Erbil 11°C الجمعة 22 تشرين الثاني 22:07

الانتخابات.. خيارات الشعب وتشكيل الحكومة

الأحزاب الشيعية التي تلعب دور الثلث المعطل وتعرقل تشكيل حكومة الاغلبية الوطنية بكافة الوسائل هي التي تضعف البيت الشيعي

*د. كمال كركوكي

بدأ العراق طريق الديمقراطية بعد ٢٠٠٣ ولن يعود إلى عهود الدكتاتورية والتسلط والتفرد؛ هذا ما ضحت من أجله كافة مكونات العراق ولسنا في صدد إضاعة كل تلك التضحيات التي قدمت في سبيل عراق ديمقراطي فدرالي متحد.

تمثل الانتخابات، وأهمها الانتخابات المبكرة التي جرت في اكتوبر ٢٠٢١ والتي أعقبت تظاهرات تشرين ٢٠١٩، وبتضحيات أكثر من ٨٠٠ شهيد والكثير من الجرحى، العقد المقدس بين المواطنين وممثليهم اَياً كانت خياراتهم؛ فالشعب هو الوحيد الذي له الحق في ان يعطي فرصة لحزب معين أو شخصية معينة أن تمثله كما وله الحق في أن يكف عن دعم حزب او شخصية او جهة معينة، ومن حق الشعب العراقي ان يحاول ايجاد حلول لمشاكله المستعصية والتي تتفاقم يوماً بعد يوم عن طريق ممثليه في مجلس النواب وحكومته. حيث ان العملية الديمقراطية ترتكز على مبدأ اعطاء الفرص المتبادلة للفرقاء والمتنافسين السياسين لكي يكون السباق حول من يخدم الوطن بشكل اكبر وافضل وليس من يتستر بالسلطة لزعزعة وضع المواطنين والوطن.

وبهذا فانتخابات اكتوبر عبرت عن المنتخبين بشكل لا يقبل الشك وأفرزت بوادر إصلاح ومرحلة جديدة في العمل السياسي في بغداد وكل العراق.

ويدلاً من ان تصطف جميع الاحزاب حسب حجمها واصواتها وتشكل حكومة رصينة وبرلمان فعّال ومعارضة قوية وجادة، بدأت الاصوات تتعالى من هنا وهناك بأن الذي يحدث هو شق  للبيت  الشيعي وخطر كبير على حقوق المكون الشيعي.

وفي هذا السياق، من المهم جدا ان ننظر بدقة الى ماهية الخيارات المطروحة امام الاحزاب الشيعية المعترضة والمتكتلة في ثلث معطل عرقل مسيرة العملية السياسية وتسبب في تعثر قرارات كان من شأنها رفع أعباء كبيرة تثقل كاهل المواطن ومشاكل مستعصية تتفاقم بشكل متسارع. فنتائج انتخابات اكتوبر افرزت فوزاً واضحاً لبعض الكتل وتراجعاً كبيراً لكتل اخرى. وهكذا وحسب المعادلة الديمقراطية فمن البديهي ان تذهب الكتل التي حصلت على اقل المقاعد  الى المعارضة بينما تقوم الكتل الفائزة أو الكتل التي استطاعت ان تتفق فيما بينها بتشكيل الحكومة لقيادة العمل الحكومي والتنفيذي.

لكن وبدلاً من أن تستغل الكتل  الشيعية التي خسرت والكتل الاخرى المتفقة معها الفرصة وتولد معارضة قوية وجادة وحقيقية تقوم من خلالها بتصحيح مسار الحكومة وتكون عضوا فعالا في العملية التشريعية؛ وتعطي المجال للجزء الشيعي الفائز بان يشكل الحكومة مع شركائه؛ قامت تلك الكتل التي لم تحصل على العدد الكافي من المقاعد بوضع العصي بالعجلة واستخدمت كافة الاساليب لكي تقف بوجه صوت الشعب والاضرار بمصالح المواطنين وإرادتهم التي عبروا عنها من خلال الانتخابات .

وهكذا وفي خضم الصراع المحموم لتشكيل الحكومة نجد أن الخطابات الاعلامية المتكررة للاحزاب الشيعية التي لم تحصل على العدد الكافي من المقاعد ومن تحالف معها تتحدث عن خطر شق البيت الشيعي اذا لم تشارك جميع تلك الاحزاب في تشكيل الحكومة!

في هذا المنعطف الخطير يجب توضيح الحيثيات الدقيقة للعملية الديمقراطية والسياسية القائمة في العراق.

الأحزاب الشيعية التي تلعب دور الثلث المعطل وتعرقل تشكيل حكومة الاغلبية الوطنية بكافة الوسائل هي التي تضعف البيت الشيعي وهي التي يجب ان تعي بان وجود أغلبية شيعية في حكومة اغلبية وطنية يرصن كثيرا من دور البيت الشيعي في السلطة والقرارات التنفيذية.

وكذلك الحال في المعارضة فوجود معارضة شيعية قوية لديها الادوات التي تستطيع من خلالها اصلاح مسار الحكومة وتشذيب العمل التنفيذي بما يلائم حاجات المواطنين، هي في الواقع تمثل صمام امان لبقاء البيت الشيعي موحدا في خدمة المواطن وحراً في قراراته السياسية.

البيت الشيعي الذي يمثل التسمية السياسية للمكون الشيعي يجب ان يكون قوياً في طرفي المعادلة (الحكومة والمعارضة) والا فالصراعات المتراكمة تؤدي الى انهيار كامل للعملية الديمقراطية ويعمق من حجم الأخطار المحيطة بالعراق وبشعبه.

*د. كمال كركوكي، رئيس مجلس قيادة كركوك – گرميان للحزب الديمقراطي الكوردستاني

العراق

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات حتى الآن

الرد كضيف

هل ترغب في تلقي إشعارات؟
ابق على اطلاع بآخر أخبارنا وأحداثنا.