بعد تجاذبات وحوار وجدل ، امتدّ ساعات طويلة ، وصلت حتى فجر الخميس 12 من تشرين الثاني الحالي ، صوّت مجلس النواب على مشروع قانون تمويل العجز المالي ، وجرى التصويت بعد أن انسحب نواب الكتل الكوردية لرفضهم تحديد حصة إقليم كوردستان العراق من نسبة الاقتراض المالي...
ووصفت رئيس كتلة الحزب الديمقراطي الكوردستاني في البرلمان العراقي، فيان صبري، مقترح مجلس النواب الخاص بإقليم كوردستان "مجحفا" بحق الكورد".
وهذا الإجحاف أمر لا يمكن لأي مسؤول يمتلك شعورا وطنيا أن يقبله ، فمكونات الشعب العراقي كلها لها الحق في أن تحصل على حقوقها بالتساوي والعدالة التي تضمن قوت الناس الذين ينتظرون من ينصفهم ، أما أن نظلم مكونا أساسياً من مكونات الشعب العراقي وهو المكون الكوردي الذي قدم تضحيات وسعى مجاهدا مناضلا من أجل إزاحة الديكتاتورية وتحقيق الديمقراطية في العراق ، فهو امر لا يمكن أن يقبل ، فكيف لا ينسحب ممثلو وهم يشهدون عرض المادة الخاصة بإقليم كوردستان للتصويت ، مع اطلاق إساءات غير متوقعة تجاه الإقليم وكأنه ليس شريكا لهم في الوطن والعملية السياسية.
على الجميع أن يتحمّل المسؤولية الوطنية والإنسانية والأخلاقية وهو يتصدى للقرار وصناعته وأولهم رئيس المجلس محمد الحلبوسي ، الذي مضى في التصويت رغم إدراكه الخطأ الجسيم الذي حدث بحق الشعب الكوردي ، الذي تم تحديد حصته حسب موازنة 2019، فهل من المعقول أن يصوّت عليه الآن ؟
أما "الكتل الشيعية" التي عملت للأسف على تعميق الإساءة المستهجنة ، المقرونة بالظلم السافر ، لمكون طالما وقف معهم في السرّاء والضرّاء ، وفتح أبوابه لهم حين ضاقت الدنيا بأعينهم ، ومازال أبرز السياسيين "الشيعة " يترددون على الإقليم مراعاة لمصالهم ، التي حافظ الساسة الكورد عليها واحترموها ..
إن الفشل الحكومي في إدارة الدولة والحفاظ على مواردها ، يجب أن يخضع لمراجعة شاملة ، واذا أراد أعضاء مجلس النوّاب أن يقدموا حلولا ترقيعية ، فيجب أن لا يشوبها هذا الارتباك المخجل و أن لا تكون على حساب مكون له وضعه الأكثر ثباتا واستقرار من كل مناطق العراق ، وحين يتعرض مكوّن آخر لحيف أو أذى ، فإنه سرعان ما يتوجه إلى مدن الإقليم قاصدا الأمان والسلام والمحبة والعيش الرغيد ، ولنا هنا أن نسأل السيد رئيس البرلمان محمد الحلبوسي " مضطرين لهذا الأسلوب في طبيعة السؤال " إنه إذا كنت تحسب نفسك أحد أبرز ممثلي المكون السنّي ، فهل فكرت كم عددهم في الإقليم ؟
هل يمكن أن تتجاهل عددا غير قليل من جمهورك الذين وثقوا بك ؟
أما مجلس النواب العراقي و الذي سهر حتى الصباح من أجل أن يخيط ما تمزق من ثوب استقرار البلاد ، كان مرتبكا غير دقيق وهو يحرم جزءا غير قليل من أبناء شعبهم من قوته وحقه المشروع في الحصول على الاستحقاق المتفق عليه ، ثم لماذا لم ينظر النواب الحاضرون لقضية انسحاب زملائهم النواب الكورد بجدية ؟
أسئلة عديدة يجب على جميع المسؤولين أن يواجهوها ، و أن لا يبعدوا أنفسهم عما حدث ، لن الشراكة الوطنية إذا لم تكن متكافئة فستكون مختلة الموازين ، وإذا كانت هذه الأساليب هي التي تحرك عجلة البلاد ، فاعلموا يا سياسيي العراق بأن المسيرة ستتعثر و أن مسار الديمقراطية سوف ينثلم ، لأنكم تفعلون ما يحلو لكم على حساب إخوتكم وشركائكم في الوطن .
إن ما حدث فجر يوم الخميس ، هو وصمة قبيحة في وجه العملية السياسية ، وهو نكران جميل لشعب هو وقادته عملوا على إعانة جميع المكونات الأخرى في فترات الضيق ، وكم من سياسي وشخصية لها حضور قصدت الإقليم فلماذا هذه الإساءة التي يراها أبناء الشعب الكوردي مقصودة ، فالأزمة المالية التي تعرض لها البلاد هي أزمة شملت الجميع ، فلماذا يكون حلها جزئيا ؟
هل أن موظفي إقليم كوردستان قادرين على تحمّل عدم دفع رواتبهم ومستحقاتهم ، بينما أبناء المكونات الأخرى غير قادرين على ذلك ؟
أي منطق هذا يا رئيس البرلمان ، وأي سلوك هذا يا نواب الكتل الشيعية، الذين نعدهم شركاء في المحنة والمعاناة والنضال ؟
هل نسيتم كل شيء ، وهل انتهى العالم عند هذه العملية التي مررتم بها قانونا ، حرم شركاءكم من استحقاق مشروع ؟
أين الحكمة الوطنية والعدالة والسلوك الإنساني والأخلاقي مما حدث ؟
إن الشعب الكوردي في إقليم كوردستان ، بقادته الشجعان المناضلين ، وجموع ابناه المخلصين الصابرين ، يستنكرون هذا التصرف غير اللائق وغير المدروس و ويعبرون عن سخطهم وأسفهم لما آلت إليه سلوكيات قادة البلاد ، الذين تصرفوا بلا مسؤولية وثلموا ركنا مهما من أركان الديمقراطية ، وبناء هذا الركن ليس سهلا مثل تهديمه ، يا حاملي أمانة الوطن !
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن