Erbil 18°C السبت 23 تشرين الثاني 10:37

يوم عاشوراء ... ثورة تعلمنا كيف ننهض من الرماد

Zagros TV


سعد الهموندي
حدث عاشوراء لم يكن سوى الحدث الذي أنهى كل شيء، حدث كانت فيه لغة الدم تصدح وتعلو على أي شيء آخر، لغة تفردت بمعاني أنهت كل ما قد يأتي بعدها، ليتحول يوم عاشوراء من يوم عادي إلى قضية تاريخية، إنها قضية الحُسين عليه السلام، التي تعتبر منارة علم نستقي من خلالها عبرة حياتية ترافقنا إلى يوم يبعثون.
فثورة الحسين كانت أعظم وأقوى في دوافعها وأسبابها من أن يؤثّر في اندفاعها غدر الناس، أو أن يقف في طريقها خيانة الأعوان وانقلاب المنقلبين، فهي لم تكن ثورة للجلوس على كرسي سياسي، ولا على منصب أو مال، بل كانت نهضة إنسانية، نهضة تعيد للإنسان معاني حياته وأسبابها، لتقوّم الطريق، وتعّدل الفكر، وتوازن الرؤى، فهي ثورة إصلاح وثورة عبادة وثورة إيمان، باختصار كانت ثورة إنسان باحث عن العدل لإنسانيته، فكان الحسين شمس هذه الثورة وهذه النهضة وكان يوم عاشوراء خاتمة النهضة التي أُريد لها أن تُدفن وسط الصحراء.
المثير في الأمر أن عاشوراء هذا بات يتكرر في أرض العراق كل حين، فمنذ ذلك اليوم وثورة النهضة الحسينية تحاول الشروق في عدة أوجه وعدة صور لكن في كل مرة تُدفن وتموت في عاشوراء جديدة وهكذا...
فالجماعات البشرية منذ ذلك اليوم وإلى اليوم وهي تنادي بالوحدة وبالنهضة وبحب تراب الوطن بل وتنادي بالكرامة والإنسانية لكل إنسان، والغريب في الأمر أنه وعلى الدوام كانت ومازالت الجماعات السياسية تظهر لتفعل عكس ذلك، فنجد الضمائر مختلفة والأفكار مشتتة والرؤى مفرقة وكل ذلك ينعكس قهراً على أبناء الشعب الواحد.
فحتى الآن لم نتمكن من تحويل ثورة الحسين ويوم عاشرواء إلى أداة تطبيق ودرس نأخذ منه العبرة، بل مازلنا نراه وكأنه حدث حدث بالأمس، ونكرر أخطاءنا دون أن نعي أو نتعلم من ماضينا التليد.
فالشعب العراقي جرب الحسين وعرفه وعرف كيف نشر الخير والفضيلة في ثورته وفي يومه الذي استشهد فيه يوم عاشوراء، إلا أن هذا الشعب يبتعد خوفاً عن هزيمة الطغيان والظلم أمام صرخة الحق الثائرة، وهي المعادلة التي طالما فشلنا فيها كشعوب.
فالقيم الإصلاحية الإنسانية التي خرج من أجلها الحسين عليه السلام هي خط الدفاع الرئيس للعراقيين اليوم في صراعنا مع الحضارات الأخرى، وهي الشعلة التي من خلالها نحافظ على الإنسان في داخلنا، فبفضل الحسين عليه السلام لم ينجح الظالمون في تشويه صورة الإنسان الحقيقية، وبفضل الحسين عرفنا أهمية ودور الثائرين والمُصلحين في بناء أوطانهم، وحوادث التاريخ اليوم كانت ومازالت الكتاب المفتوح الذي نتعلم منه كيف نسير في هذه الحياة.
فلتكن ثورة الحسين وليكن يوم عاشوراء المُلهم لنا لنشر الحب والتسامح والإصلاح لوأد الخراب والدمار، ولنسير على منهج الحسين لعلنا نصل إلى بناء الإنسان، لأن هذا البناء هو الوحيد الذي سيبقى وهو الوحيد القادر على إنهاء ظلم الإنسان لأخيه الإنسان.

الأخبار

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات حتى الآن

الرد كضيف

هل ترغب في تلقي إشعارات؟
ابق على اطلاع بآخر أخبارنا وأحداثنا.