسرية بكل المقاييس، هذا النهج يتعارض مع المبادئ الدولية التي تنص على احترام حقوق الإنسان وكرامته، ويخالف التزامات العراق تجاه مواطنيه الذين لم يتمكن من حمايتهم في الماضي.
نزوح هؤلاء الأشخاص لم يكن خيارهم، بل فرض عليهم نتيجة فشل الحكومة في حمايتهم من تنظيم داعش الارهابي سنة 2014، في حين الحكومة ملزمة قانونيآ و أخلاقيآ بحماية مواطنيها ولكنها أخفقت في ذلك، والآن بدلاً من توفير حلول مستدامة، تدفعهم مرة أخرى نحو مناطقهم التي تفتقر إلى البنية التحتية والخدمات الأساسية، مما يزيد من معاناتهم.
المناطق التي يعاد إليها النازحون غالباً ما تكون غير مؤهلة لاستقبالهم، تفتقر هذه المناطق إلى الخدمات الأساسية مثل المدارس والمستشفيات والكهرباء والماء وشبكات الصرف الصحي، ومن المثير للشفقة تخصيص 4 ملايين دينار فقط لدعم العودة، وهو مبلغ غير كاف ليس فقط لبناء منزل انا غير كاف حتى لشراء خيمة.
ا أحد يعارض عودة النازحين إلى مناطقهم الأصلية، بل هي خطوة ضرورية للحفاظ على التركيبة الديمغرافية لهذه المناطق والتخلص من الظروف المزرية في المخيمات، لكن يجب أن تكون هذه العودة مدروسة و مبنية على خطط تضمن توفير سبل العيش الكريم، و يتطلب الأمر تعويضات كافية لتمكين النازحين من بناء منازلهم من جديد، وتوفير البنية التحتية الأساسية لاستقبالهم.
ينبغي أن تحترم العراق حقوق النازحين كما صادقت على عدة اتفاقيات دولية وضعت لحماية حقوق النازحين، مثل المبادئ التوجيهية بشأن النزوح الداخلي 1998 التي توفر إطارآ لحماية حقوق النازحين داخلياً، و اتفاقية جنيف سنة 1951، بالإضافة إلى ذلك، وضع العراق تشريعات داخلية تتعلق بحقوق النازحين، من بينها القانون رقم 21 لسنة 2009 والقانون رقم 76 لسنة 2012 الذي يعزز حماية حقوق النازحين ويؤكد على التزام الحكومة بتقديم الدعم اللازم لهم.
تقع على عاتقنا جميعاً مسؤولية أخلاقية للوقوف ضد مثل هذه القرارات غير المدروسة، يجب أن نطالب بحقوق النازحين وأن نضمن لهم عودة كريمة وآمنة، العراق بلد غني بموارده، ويمكنه تخصيص ميزانية مناسبة لحل هذه المشكلة بدلاً من اتخاذ قرارات تعسفية تتجاهل الواقع المعيشي لهؤلاء النازحين.
قضية النازحين لا ينبغي أن تعامل كقضية سياسية بل هي قضية إنسانية تستوجب التعامل معها بإنسانية واحترام لحقوق الإنسان، يجب على الحكومة العراقية مراجعة قراراتها وتبني خطط تضمن عودة كريمة ومستدامة للنازحين، وتقديم الدعم الكافي لهم لإعادة بناء حياتهم في مناطقهم الأصلية.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن