زاكروس عربية - أربيل
يحدد مراقبون ازمة ثقة ثلاثية الابعاد تحكم مواقف النواب المستقلين، حيث ازمة ثقة بالنفس جعلتهم ذاهلين امام مبادرتي الثلاثي والاطار، وازمة ثقة بالتحالفين المتنافسين، وازمة بينية بين المستقلين وبعضهم بعضا تجعلهم مشتتي القرار، هذا ولم تترك بدعة الثلث المعطل للمستقلين معنى للتسمية، فالنأي بالنفس في جلسات البرلمان الحاسمة لا يُفسر على انه استقلال.
بعد مبادرتي تحالف "إنقاذ وطن" والإطار التنسيقي، واللتين أتاحتا للمستقلين أن يكونوا مشاركين في رسم القرار، صارت الامور لاتحتمل مقاربات وسطية، وعلى الارجح فأن الأيام القليلة المقبلة لن تشهد وصول فائزين اثنين الى نهاية السباق.
وشاءت السيناريوهات التي رسمها القدر ان يكون نحواً من ٤٨ نائباً دخلوا الانتخابات منفردين أو بقوائم كتلوية بمسمى "مستقلين"، هم بيضة القبان، وأن يكون ثقلهم مجتمعين هو الفيصل بين قوتين، لكنه ثقل له مزاج خاص فهو يرجح بين كفتين شاءت بدعة الثلث المعطل أن يكونان.
ويبدو ان المستقلين بدورهم انساقوا الى الاحكام التي تمليها المصالح الشخصية ولعبة التفاوض للمكسب، وهذا ما يمكن تلمسه في طروحات الكثيرين الباحثين عن ضمانات من الكتل الكبيرة وعن حمايات وعن مناصب، وأي التحالفين يمكنه توفيرها.
المستقلون، وهذه تحصل للمرة الاولى، امام فرصة تاريخية ليكونوا بيضة القبان، لا بين مسميات سياسية كالتحالف الثلاثي والاطار، وانما بين برنامجين احدهما يريد العبور بالعراق نحو التغيير والاصلاح وتلبية طموحات الجماهير، والاخر يريد ابقائه ضمن منظومة المحاصصة والتوافق و"هذه لك وتلك لي" وقوة ونفوذ الدولة العميقة والسلاح المنفلت والفساد والفشل.
ان امام المستقلين فرصة لن تتكرر في ان يطرحوا على الكتلتين هموم الجماهير ومطالبهم فيزنوا الى أي الجانبين يميلون من خلال رغبة وقدرة اي منهما على تحقيقها، ليطرحوا تساؤلاتهم عن برامج البيئة وعن الأمن الغذائي وعن التعليم والصحة ومطالب تشرين وسواها، ويميلوا الى حيث مالت ارادة جماهيرهم.
أن يسيل لعاب المستقلين الى تسمية رئيس وزراء نعلم جميعا انه لن يصنع شيئا مفيدا ما لم يكن مسنودا بقوة سياسية ونيابية كبيرة، لا ينفي عنهم صفة الاستقلالية وحسب، وأنما يصنع منهم أداة استخدام واحد، ويجعلهم ومن رشحوا في مهب الريح.
تعتوض المستقلين ازمة ثقة ثلاثية الابعاد، ثقة بالنفس تلمسه بترددهم في التعامل مع المبادرتين، وثقة بالكتل تلمسه في احاديثهم عن الحاجة الى ضمانات، وثقة بين المستقلين وبعضهم يجعلهم لا يجتمعون على موقف.
إن بدعة الثلث المعطل انهت شيئا اسمه النائب المستقل الذي ينأى بنفسه عن القرار بدعوى انه مستقل، واصبح النأي بالنفس خارج البرلمان شيئاً، وداخله شيئاً آخر تماما.
الأقرب الى حسابات الربح ان يحكِّم المستقلون منطق العقل والواقع فالانحياز إلى التعطيل لن يقود إلا الى نهاية الصفحة، والبدء من جديد وهو ليس من صالحهم.
تقرير: كمال بدران
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن