حسن سنجاري
عانى الشعب الكوردي كغيرهم من العراقيين من قمع النظام الدكتاتوري البائد , حيث كان منصفاً وعادلاً في توزيعه للظلم على جميع أطياف الشعب العراقي , لكن حصة الأسد من الظلم كانت للكورد بلا منازع , مما حدی بمجلس الأمن الدولي كونه من الأجهزة الرئيسية الستة للأمم المتحدة ويتحمل مسؤولية حفظ الأمن العالمي , بإصداره القرار 688 , بعد أن أعتمد في 15 نيسان عام 1991 بإنشاء منطقة ملاذ آمن للشعب الكوردي , ومنع الطيران العراقي من التحليق فوق خط العرض 36 حفاظاً على ما تبقى من فريسة المجرمين السائغة , بعد الهجرة المليونية التي حدثت قبل 27 عاماً في ظروف قاسية صاحبتها تساقط الأمطار والثلوج , مما خلفت وراءها موت الكثير من الأطفال والنساء والشيوخ من شدة البرد القارس والجوع في موقف يهتز له الضمير ويندى له الجبين من هول المنظر , فلا مأوى يحميهم ولا قضمة خبز تشبعهم , يفترشون الأرض ويلتحفون السماء , منتظرين مصيرهم المجهول والى من يناصرهم في محنتهم , وما تؤول اليه قضيتهم المشروعة , وعيونهم ترنو الى مستقبل يلوح في الأفق بإنتهاء مأساتهم العقيمة , ليتنفس الكورد الصعداء ويعيشوا بأمن وأمان وسلام في وطن مسلوب فيه حقوقهم التي ناضلوا من أجلها لعقود من الزمن , بعيداً عن فوهات المدافع وأزيزالطائرات ودوي القنابل المحرمة دولياً ومنها الأسلحة الكيمياوية والتي تم إختبارها في حلبجة الجريحة , ليتلذذ بها المجرمون عندما يرون ضحايا جرائمهم الشنيعة .
لم يكن المشهد بعيداً نوعاً ما بأسلوبه الدرامي عما حدث في السادس عشر من أكتوبر , لكن العقلية الشوفينية ذاتها تعمل وبإمتياز , وتقف ضد حقوق الكورد المشروعة في حق تقرير مصيرها , كباقي شعوب وأمم العالم التي عانت من الظلم والعبودية .
ولضمان عدم تكرار السيناريو المرعب في المناطق المتنازع عليها ومنها كركوك , ينبغي إعادة قوات البيشمركة وبصورة مشتركة مع الجيش العراقي وقوات التحالف الدولي وبإمرة وزارة الدفاع العراقية , لحفظ الأمن وحماية المنطقة من جيوب الإرهاب الأعمى , وتهيئة الأجواء المناسبة لعودة النازحين الى مدنهم وقراهم , ولضمان إجراء الإنتخابات النيابية المزمع إجراؤها في الثاني عشر من أيار 2018 , بعد القيام بحملة إعمار شاملة للبنى التحتية وتوفير الخدمات الضرورية للمواطنين , ومد جسور الثقة بين جميع مكونات الشعب العراقي .
فلو توفرت الإرادة الحقيقية والنية الصادقة لدى الفرقاء السياسيين المشاركين في العملية السياسية في العراق لما كنا بحاجة الى قرارأممي وتدخل خارجي لتقريب وجهات النظر وحلحلة المشاكل الداخلية العالقة , ليكون القرار عراقياً بحتاً وبمشاركة جميع الكتل والاحزاب دون تهميش , وضمان حقوق جميع القوميات والأقليات والطوائف والمذاهب , من خلال تطبيق بنود الدستور العراقي دون إنتقائية وحسب المزاج السياسي لبعض الكتل المتنفذة , ليعم السلام الحقيقي في ربوع العراق برمته , وليأخذ دوره الريادي في المنطقة ...
حسن سنجاري
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن