Erbil 12°C الإثنين 04 تشرين الثاني 07:47

بريد المحبة الضائع

Zagros TV

ملهم الملائكة

وصلني تواً إيميل فيه رسالة عشق من كاتب معروف يتحبب متخفياً تحت أسم (م.ع. الشمري)، أنشر هنا مساحة من الرسالة لا تكشف عن خصوصيات شخوصها، فالكاتب صديقي وحبيبته كذلك.

كل الأشياء الجميلة في العالم هي "ممنوعة أو محرمة أو تسبب السمنة أو تفضي للإدمان" وتبدأ القائمة بالقبلة ولن تنتهي بالشوكولاتة.

وكنت تحبين القُبل والعطر والشوكولاتة، لذا أرسلت لك إيميلا مكتوبا على ورق الشوكولاتة وغارقا افتراضياً في رضاب قبلاتنا، وانتظرت ردك فتأخر آلاف الدقائق وجاء محملاً بالوعيد وبرائحة قطيعة فاحت من مفتاح عباراتك حين قلتِ:

بيننا ربع قرن من فراق، وبيننا وظيفة سوف أخرج منها قريباً بصفة مدير عام، وبيننا حجاب أكرهه وألبسه طمعا في الوصول إلى عملي بسلام، وبيننا جسر الأئمة، حيث أقف أمام مسجد النعمان بالأعظمية وشمع المولد النبوي في يدي، فيما يقف خواصك وأهلك في الجانب الآخر من دجلة أمام الحضرة الكاظمية وهم يؤدون مراسم زيارة الضريحين.

بيننا فوارق التشيع والتسنن وقد أحياها زلزال أصاب البلد في ربيع عام 2003، فنجوت منه وأنت في غربتك وغرقت فيه وأنا في بغداد مركز الزلزال.

لم أفهم بعد ذلك كل ما كتبتهِ لأنّ اتهامكِ لي بالتشيع أذهلني.

ذهبت إلى أمي أسالها إن كنتُ حقا شيعيا ويزور أهلي وخاصتي الكاظمين للتبرك؟ ضحكت وقالت: أنا كوردية، ولا يهمني حقا إن كنت شيعيا، فلي أهلي في كوردستان الجميلة وهم يوقدون في أقصى كورك نيران نوروز كل عام إيذانا بربيع جديد يحلّ في أرضهم التي عادت لهم بعد قرون متصلة من الحرمان والاغتصاب. ولا أود أن أورثك صفة التشيع، فأن تكون كورديا بالنسبة لي خير ألف مرة من أن تكون شيعيا أو سنيا عربيا.

ذهبت إلى أبي لأستفيد من خبرة قراءات معمقة راكمها عبر عقود، وسألته: هل نحن من شيعة علي حقا، وماذا يعني ذلك؟

استغرب لسؤالي واتسعت حدقتاه غضبا، ورفع عن أنفه نظارة القراءة نافثا دخان سيكارته الغليظ وهو يقول: ليتك تكف عن هذا ونحن في مطلع القرن الحادي والعشرين، ولو سألتني عن نفسي فأنا عابر للأديان عابر للطوائف عابر للأقوام عابر للشعوب، أممي أنا مع الحياة ومع الإنسان مادام لا يفارق آدميته.

لكن ما قاله أبي وأمي إنما هو رجع في مخيلتي انبعث من نواحي قبريهما المتلاصقين بأرض بور جرداء وسط العراق، فأضحكني أنّ الأموات في صمتهم الكئيب يعلّمون الأحياء بديهيات الحياة.

وعدت لك ببريد الانترنيت الذي يحمل معه حتى الموسيقى، فبحت لك بشوقي لأنّ أمرّ بيدي على جيدك وشعرك القصير متلمسا شفتيك وهما تئنان في لهيب قبلاتنا.

أجبتني في نفس الليلة:

إنّ تاريخ قبلاتنا قد توارى خلف سنوات القتل والحرمان، وملاذاتنا في الوزيرية والكرادة والسندباد وكورنيش الأعظمية وكورنيش الكاظمية وساحة الاحتفالات الكبرى وجزيرة التاجيات والزوراء الساحرة حيث تركنا على كل شجرة آثارنا قد أضحت بعضا من وهم.

أما ظلام سينما المنصور وقاعة سميراميس حيث طالما تحدى عناقنا المحموم عناصر أمن صدام والبعث والحركة الطلفاحية (شرطة الآداب) فقد أمسى دامسا مخيفا يؤوي القتلة والذباحين وصنّاع المتفجرات.

لذا أقول لك يا بعضي المنسي "نحن لا نريد الحب، فهو جزء من الممنوعات والمحرمات، وقد يكون باعثا على السمنة وهو بالتأكيد مسبب للإدمان".

"حييت تنكرني وتعتذر".

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات حتى الآن

الرد كضيف

هل ترغب في تلقي إشعارات؟
ابق على اطلاع بآخر أخبارنا وأحداثنا.