Erbil 7°C السبت 23 تشرين الثاني 02:42

التغير المناخي ومستقبل الأرض

الأرض باتت قريبةً من نقطة اللاعودة بحيث لن تفيد معها أية معاهدات أو اتفاقيات أو إجراءات في المستقبل القريب إذا لن نقم وبأسرع ما يمكن في تقليل انبعاث الغازات الدفيئة عن طريق التقليل في استخدام الوقود الأحفوري وزراعة المزيد من الأشجار ولكن ما يحدث في الواقع شيء آخر وهي على النقيض فمساحات الغابات في تقلص مستمر

*د.لقمان المفتي
 
لا شك في اننا جميعا خاصة ممن هم فوق سن الأربعين نشعر بالتغيرات الكبيرة التي تحدث للمناخ و الطقس من سنة لأخرى من ارتفاع في درجات الحرارة و استمراره لفترات أطول وتكرار سنوات الجفاف و زيادة في العواصف الترابية وشدتها و حتى التغير في نمط الأمطار بحيث أصبحت ذات طابع من الرشات الغزيرة السريعة و التي لا تفيد لا في الزرع و لا في تغذية المياه الجوفية و كثيرا ما تسبب في فيضانات و خسائر في الأرواح و الممتلكات، هذه الأمطار في الماضي كانت معظمها على شكل أمطار ديمية تستمر لأيام تشبع الأرض و تفيد الحجر والشجر.

 تعرضت مدينة أربيل عاصمة أقليم كوردستان العراق في الموسم الماضي الى أربع فيضانات بالرغم من ذلك أعتبرت ذلك الموسم من أسوأ مواسم الجفاف لأن الأمطار كانت من حالات عدم استقرار وليست منخفضات وتحولت الى فيضانات دون فائدة تذكر بل تسببت في خسائر في الأرواح و الممتلكات. هذه الأحوال الجوية تكررت في مدن أخرى في منطقة الشرق الأوسط و مناطق أخرى في العالم.

الحديث عن التغير المناخي لم يعد دعاية إعلانية كما كان يروج لها بعض الجهات سابقاً، بل على العكس فأن المعارضين لفكرة التغير المناخي في النصف الشمالي الغني للكرة الأرضية كانوا أكبر من مناصريه وذلك لأن الدول الصناعية كانت تعتمد ولا تزال على الطاقة غير النظيفة في صناعتها وتطورها واقتصادها وهي أي هذه الدول لم تنفذ التزاماتها بشكل كامل حسب الأتفاقيات الدولية حول المناخ وتقليل أنبعاث الغازات الدفيئة لأنها كانت تضر في اقتصادياتها ولكنها وبمرور الوقت وفداحة تأثير التغيرات المناخية حتى على هذه الدول نفسها أصبحت على يقين بأن الارتفاعات المستمرة لدرجات الحرارة ليست في مصلحتها أيضاً وأن الحديث أصبح الآن يدور فيما لو أن المناخ يتغير أسرع مما كان يتصوره علماء المناخ والنماذج العددية العالمية للمناخ وهنالك العديد من الأبحاث والتقارير العالمية حول هذا الموضوع و أن وصول درجات الحرارة في غرب كندا إلى نهاية الأربعين في العام الماضي وكذلك في بريطانيا ودول أخرى في أوروبا والأمطار الأخيرة في الجزيرة العربية والصحراء الكبرى وارتفاع درجات الحرارة في القطبين إلى مستويات قياسية وأحداث أخرى كثيرة كلها تدل على أن التغيرات المناخية تحدث بوتيرة اسرع مما كان يعتقد وربما يحدث في المستقبل تغيرات وكوارث طبيعية ليست في الحسبان.

الارتفاع المستمر في نسب الغازات الدفيئة في الجو بسبب الاستمرار في استعمال الوقود الأحفوري في توليد الطاقة وبسبب زيادة مساحات الغابات المحترقة سنوياً وأساليب الزراعة المكثفة و مسائل أخرى كلها ستزيد من الطين بلة في المستقبل وسنرى المزيد من الفيضانات المدمرة وسنوات الجفاف المتكررة و التطرف في الطقس وستكون لها تأثيرات كارثية عى البنية التحتية وإنتاج الغذاء العالمي. 

إضافة لتأثير الغازات الدفيئة على مناخ الأرض والتي هي في معظمها من إنتاج الأنسان؛ هنالك عدد من محركات المناخ الطبيعية والتي غيرت وما تزال تغير في مناخ الأرض بحيث مرت على الأرض في الماضي السحيق فترات حارة اختفى فيها الثلج حتى في القطبين وبين فترات باردة جداً تجمدت فيها حتى مناطق قرب الاستواء وهذه المحركات الطبيعية للمناخ منها تحدث بشكل ثابت تقريباً ودورية مثل حركات دوران و محاور الأرض والطاقة التي تنتجها الشمس و هنالك أيضاً أحداث أو كوارث أثرت وربما تؤثر على مناخ الأرض في المستقبل ولكن حدوثها ليست دورية ومنضبطة مثل اصطدام النيازك الكبيرة بالأرض وكذلك انفجار البراكين.

وأخيراً نستنتج فيما تطرقنا اليه آنفاً بأن الأرض باتت قريبةً من نقطة اللاعودة بحيث لن تفيد معها أية معاهدات أو اتفاقيات أو إجراءات في المستقبل القريب إذا لن نقم وبأسرع ما يمكن في تقليل انبعاث الغازات الدفيئة عن طريق التقليل في استخدام الوقود الأحفوري وزراعة المزيد من الأشجار ولكن ما يحدث في الواقع شيء آخر وهي على النقيض فمساحات الغابات في تقلص مستمر بسبب قطع الأشجار وحرائق الغابات ومساحة المدن تزداد كل عام وكميات النفط و الغاز والفحم الحجري المستخرجة سنوياً أيضا في تزايد، لذلك ومع الأسف يبدو مستقبل الأرض أكثر قتامة مما نتصور إذا استمر العالم على هذا النهج.   

*خبير في شؤون البيئة والمناخ

العالم

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات حتى الآن

الرد كضيف

هل ترغب في تلقي إشعارات؟
ابق على اطلاع بآخر أخبارنا وأحداثنا.