ا ف ب
تجرى السبت في السعودية محادثات بين ممثلين عن القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع حسبما أكدت الرياض وواشنطن في بيان مشترك، ما يفتح الباب أمام احتمال التوصل إلى هدنة في هذا النزاع الذي خلف حتى الآن مئات القتلى.
ورحبت الولايات المتحدة والسعودية في البيان بـ"بدء المحادثات الأولية" في جدة بين ممثلي القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع. وحضّ البلدان طرفَي النزاع السوداني على "الانخراط الجاد" في هذه المحادثات توصلا إلى "وقف لإطلاق النار وإنهاء النزاع".
وأعلن الجيش السوداني مساء الجمعة إرسال مفاوضين الى جدة للبحث في وقف إطلاق النار، فيما أبدى برنامج الأغذية العالمي خشيته من أن يعاني 19 مليون شخص الجوع وسوء التغذية خلال الأشهر المقبلة في السودان بسبب النزاع المستمر بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وقال الجيش في بيان نشر على صفحته في فيسبوك إنه "في إطار المبادرة السعودية-الأميركية التي تم طرحها منذ بداية الأزمة، غادر الى جدة مساء اليوم (الجمعة) وفد القوات المسلحة السودانية لمناقشة التفاصيل الخاصة بالهدنة التي يجري تجديدها".
ولم يصدر أي رد فعل رسمي عن قوات الدعم السريع.
وأطلقت الأمم المتحدة من جانبها جرس إنذار بشأن الوضع الإنساني. ونقل نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق أن برنامج الأغذية "يتوقع أن عدد الأشخاص الذين يعانون فقدانا حادا في الأمن الغذائي في السودان سيرتفع ما بين مليونين و2,5 مليون شخص. هذا سيرفع العدد الإجمالي (لهؤلاء الأشخاص) الى 19 مليونا في الفترة بين الأشهر الثلاثة والستة المقبلة في حال استمر النزاع الحالي".
وأعلن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عقد اجتماع طارئ حول الوضع في السودان في 11 أيار/مايو. وقال المجلس في بيان إن هذا الاجتماع يعقد بناء على طلب رسمي مشترك تقدمت به المملكة المتحدة والنروج والولايات المتحدة وألمانيا مساء الجمعة وحظي بتأييد 52 دولة حتى الآن.
ميدانيا تواصلت المعارك الجمعة رغم هدنة تعهّد القائدان العسكريان اللذان يتنازعان السلطة التزامها، ورغم تهديدات أميركية بفرض عقوبات.
ولليوم الحادي والعشرين تواليا، تواصلت الضربات الجوية والتفجيرات في عدد من أحياء الخرطوم ولا سيما في محيط المطار على الرغم من وعود بهدنة، حسب ما أفاد شهود وكالة فرانس برس.
ومنذ 15 نيسان/أبريل، أسفر القتال بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) عن سقوط نحو 700 قتيل وآلاف الجرحى، بحسب مجموعة بيانات مواقع النزاع المسلّح وأحداثه (إيه سي إل إي دي).
ومن بين القتلى أطفال "بأعداد كبيرة"، حسب الأمم المتحدة، في بلد يقلّ فيه عمر 49 بالمئة من السكّان عن 18 عاماً.
وأشارت منظّمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف " الجمعة إلى تقارير تفيد بسقوط سبعة أطفال كلّ ساعة بين قتيل وجريح.
وأضافت المنظمة الأممية أنّها تلّقت تقارير من شريك موثوق - لم تتحقّق منها الأمم المتحدة بشكل مستقلّ بعد - تفيد بأنّ 190 طفلاً قُتلوا و1700 آخرين أصيبوا بجروح خلال الأيام الأحد عشر الاولى فقط من القتال.
والخميس، أكّد الرئيس الأميركي جو بايدن أنّ "المأساة... يجب أن تنتهي"، ملوّحاً بفرض عقوبات على "الأفراد الذين يهدّدون السلام"، لكن من دون أن يسمّي أحداً.
والسودان الدولة البالغ عدد سكّانها 45 مليون نسمة، خرج في العام 2020 من عقدين من العقوبات الأميركية التي فُرضت على الدكتاتورية العسكرية للجنرال عمر البشير الذي أطاحه الجيش تحت ضغط الشارع عام 2019، بعد بقائه ثلاثين عاماً في السلطة.
وفي 2021 أطاح البرهان ودقلو معاً في انقلاب شركاءهما المدنيين بعدما تقاسما السلطة معهم منذ سقوط البشير. لكن سرعان ما ظهرت خلافات بين الجنرالين وتصاعدت حدّتها، ومن أبرز أسبابها شروط دمج قوات الدعم السريع في الجيش.
مذاك، لا يبدو أنّ شيئاً قادر على التوفيق بين الرجلين اللذين يتبادلان الاتهامات بشأن انتهاك الهدنات المتتالية.
وخلافا للجيش السوداني، لم تؤكد قوات الدعم السريع ما أعلنه جنوب السودان الأربعاء من أنّها والجيش وافقا على وقف لإطلاق النار لمدة سبعة أيام يستمر حتى 11 الجاري.
وأعلنت قوات الدعم السريع الجمعة أنّها وافقت على هدنة لمدة ثلاثة أيام فقط تمت مناقشتها في إطار وساطة أميركية-سعودية.
- معارك "طويلة الأمد" -
توقعت رئيسة الاستخبارات الأميركية أفريل هاينز معارك "طويلة الأمد" لأنّ "الطرفين يعتقدان أنّ بإمكان كلّ منهما الانتصار عسكرياً وليست لديهما دوافع تُذكر للجلوس إلى طاولة المفاوضات".
وأسفر القتال عن إصابة أكثر من خمسة آلاف شخص بجروح وتشريد ما لا يقلّ عن 335 ألف شخص وإجبار 115 ألفاً آخرين على النزوح، وفقاً للأمم المتحدة التي تطلب 402 مليون يورو لمساعدة السودان الذي يعدّ واحدا من أفقر دول العالم.
وأوضحت الأمم المتحدة أنّ "أكثر من 56 ألف شخص عبروا في الثالث من أيار/مايو" إلى مصر، مضيفة أنّ "أكثر من 12 ألف شخص" عبروا إلى إثيوبيا و"30 ألف شخص إلى تشاد".
وكانت أفضال عبد الرحيم تنتظر لتعبر إلى مصر.
وقالت لفرانس برس "عندما بدأت الحرب بالقصف والضربات الجوية، غادرنا منازلنا ولجأنا إلى وادي حلفا"، آخر بلدة قبل الحدود المصرية حيث يحتشد آلاف السودانيين الفارين من الحرب.
وفي دارفور غرباً على الحدود مع تشاد، تمّ تسليح مدنيين للمشاركة في الاشتباكات بين الجنود وقوات الدعم السريع ومقاتلين قبليين ومتمرّدين، وفقاً للأمم المتحدة.
- "حلول إفريقية" -
في هذا الإقليم الذي شهد حرباً دامية بدأت عام 2003 بين نظام البشير ومتمرّدين ينتمون الى أقليّات إتنية، لفت المجلس النروجي للاجئين الى سقوط "191 قتيلاً على الأقلّ واحتراق عشرات المنازل ونزوح الآلاف" فضلاً عن تعرّض مكاتبه للنهب.
وأفاد شهود عيان الخميس بحصول اشتباكات في الأُبيّض التي تقع على بُعد 300 كيلومتر جنوب العاصمة.
ووصلت 30 طنّاً إضافية من المساعدات الجمعة إلى مدينة بورتسودان الساحلية التي ظلّت نسبياً في منأى من أعمال العنف.
وتسعى الأمم المتحدة ومنظّمات غير حكومية أخرى إلى التفاوض بشأن ايصال هذه الشحنات إلى الخرطوم ودارفور، حيث تعرّضت المستشفيات والمخزونات الإنسانية للنهب والقصف.
وفي وقت تتكثف المبادرات الدبلوماسية في إفريقيا والشرق الأوسط، قال الجيش إنه اختار الاقتراح الذي تقدّمت به الهيئة الحكومية للتنمية في شرق إفريقيا (ايغاد) بسبب الحاجة إلى "حلول إفريقية لمشاكل القارّة"، مرحّباً في الوقت ذاته بالوساطات الأميركية والسعودية.
وكان مبعوث البرهان موجوداً في أديس أبابا الخميس. كما أعلنت القاهرة أنّها تحدثت عبر الهاتف إلى القائدين المتحاربين.
وتعقد الجامعة العربية في القاهرة الأحد اجتماعين غير عاديين على مستوى وزراء الخارجية ستخصّص أحدهما لبحث الحرب في السودان، حسبما قال دبلوماسي رفيع لفرانس برس.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن