مهند شوقي
بلا أدنى شك يخضع أي مفهوم سياسي في بيئة حكم ديمقراطية لجملة تفصيلات تجيز أو تعطي الحق للقبول من عدمه أو المساومة على تغيير المواقف بما يتلاءم والحالة الآنية أو المستقبلية لضمان البقاء كحالة لا تقبل الشك أو التفسير من مبدأ التعريف السياسي ... سيما وأن الأعراف السياسية في البلدان المنتهجة لشكلية الحكم التعددي أو التوافقي تتيح ذلك وهذا ما لمسناه واقعا في بلد يعيش ذات التجربة الأولى منذ عشرين عام وهو العراق الديمقراطي الجديد وقد لا نجد متسعا من الوقت لبيان حالة معينة للذكر دون سواها سواء أكانت تخص حزبا بعينه أو كتلة أو توافق ما بين عدة أحزاب سينتج عنه تشكيل لاحق تحت عنوان التحالف الجديد ...
كل شيء في عالم السياسة الديمقراطي في العراق يقبل النقاش ولا غرابة أن تتغير المواقف فهي الأخرى قد تتاح إذا ما بررت الغاية أي وسيلة تدعم البقاء ضمن المحيط السياسي والتشكيل السياسي لاحقا وولدت هذه البيئة الملائمة للحضور نشوء عدة أحزاب منها ما هو فرع من أصل قديم ومنها ما هو معارض شُكِلَ كحالة أريد لها أن تكون ! المشهد السياسي هذا يعيشه العراق الجديد بدورات حكم الأربع سنوات ونشرات اخباره اليومية بعواجلها التي باتت شبه مألوفة إن تشابهت المواقف السياسية او أختلفت او حتى كان عنصر المباغتة حاضر فيها بمساوماته التي لا تنفك عن الحضور !
الحالة الفريدة ضمن أطر الحديث هذا شكلت حقيقة مغايرة للمطروح من الذكر وإن كان شكله ديمقراطيا وهي حقوق شعب إقليم كوردستان التي تبنتها قيادة الإقليم ممثلة بالرئيس مسعود بارزاني ومنذ مطلع التشكيل الأول لحكومات العراق الديمقراطي الفيدرالي الجديد أو الذي كان مفترضا أن يكون كذلك !!! بعد أن قبل الكورد أن يكونوا ضمن تشكيلة الحكم عام 2005 واضعة القيادة أمام عين ضميرها ومن باب المسؤولية الملقاة على عاتقها قضية شعبها فهي إرث لقضية بل لقضايا تتعلق بمعاناة الكورد من إبادات جماعية وتعريب وقصف قرى وتهجير وقتل على الهوية قبل أن يصلنا هذا التعريف مفهوما في حكم الديمقراطية الجديد ! وهي نتاج لثورات شعب ابتدأت من معاهدة سيفر التي ابتعلت حقوق الكورد الى ثورات أيلول وگولان وما لحقها من انتفاضة وضعت أسس ونواة شكل الحكم في إقليم كوردستان منذ عام 1991 وحتى يومنا هذا ....
تلك هي الحقيقة من الأساس بعد أن قبل الكورد الشراكة في معادلة العراق الجديد و التي لم تخضع لإيديولوجيات الديمقراطية السياسية التي قد تجيز المساومة او المهادنة على الحقوق من أجل مكسب في زمن صارت به المناصب في العراق تباع وتشترى ذمم المسؤولية من حيث الإناطة وتخضع لأي شيء ! فالأساس من الأساس تأريخ لنضال كوردي عله لم يفهم حتى الان من الجانب الآخر، أقصد من منظور سلطات العراق الجديد، أو قد يكون مفهوما فالتجأت بعض العقول لتضرب بعرض الحائط تأريخ تلك الثورات والدماء التي سالت وشكلت واقع إقليم كوردستان القديم المتجدد بذات المبادئ الأولى ...
لم تشكل تلك الأفكار المريضة واقعا مغايرا للإقليم الثابت على المبادئ والمستمر في نهضة البناء والإعمار وإن استخدمت بحكم سلطاتها الدستورية وغير الدستورية الإعلام توجيها لضرب حقوق شعب إقليم كوردستان أو إن وجهت وسائلها الاخرى لتقسيم شعب الإقليم من خلال دعمها لبعض الأحزاب الكوردية أو ممارسة الضغط الاقتصادي عله ينتج حالة تتيح المساومة او القبول أو المهادنة !!! لكنها حتما ستقع بفرضية واقع الفشل لأن الأساس من الأساس كما قلت، ثابت ولأن الفعل يقابله رد فعل والأخير له حقوق لا تقبل النقاش.
لذلك شَكَل إقليم كوردستان مفهوما متوازنا ما بين القبول بشراكة الديمقراطية مع العراق والثبات على المبادئ لحقوق شعب الإقليم التي لن يتنازل عنها كما وسجلت مواقف الإقليم قيادة وشعبا مع النازحين واللاجئين عندما دخل الإرهاب المحافظات العراقية صورا رائعة لم تختلف عن دفاعات قوات البيشمرگة وثباتها عند تحرير العراق وقبل ذلك في مقارعتها الأنظمة الدكتاتورية او الشوفينية بكل اشكالها أو السلام الذي حققته القيادة في مدن الإقليم ما بين الجميع ومن دون استثناء إن كانوا كوردا او عربا او مسلمين أو مسيحيين أو ايزيدين او صابئة مندائيين أو غيرهم، لذا ومن باب الإنصاف والتذكير بالحقوق يصار واجبا الذكر أن نتفق بأن الشعوب التي لها قضايا لن تتنازل عنها قياداتها ولا هي إن كان الزمن يحكمه دكتاتور صار شيئا من الماضي أو كانت ديمقراطية تخال أن القدرة مؤاتية لضرب حقوق الشعوب وللماضي دائما عبرة وعبر علها تكون موعظة لسلطة الحاكمين اليوم .!
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن