في بدايات القرن الماضي ضربت العالم بما تسمى الإنفلونزا الإسبانية (Spanish flu) والتي قتلت ما
يزيد عن 50 مليون شخص بين الأعوام 1918- 1920م وبعد مرور مئة عام عليها، اجتاح العالم وباء
آخر قادم من مدينة ووهان الصينية، وضيق الخناق على العالم أجمع ، وصار العالم حتى هذه الوهلة عاجزا
عن إيجاد لقاح مضاد له ، ألا وهو فيروس كورونا المستجد (covid19).
جائحة كورونا التي تعصف بالعالم أصبحت تشكل مصدر قلق وخوف كبير للعالم وقادته وحكوماته
على حد سواء، وذلك لصعوبة السيطرة عليه، بسبب انتشاره السريع والمفاجئ في جميع أنحاء العالم
باستثناء بعض الدول والتي لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، ولكن الأندى من هذا الفيروس تأخر حكومات
الدول في مواجهته باتخاذ الإجراءات الوقائية الملائمة كي لا يخرج عن السيطرة ويتفشى بسرعة كبيرة.
وصار كورونا يمثل تهديدا كبيرا على حياة الإنسان وعلى الحركة الاقتصادية في العالم لا سيما على اقتصاد
الدول المتقدمة والمتطورة.
ولكنَّ الوعي والحرص المبكر لحكومة إقليم كوردستان لأزمة كورونا وتحديد حجمها ، واتخاذ
إجراءاتها الاحترازية لمنع تفشي الفيروس الفتاك، والذي صنفته منظمة الصحة العالمية (الأكثر فتكا بعشر
مرات من إنفلونزا الخنازير)، ووضع السبل والآليات الناجعة لمحاربته، وإدارة الأزمة بأسلوب يتماشى مع
خطورة هذه المرحلة إنماز إقليم كوردستان ذا الإمكانات المحدودة اقتصاديا وصحيا عن بقية الدول التي
تفشى فيها وباء كورونا من حيث التصدي له.
فعلى سبيل المقارنة نذكر الإمكانات المالية والاقتصادية لحكومة إقليم كوردستان مقارنة بالدول
المتقدمة التي أصبحت بؤرة لتفشي كورونا لتيقنَّا أنَّ النجاح الذي حققته حكومة الإقليم في مواجهة هذا الوباء
القاتل، يجب أن يسطر بماء الذهب في صفحات التاريخ، لاسيما وأن هذه الحكومة لا تملك ميزانية بقيمة
مليارات الدولارات، ولكن وعيها بخطورة هذه النازلة مبكرا أوقف زحف كورونا من تفشيه وما يعقبه من
نكبات.
ولعب دورا أساسيا في إبعاد هذه الطامة عن الإقليم ومواطنيه ولم تعطِ المجال بأن يتحول كورونا إلى كارثة
إنسانية على شعب إقليم كوردستان.
قلة الإمكانات لم تكبل يد حكومة اقليم كوردستان وأن تقف مكتوفة الأيدي حيال هذه الطامة ولم تستسلم
لهذه الأزمة الخانقة التي يعاني منها العالم، بل جاءت ردة فعلها سريعة لمواجهة كورونا وأدارته بخطوات
باءة وناجعة.
فقبل أن يلوح خطر كورونا في الأفق وقبل تحديد معالمه وحجمه والمدى الذي سيصل إليه. تصدى له
ولتداعياته من خلال إفقاده عوامل نموه ومرتكزات قوته ورأت بأنه ينبغي اجهاض كورونا من البداية لأن
الوقاية خير من العلاج. على عكس حكومات الدول المتقدمة التي لم تعِ خطورة هذا الفيروس وتعري
اهتماما له.
وهذا إن دل على شيء إنما يدل على أن المبادرة على مواجهة الخطر هو الشيء الصحيح سواء أكان
هذا الخطر حقيقيا أم وهما. لأن الحوادث الناجمة عن الأخطاء البشرية كثيرة على سبيل المثال فالاعتقاد
بوهم كورونا أوقع البشرية في مأزق كبير ولكن الذي تنبأ بمخاطره ، سينجح بلا شك في نهاية المطاف
ويخرج من هذا المأزق بأقل الأضرار.
وفي ظل أزمة كورونا المؤثرة أهم ما تميزت به حكومة إقليم كوردستان هو التقييم الصحيح والاستجابة
الاستراتيجية لهذه الأزمة العميقة والتعامل السليم معها، من حيث إغلاق المعابر الحدودية وإعلان حظر
التجوال، وإجراء أكبر عدد من الفحوصات للمشتبه بإصابتهم بفيروس كورونا، واتخاذ الإجراءات
والقرارات الوقائية الصائبة والسريعة في الوقت المناسب.
كما نعلم من الصعب جدا التعامل مع هكذا أزمات لاسيما وأنت تملك إمكانات قليلة، ولكن وجود قيادة
إدارية، وشعب واعٍ ، لعب دورا وجوهريا في ادارة أزمة كورونا واحتواء مخاطرها، فهذه الإدارة الرشيدة
مع كورونا والتزام المواطنين بإرشادات حكومة إقليم كوردستان عمل على تفتيت هذه الأزمة ليسهل
التعاطي معها والقضاء عليها بسرعة. وتم محاصرة أزمة كورونا في نطاق ضيق واعيق تصاعدها نحو
مراحل خطيرة، وتحولت أزمة كورونا الخطيرة إلى أزمة سطحية أمام أنظار المواطنين في إقليم كوردستان
لدرجة أنَّ الكثير من المواطنين في إقليم كوردستان لا يقرون بحقيقة هذا الفيروس وهذا لا يعني بأنهم لا
يعون خطورة هذا الفيروس القاتل ولكن الأعداد القليلة من المصابين وتماثلهم بسرعة للشفاء جعل المواطنين
يفكرون بوهم هذا الفيروس. ويسألون يا ترى هل هذا الفيروس حقيقة أو وهم. وبفضل تدابير حكومة إقليم
كوردستان لمواجهة كورونا اقتربت الحياة من العودة إلى مجراها الصحيح والطبيعي بشكل كامل. ويكاد
كورونا من أن يصبح شيئا من التاريخ وتتلاشى مظاهره وينتهي الاكتراث به ويختفي الحديث عنه باعتباره
حدثا تاريخيا قد انحسر وانتهى.
بقي أن أقول منذ تأسيسها في عام 1992م وحتى الآن لم تتهرب حكومة إقليم كوردستان من واجباتها
تجاه الأزمات بل صمدت أمامها في أحلك الظروف وواجهتها بكل ما توفرت لديها من إمكانات، وجعلت
من الأزمات نقطة تحول تاريخية نحو مستقبل مشرق وباهر للشعب الكوردستاني المضطهد.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن