حسن شنگالي
جابهت كل الحركات التحررية الثورية في العالم الثالث تحديات مصيرية في مسيرتها النضالية ضد الأنظمة الدكتاتورية كادت أن تغير من توجه البعض منها والذي من أجله ناضلت، ومنها تحديات موضوعية وأخرى ذاتية ومن أجل تصحيح المسارالنضالي، لابد للقيادة من الوقوف على الأسباب الموجبة التي أدت الى ظهور تلك العقبات، وينبغي إعادة النظر بجدية في كل مفصل من مفاصلها، ولا يستهان بها مهما كان بسيطاً، للوصول الى الحل الأنجح من أجل ديمومة المسيرة، وإكمال طريق النضال الذي رسمته لنفسها كتخطيط مدروس وفق آلية إستراتيجية، من أجل الغاية المنشودة وتحقيق ما تصبو اليه بالرغم من التضحيات الجسيمة، علماً أن دروب النضال غير معبدة ولا تخلو من الأشواك .
لكن ما تعرض اليه الحزب الديمقراطي الكوردستاني في السادس عشر من أكتوبر2017 فاقت كل التصورات، ولم يكن بالحسبان في يوم من الأيام أن يطعن بخنجر مسموم من الخلف في خاصرته، من قبل شركاء في العملية السياسية في ليلة ليلاء من وراء الكواليس، نسجت خيوط مؤامرة خبيثة تحت جنح الظلام الدامس، من أجل غايات هم أدرى بنتائجها، مع من لا يريدون الخير للكورد وكوردستان مستهدفين بذلك حالة التطور والتقدم في كوردستان، وإيقاف عجلة البناء والإعمار والعمل على هيكلة الإقليم، وإعادته الى ما قبل عام 1991، حتى فرضت حكومة بغداد الحصار الإقتصادي المفتعل على إقليم كوردستان، خرقاً متعمداً مع سبق الإصرار والترصد للمادة التاسعة الفقرة (أ) من الدستور العراقي، الذي يمنع استخدام القوات المسلحة في قمع الشعب، وعدم تدخله في حل المشاكل السياسية، كما فعل أسلافهم من قبل والتأريخ شاهد على جرائمهم البشعة ضد الكورد، والتي يندى لها الجبين على مدى سنوات حكمهم الفاشي .
الكورد أمة حية ويمتازون بتأريخ نضالي مشرف من أجل نيل الحقوق المشروعة للشعب الكوردي ويفتخرون بماضيهم الزاخر بالثورات ضد الطغاة والأنظمة الدكتاتورية الشوفينية بدءاً من ثورة الشيخ محمود الحفيد والشيخ سعيد بيران والشيخ عبدالسلام البارزاني حتى قدموا أنفسهم قرابين من أجل أمتهم وحقوقها المشروعة كباقي حركات التحرر في العالم الثالث.
إلا أن الخيانة إنتهاك للأمانة وزعزعة للثقة بين الأطراف المتحالفة على العهد، ويذكر التأريخ بأن الجيش الألماني لم يهزم عسكرياً في الحرب العالمية الثانية بل تمت خيانته من الداخل، كذلك الحال لقوات البيشمركة الأشاوس الذين لقنوا العدو دروساً لن ينسوها، لم يهزموا لولا خونة السادس عشر من أكتوبر، وكانت مؤامرة أكتوبر بمثابة من يدق جرس الإنذار لإعادة النظر في ترميم البيت الكوردي من الداخل، وتسوية الخلافات التي لا ناقة لأي طرف منهم فيها ولا جمل، سوى إستخفاف الآخرين بموقفهم والتقليل من شأنهم وفتح المجال لهم على التعامل مع عدة أطراف، منهم من أجل إمتصاص قوتهم وبأسهم والذي يشهد لهم بذلك القاصي والداني من خلال السجل الحافل لبطولات قوات البيشمركة الأشاوس في ساحات الوغى ضد أعتى منظمة إرهابية عرفها التأريخ المعاصر، بعد أن كسر شوكته في عقر داره .
فينبغي على القيادة الكوردستانية إعادة النظر بالمواقف السياسية لكل الشركاء السياسيين على الساحة الكوردستانية، ودراستها وتحليلها بواقعية وجدية، وإتخاذ الإجراءات اللازمة تجاهها بما ينسجم والمصلحة القومية، لعدم تكرار ما حدث حفاظاً على وحدة صف البيت الكوردي تجاه عاديات الزمن وما تخفيه من مفاجآت غير محسوبة خدمة لمصلحة الكورد وكوردستان .
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن