أنهى مجلس النواب العراقي الاسبوع الماضي القراءة الاولى لمشروع قانون التعديل الاول لقانون التعداد العام للسكان والمساكن رقم (40) لسنة 2008، لغرض إعادة تشكيل الهيئة العامة للتعداد ومنح رئيسها الصلاحيات اللازمة لاجراء التعداد العام.
أي ان هذا التعديل او اثارة هذا الموضوع ليس له علاقة باجراء التعداد العام المقرر اجراؤه في تشرين الثاني 2020، والذي كلما اقترب الموعد المحدد له تقوم الحكومة بتأجيله وهو (المتوقع هذه المرة ايضاً)، حيث كشفت وزارة التخطيط الاتحادية قبل عدة اسابيع عن رفعها توصية لمجلس الوزراء بتأجيل اجراء التعداد لأسباب صحية ومالية، وهو ما يعني في حال الموافقة عليه تأجيل اجراء التعداد للمرة الـثانية عشر لاسباب وخلافات سياسية واقتصادية وامنية وغيرها.
ورغم ان العراق استطاع اجراء اربع انتخابات نيابية وتوالت عليه حكومات (الجعفري والمالكي والعبادي وعبد المهدي)، لكن لم تستطع اي منها اجراء التعداد بحجج واسباب مختلفة، رغم ان الاساس الاول لاي انتخابات وجود قاعدة معلومات صحيحة ودقيقة لاعداد السكان ومواليدهم التي تحدد من له حق المشاركة، ومناطق تواجدهم واقامتهم لغرض تحديد حجم واستحقاق كل مدينة او منطقة من المقاعد في مجلس النواب.
ان من المهم لحكومة السيد مصطفى الكاظمي الذي قرر اجراء الانتخابات المبكرة في حزيران 2021، أن يسجل ويحقق انجازاً لم يستطع ان يحققه غيره، وهو اجراء التعداد العام للسكان خصوصا في هذه الظروف الحرجة التي يمر بها العراق، لانه سيمثل نجاحا وخطوة نحو تحول العراق من دولة فاشلة وفاسدة ومفلسفة الى دولة تعرف ما لها وما عليها، وان ما سيتم بناؤه بالمستقبل سيكون على اساس علمي واحصائي وليس على اساس التخمينات والتقديرات.
الانتخابات المبكرة اجراء وانجاز نتمنى ان يتحقق، لكن يجب ان تكون انتخابات نزيهة وعادلة وحقيقية تعكس ارادة شعبه في انتخاب القوي الامين الذي يستطيع ان يبحر بسفينة العراق الى بر الامان والسلام، لان الانتخابات خلال الدورات الماضية لم تكن عادلة ولا نزيهة وهي التي افرزت هذا الوضع المشوه والفاسد والدمار والتخريب الذي طال كل شيء.
ان انتشار المحاصصة الحزبية والطائفية والقومية والدينية وكل انواع الخلافات التي تغلغلت في المجتمع وفي اساس وعمل الحكومة والقوات المسلحة، والخلافات حول الميزانية ونسبة الواردات والاستحقاقات سواء في الاقليم والمحافظات كلها مبنية على اساس التخمينات والتقديرات التي وصلت الى حد تصريح وزير التخطيط الحالي بانه (لا اعرف اعداد الموظفين بالدولة العراقية ولا حتى وزير المالية يعرف اعدادهم!!).
ان اجراء التعداد سوف يبين كل شئ ويعرف كل واحد حجمه وحقه، مع العلم ان اجرائه ما زال يصطدم بجدارين او سببين هما السبب الرئيسي والاساسي في كل تأجيل للمواعيد السابقة وهما حقلي (القومية والمذهب) حيث لا يمكن ابدا تحقيق الاتفاق او الاجماع على ادخال هذين الحقلين في اية استمارة احصائية، وهو ما يتطلب قراراً جريئاً وشجاعاً من الكاظمي وحكومته التي نتمنى ان تكون حكومة عراقية قوية قائمة على اساس الهوية الوطنية العراقية التي يجب ان تقوى وتتغلب وتتقدم على ما سواها من هويات قومية ومذهبية ودينية وعشائرية ومناطقية.
التعداد السكاني المتأخر والانتخابات المبكرة
تأجيل اجراء التعداد للمرة الـثانية عشر لاسباب وخلافات سياسية واقتصادية وامنية وغيرها
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن