حسن شنگالي
كثيراً ما يطرق أسماعنا مصطلح بيضة القبّان وتتداوله القنوات الفضائية وبعض السياسيين في نشرات الأخبار خاصة عند تعرض العملية السياسية الى منعطف خطير ومفترق طريق أو تعاني من أزمة خانقة وحينها لابد من الحاجة الى عقل راجح ليستوعب التناقضات ويقرب المسافات بين الأطراف المتنازعة هذا ما نطلق عليه في السياسة بيضة القبّان وفي الحقيقة هي كتلة معدنية تتوسط الميزان وتتحكم بدقته ويستخدم المصطلح مجازاً للأمور التي تحفظ التوازن في المجتمع , ولو تتبعنا دور الكورد في العملية السياسية بعد تحرير العراق من براثن الدكتاتورية لجاز لنا أن نطلق عليهم بيضة القبّان حقيقة عند تشكيل الكابينات الوزارية المتعاقبة على إدارة الدولة العراقية منذ عام 2003 متمثلة بشخص السيد الرئيس مسعود البارزاني حصراً لما يتمتع به من مقبولية بين جميع الكتل على الساحة السياسية العراقية وما يتميز به من رجاحة عقل وإتزان وذو شخصية هادئة وصدر رحب في أحلك الظروف التي تمر به , وبعد توافد رؤساء الكتل الى كوردستان والبدء بمحادثات عسيرة يلوح في الأفق الدخان الأبيض من مداخن المطبخ السياسي في العاصمة هولير إيذاناً بالتوافق على تشكيل الحكومة العراقية وهذا الموقف التأريخي يحسب للكورد في تسوية الخلافات بين الفرقاء السياسيين من أجل العراق .
وبعد إعلان نتائج الإنتخابات التشريعية للدورة البرلمانية الرابعة والتي جرت في الثاني عشر من أيار الماضي وما رافقها من أعمال تخريبية وحرق لصناديق الإقتراع وأجهزة التحكم وصدور بعض المواقف المتشنجة من قبل بعض الكتل الخاسرة ورفضها للنتائج مما حدا بمجلس النواب الى تعديل بعض فقرات قانون الأنتخابات والى إلغاء العد والفرز الإلكتروني وإنتداب مجموعة من القضاة للعد والفرز اليدوي بعد مصادقة المحكمة الإتحادية عليها لما شابه العملية الإنتخابية من تزوير وتحريف للنتائج حتى ظهرت النتائج مطابقة وتم إعلان أسماء الفائزين بعضوية مجلس النواب , لتبدأ مرحلة تشكيل التحالفات والكتلة الأكبر حتى عقدت الجلسة البرلمانية لإختيار رئيس البرلمان ونائبيه بالتصويت السري , ولا يخفى دور النواب الكورد في رجحان كفة الميزان عند التصويت وبحق كانوا هم بيضة القبان لحسم الموضوع والاّ تأجلت الجلسة الى إشعار آخر مخترقين المدد الدستورية وتأخير تشكيل الحكومة الجديدة مما يؤثر سلباً على حياة المواطنين لدخول الكابينة الوزارية في فراغ دستوري .
نعم لقد أثبت الكورد اليوم في مجلس النواب العراقي نيتهم الصادقة أثناء التصويت على إختيار هيأة رئاسة البرلمان في بناء دولة عراقية فيدرالية إتحادية وفق مبدأ الشراكة السياسية والتوازن في المؤسسات الرسمية والتوافق في القرارات المفصلية وتؤمن بالديمقراطية والتعايش السلمي بين جميع مكونات المجتمع , في الوقت الذي ترك فيه الكورد فرصتهم الذهبية في الأستقلال عام 1991 وإختاروا بإرادتهم الحرة المشاركة وبشكل فاعل في العملية السياسية ولا يخفى دور قوات البيشمركة الأشاوس للدفاع عن العاصمة بغداد ولا زالت بعد تعرضها للإنفلات الأمني بعد إنهيار مؤسسات الدولة العراقية ومنظومتها الدفاعية المتمثلة بالجيش العراقي .
فالكورد بحق هم بيضة القبّان في العملية السياسية في العراق .
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن