Erbil 21°C الجمعة 22 تشرين الثاني 16:38

الصعود من القمة.. كاك مسعود بارزاني في محكمة التاريخ

عندما تتبعت كلماته وهو يحكى عن شعبه، أدركت لماذا نال الرجل لقب “كاك مسعود”

الصعود من القمة - الحلقة الأخيرة

 “الصعود من القمة” سلسلة مقالات بدأتُها كباحثة فى الشۆون الكوردية، متطلعة فقط للتعرف على هوية ذلك الشعب، ولكنى مع نهاية هذه السلسلة وجدت نفسى عاشقة لبسالة شعب عاش حياته مدافعاً عن حريته وحقه الطبيعي فى الحياة والإنسانية.

عندما اخترت اسم لسلسلة مقالاتى "الصعود من القمة” كان السبب أننى قررت متابعة تفاصيل التاريخ الكوردى من خلال كتاب “للتاريخ” لصاحبة الزعيم مسعود بارزانى، واخترت هذا الكتاب بناء على ترشيح من صديقى الإعلامى الدكتور قيس الرضوانى، وبالفعل خلال مراحل بحثى وجدته الأكثر إشباعاً لشغفى فى التعرف على هوية الشعب الكوردى، وبمجرد غوصى فى التفاصيل علمت أن كاتبه كاك مسعود البارزانى بالفعل صعد من القمة، فقد نشأ فى بيت رئاسى تعلم فيه حب الوطن وعشق ترابه، وتخلى عن أحلامه الدراسية ليقرر أن يقضى حياته بين صفوف البيشمركة تاركًا روحه بين يد الله دفاعًا عن بلاده.

وعندما تتبعت كلماته وهو يحكى عن شعبه، أدركت لماذا نال الرجل لقب “كاك مسعود”؟ فهو الأخ والمسئول والأمان والإلهام لشعب عاش حياته باحثًا عن الأمان حالماً باستقرار الوطن.

لفت نظري تصدير الكتاب بجملة “إلى الذين لا ينحنون”، وتوقفت كثيرا أمام تلك الجملة التى تؤكد طبيعة رؤيته لشعبه، فهي فى الكتاب جملة مركزية، حيث يصف شعبه بالعزة والشموخ، “شعب لاينحنى” وعندما يقول زعيم ذلك عن أهله فهذا عهده أمام الله لأن “أهل مكة أدرى بشعابها”، وبمجرد أن تبحرت فى الكتاب وجدت أن الزعيم يرصد الواقع كما هو دون زيف لفترات هامة غائبة عن التوثيق، والمصادر فيها غير متداولة، بل إنه وضع نفسه راصداً دون الحديث عن نفسه، فتراه حتى منتصف الصفحات لم يتحدث على لسانه، وكأنه يقف بعدسة مصور ماهر للأحداث يحكى تاريخ بلاده كما قرأها وسمعها وتلاها له والده الزعيم الملا مصطفى البارزانى.

وأنا أتتبع صفحات الكتاب، وأكتب عنه مقال تلو الآخر، توقفت أمام مشوار الكاتب الزعيم مسعود بارزانى فوجدته رجل دولة من طراز فريد، ماضيه وحاضره يؤكدان أنه زعيم يستحق التوقف أمام تاريخه، فالمتتبع لكتابه “للتاريخ” يمكنه التعرف بدقة أمام مراحل حياته ويمكن وصفه باعتباره “ملجأ شعبى”، لأنه استطاع أن يجعل إقليم كوردستان خيمة لجميع الشعوب الفارة من الموت، فمنذ البداية كان الإقليم خيمة لجوء للشعوب العراقية بمختلف طوائفها جراء الحرب الكبيرة من تنظيم الدولة “داعش”، وهنا كان الإقليم وبقرارات خاصة من مسعود بارزاني الملجأ الحقيقي والآمن لهؤلاء، ثم أوضح كيف أن الإقليم استقبل أعداداً كبيرة من اللاجئين السوريين جراء الحرب في سوريا، وكيف فتح لهم أبوابه وقدم لهم جميع المساعدات المطلوبة.

أيضا إصراره والحرب التى خاضها من أجل إجراء الاستفتاء كانت خارطة طريق تمهيدية لمعرفة ماذا يضمر المجتمع الدولي والسياسي للكورد؟، وكان قراراً صحيحاً حيث كشف مواقف أغلب المجتمع الدولي المُضمرة ضد هذا القرار، وهنا عرف الكورد كيف ستكون خارطة الطريق الصحيحة مستقبلاً من أجل الوصول إلى الاستقلال، وتجلى دعم الكثير من الدول لقضية الاستقلال كلاماً وخيانتها فعلاً، ما يؤكد أن مشروع الاستقلال مستمر ومشروع الاستفتاء كان ورقة بيانات لا أكثر، والاستفادة التي حصلت القيادة الكردية عليها من هذا الاستفتاء كبيرة جداً، فيكفي أنها عرفت كيف هو طريق الاستقلال الصحيح؟.

الكثير والكثير من المراحل التى يمكن أن تتوقف أمامها تجعل القارئ يفسر أسباب وصول الزعيم إلى مرتبة عليا في السياسية الإنسانية، تخوله أن يكون ملجأ شعبياً، برمزية أقرب للمصلحين والقادة، من كونه رئيساً، وكذلك تؤكد فضل “الملا مصطفى البارزاني” في زراعة العديد من المزايا في ولده قبل وفاته، والمتتبع لسياسة حكمته يؤكد أن بارزاني الابن نجح في أن يحافظ على وصايا والده السياسية؛ وهذه الوصايا هي التي جعلت “الابن” يصل إلى درجة المرجعية السياسية.

كتاب “للتاريخ” جاء في قطع من الحجم المتوسط في (353) صفحة ينقسم إلى جزئين، مع فصل ملحق، إذ يبين في الباب الأول المدمج فى (124) صفحة قراءة لأغلب الحالات السياسية والقرارات والمقابلات التي تجعل القارئ يحكم بأن الزعيم البارزاني هو مرجعاً سياسياً من طراز فريد، حيث تناول المؤلف فى مقدمته الواقع الذي يعيشه الكورد في العالم بشكل عام، وفي العراق بشكل خاص، وشمل كتابه لمحة تاريخية عن معركة (جالديران) ومعاهدة (زهاو) وتقسيم كوردستان بين الإمبراطوريتين.

ولأول مرة، يسرد الكتاب معلومة جديدة ومهمة في تاريخ نضال الحركة التحررية الكوردية؛ وهي لقاء الشيخ (عبد السلام بارزاني) مع القيصر الروسي (نيكولاي الثاني) سنة 1914، مروراً بتأسيس العراق، التى وضح فيها الحقوق المشروعة للكورد التى كانت موجودة قبل تأسيس دولة العراق، ليؤكد على أن الكورد قد خُرقت حقوقهم فى ظل الصراعات الكبرى وكانوا يمتلكون جغرافيتهم الخاصة فى المنطقة التى سميت لاحقاً بالعراق، حتى ثورة أيلول وخطة إبادة الشعب الكوردي وصهره داخل دولة العراق، وكذلك الانتفاضة، مروراً بمؤتمر المعارضة العراقية وسقوط النظام السابق، وحرب داعش، وخيبة أمل الكورد في العراق الجديد، وزيارته إلى أميركا وبغداد وصولاً إلى الاستفتاء، راصداً ردود الأفعال والضغوط الدولية.

والباب الثانى يتناول الوثائق والخرائط والملاحق المهمة، ومن ضمنها الأسس القانونية والدستورية لاستفتاء إقليم كوردستان العراق (ص118)، ونص البيان الختامي لمؤتمر المعارضة العراقية في (لندن)(ص171)، والوثيقة السياسية لضمان حقوق المكونات القومية والدينية في كوردستان (ص187)، وإعلان المبادئ الدستورية(ص191)، وكذلك فهرست الأسماء والعناوين والأماكن، إضافة إلى العديد من الخرائط الاستراتيجية؛ لكل مهتم بالشؤون الكوردية من الأكاديميين والسياسيين والقراء عامة، حيث جاء رصده أقرب لكتابة المذكرات، مستعيناً بصور ووثائق لا يملكها غيره، لتوثيق تاريخ الكورد كما رآه.

أما الصور فلم يضع الزعيم صورة شخصية لنفسه طوال صفحات الكتاب، لكنه اكتفى بتوثيق الأحداث التى عاصرها، فأضاف للكتاب صورته من خطبته العصماء فى جبل شتكال وقت إعلان إنتصار عمليات تحرير مدينة شنكال، وأخرى صورته فى مكتب رئيس إقليم كوردستان مع أعضاء المجلس الأعلى للاستفتاء وقت قرار تحديد يوم اجراء الاستفتاء.

والقاري لتلك الصفحات انما يستشعر من بين السطور المعاناة والجهد والنضال الكثير من الخبرات التي لو وضعت في بوتقة لم تفتح الا على عقلية عاقلة مدركة سياسيا مجريات الاحداث ان دلت فانما تدل على سياسي ناجح استطاع ان يخلد تاريخ بلاده عبر موجه مظلمة من الإرهاب والضلال والكذب والحقد تلك الاشياء التى استطاعت أن تشوه حقائق يحاسب عليها التاريخ، فاستطاع بارازاني أن يجلي تلك الاكاذيب بذكاء سياسي يرفع له التاريخ قبعة الاحترام.

واقولها بثقة اسعدني سيادة الرئيس تأريخك لمجريات أحداث بلادك ولولا خوف النفاق والتقاريظ لقلت انك رسمت بلادك في الصورة التي سيخلدها التاريخ.

كوردستان

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات حتى الآن

الرد كضيف

هل ترغب في تلقي إشعارات؟
ابق على اطلاع بآخر أخبارنا وأحداثنا.