على مدى أكثر من عقد ونيف من السنوات العجاف على حكم العراق أثبتت الحكومات المتوالية فشلها الذريع بعد أن سجلت وبإمتيازإحباطاّ لدى الشارع العراقي كنتيجة حتمية لفقدان ثقتها بالطبقة السياسية المتنفذة حتى عمت التظاهرات السلمية عموم محافظات الوسط والجنوب مطالبين بالتغيير الشامل( شلع قلع ) مما أدت الى إستقالة الحكومة إستجابة لمطالب المتظاهرين وتم تحويلها الى حكومة تصريف أعمال لحين إختيار رئيس وزراء جديد وإجراء إنتخابات مبكرة ونزيهة بعيدة عن إملاءات الكتل والأحزاب السياسية وبعد مخاض عسير من المشاورات والمفاوضات من قبل رئاسة الجمهورية حصراّ مع الأطراف المشاركة في العملية السياسية ومراعاة لمشاعر المتظاهرين بما يتوافق ومطالبهم المشروعة التي كفلها الدستورتم إخيتار عدة شخصيات قوبلت بالرفض القاطع من قبل متظاهري ساحة التحرير لعدم تطابقهم مع شروطهم لنبذهم مبدأ المحاصصة الحزبية والطائفية , حتى تم تكليف علاوي بتشكيل الكابينة الوزارية الإنتقالية التي مهمتها إجراء الإنتخابات .
ولوعدنا الى المشهد السياسي وتأريخ العراق غير ببعيد والقينا نظرة عابرة على تشكيل الحكومة العراقية في عام 1958 لوجدناها بنيت على المحاصصة وإن لم يشعروا بها فكان مجلس السيادة يضم محمد مهدي كبة ( شيعياّ) وخالد النقشبندي (كوردياّ ) ونجيب الربيعي ( سنياّ ) وهو هيأة رئاسية مؤقتة هدفها التهيئة لانتخابات رئاسة الجمهورية بعد ستة أشهر من انقلاب 14 تموز 1958، لكن شيئاّ من هذا لم يحصل وبقي في هذا المنصب لغاية عام 1959م ، حين حل عبد الكريم قاسم مجلس السيادة مع بقاء الربيعي رئيساً للجمهورية والمحاصصة ليست وليدة الساعة أو بعد تحرير العراق من النظام الشمولي , لكن التركيبة الإجتماعية للعراق وإحتواءها لجميع القوميات والأقليات والطوائف والأديان والملل والنحل كونه مهبط الأنبياء وبلد الأولياء والصالحين منذ الخليقة تتطلب مشاركة الجميع في الحكومة , وبالرغم من كل ذلك لم يشهد البلد حراكاّ سياسياّ كما يحدث اليوم من تدخلات خارجية وأجندات سياسية مدفوعة الثمن تعمل من أجل مصالحها العليا وجعلها ساحة للنزاعات السياسية وتصفية للحسابات التي أكل عليها الدهر وشرب .
نتساءل أين رئيس الوزراء المكلف من الكورد عند تشكيل الكابينة الوزارية الإنتقالية لاسيما بعد أعلان رئاسة إقليم كوردستان تمسك الإقليم بحصته في الكابينة الوزارية كإستحقاق إنتخابي وكإقليم شرعي قدم قوافل من الشهداء من أجل حقوقه المشروعة التي كفلها الدستور وعدم التعامل مع الإقليم كمحافظات أو كأحزاب سياسية بل يكون التعامل مع الإقليم كقومية كوردية وثاني قومية معترف بها في العراق بعد القومية العربية وينبغي أن يكون إختيار الوزراء الكورد بالتشاور مع الوفد الكوردي الذي يزور بغداد حالياّ ويضم الكتل السياسية الكوردية كافة دون أن يفرض عليهم وزيراّ يمثلهم علماّ أن موقف كتلة الحزب الديمقراطي الكوردستاني في مجلس النواب العراقي هو نفس الموقف الذي أعلنته رئاسة إقليم كوردستان في وقت سابق ، ويتمثل في أنه ينبغي أن يقوم رئيس الوزراء المكلف باختيار الوزراء الكورد في كابينته بالتنسيق مع الأطراف الكوردستانية ومن خلال المؤسسات الرسمية في إقليم كوردستان
وتشير المعلومات أن الكابينة الجديدة للحكومة العراقية تتألف من 22 وزارة ، خمسة منها للنساء وثلاث لوزراء كورد ،حيث يؤكد رئيس الوزراء المكلف أنهم مستقلون وأن الأطراف لم تفرض عليه أسماء مرشحين .
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن