هناك من يعلم ومن لا يعلم أن دور الإعلام الحقيقي كمؤسسات لنقل الوقائع والأحداث هو للنهوض
تُزن والمتوازن هو من يعمل على تحرير الشعوب منوتقدم الشعوب فكريا، إضافة إلى أن الإعلام الم
الخرافات الفكرية وتحقيق البناء والتطوير والتقدمفي مختلف مواقع الحياة والمجتمع.
ولربما يصل الإعلام في كثير من الأحيان إلى مستوىدقيق وخطير بحيثيصبحالفاعل والمؤثر الأقوى
في العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والإنسانيةعلى وجه العموم،والسياسية على وجه الخصوص،
والإعلام في حقيقته أيض اً هو ما يقوم بتنظيف الشوائب وحماية الدول والبلدان من أي هجوم فكري
يزعزع الاستقرار ويحقق التوافق والأمن والأمان، إضافة إلىتأثيرهالحاسمعلى مجريات واقعه
الاجتماعي والثقافي في سياقشبكة الإنتاج الصناعي والسياسي والثقافي الراهن.
لكن على ما يبدو أن إعلامنا العراقي من جنوبه إلى شماله مازال بعيد اً كل البعد عن المنهجية
الأكاديمية الحقيقية، بل تحول بفعل طبيعتنا الهجومية وتطرفنا الفكري إلى إعلام طبول فارغة كل
همهاأن تعمل على تسقيط الآخر والهجوم عليه وتشويه سمعته، أي باختصار إعلامنا هو إعلام
عدواني لا يحمل أي رسالة فكرية ولا أي منهجية بل إلى اليوم يفشل فشلاً ذريع اً في تعريف قضيته
بصورة سليمة للآخرين.
نعم إعلامنا طبول حرب فارغة وماء عكر هدفه تخويف الشعب وإضعافه وتحميله ما لا طاقة له به.
ُدفع كل هذه الأموال الطائلة والقادرة على بناء حضارات ومدنولربما يسأل سائل هل يعقل أن ت
وبلدان، من أجل إبقاء طبول الحرب الفارغة تقرع في آذان المستمعين والمشاهدين والمتابعين؟
أقول نعم،وبكل صراحة لأن هناك شبكات تتغذى مالي اً على الأزمات وعلى إبقاء الحالة الراهنة متوترة،
فالأمنوالأمان والسلام يزيح الغبار عن أعين الجميع فتتوضح معالم السرقاتوشبكات المافيات التي
تحصل على المليارات لصناعة حالة تخويف دائمة ما بين الطبقة السياسية من جهة والطبقة
الشعبية من جهة أخرى، وعملية التخويف هذه تنثر الغبار والضباب أمام أعين الجميع فلا يرى أحد كان
سوى طبول الحرب الفارغة بينما يتغافل عن اقتصاد منهار وملياراتمسروقة وغيرها الكثير.
فالمستفيد الأكبر من هذا الضياع الإعلامي هم تجار السياسة الذين يعملونوينتهجون مقولات وأفكار
وأساليب عمل سياسية وفكرية معينة تخص هذا الطرف أو ذاك بما يؤدي إلىصب الزيت على النار أو
إسقاط ذاك النظام من وعي الجماهير من خلال قوة التأثير الدعائي المضاد، وزيادة كمية الضخ
المسموم.
فإذا كان للإعلام السياسيفيالأنظمة الديمقراطيةالدورالكبيرفي دعم مسيرة حقوقالإنسان
وخدمة قيم الحرية والتفكيروالاجتماع والنقد، وإظهار التنمية السياسية والاجتماعية الحقيقية،
وتكريس معاني الوعي والمسؤولية، والحوار، والانفتاح، والاعتراف بالآخر، فإن الدور الذي يؤديهإعلامنا
اليوم بعيد كل البعد عن هذه المصطلحات، إنهإعلام يتعمد أن يزرع الفتن والطائفية، يتعمدفي
دعوة الناس قسري اً إلىالفكرالجامد،والوهم وسياسة التخبط والشعارات الرنانة الزائفة سواء عن طريق
اختلاق الأحداث بما يتناسب مع الرغبة الجامحةللسرقة، أو عن طريق استخدام جسور الجنس وأجسام
المذيعات والبهللة في محتوى سطحي سخيف، وبذلك يكون إعلام ااًلطبول الفارغة قد نجح نجاح
ُبهر اً فيمتحوير الحقائق،وإسقاط الرموز، وحرق الإنسانية ودفن الإنجازات السامية وصلبالتاريخ
وتزويره، ووأد الوعي العام، كل ذلك خدمةلأهداف دنيئة مالي اً وجنسي اً ومصالح اقتصاديةشخصية.
إعلامنا أيها الأخوة إعلام مأساوي يعيش اليوم مأزق اً خطير اً باعتباره إعلاممليئبالحقدوالشر،
وخطوطه الحمراء باتتاليومخطوط اً سوداء، ودوافعه لا تراعي أي توازناتسياسيةأوحكومية رسمية،
بل هو إعلام بهللي قائم على الصراخوالعياطوالتضليل من جهة، وعلى استجداء المشاهدين
بالجنس من جهة ثانية.
إعلامنا أيها الأخوة يجب أن يعود إلى واجبه وعرفه المقدس، يجب أن يعمل علىتوطيد وربط أوصال
المحبة والأخوة، يجب أنيحمل أفكار اً إقناعية أكثر من كونهاهجومية،وإن لم ننقذ إعلامنا سيتحول
مع مرور الأيام إلى إعلام ساقط مارق يحجبالقانون ويضيع العدل ويوهم المشاهدين والمتابعين أن
الآخرين هم الشياطين في محاولة دائمة لخلق حروب بطبول فارغة فيحرف المسار عن طريقه ويخلق
معادلات غير متوازنة، ليتحقق عندها هدف واحد وهو أن القائمين على هذا الإعلام مع السياسيين
المستفيدين يحصدون المليارات من خيرات البلاد والعباد، فهم لا يتقنون سوى الصيد بالماء العكر من
خلال طبول حرب فارغة
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن