زاكروس عربية - أربيل
يحمل بين يديه كرتونة ويمشي بها ببطء، وربما أطال البحث بين أنقاض مركز الحجر الصحي في الناصرية أملاً في التعرف على أشلاء أحد ذويه أو عزيز عليه، في بلد أصبح دفن الضحايا ترفاً بعد كل فاجعة تعجز تشكيل اللجان أو إعلان الحداد عن تضميد الجراح.
"إنها أشلاء بشرية متفحمة" هكذا يقول أحد الناس في لقاء مع زاكروس، يكتفي بهذه العبارة وهو يشير إلى ما بين يديه دون أن يذكر أو يعرف لمن تعود، ثم يدير ظهره مردداً أدعية قد تخفف عنه بعض آثار الفاجعة التي ألمت بعشرات الأسر في الناصرية.
قصة هذا المواطن واحدة من القصص الكثيرة في رحلة البحث والتعرف على أشلاء الضحايا بعدما أُعلن أنه من الصعب التمييز بين جثث الضحايا، الأمر الذي دفع الناس لأخذ أي جثة تشبه فقيدهم لدفنها حتى وإن لم يكونوا متأكدين من هويتها.
وفي ظل غياب الدولة، كما يقول أحد المواطنين، يتطوع الأهالي في رفع أشلاء الجثث المتبقية من تحت الأنقاض ومحاولة البحث عن أي علامة يمكن من خلالها الكشف عن هويتها.
وفي هذه الحالة فإن "المحظوظ" هو من يعثر على أي علامة معينة أو يتعرف على ملامح ما تبقى من أشلاء الضحايا حتى يتمكن من دفنها في أرض امتلأت بالمقابر خلال السنوات العجاف الطويلة والمستمرة.
حريق الناصرية لم يكن الأول ولن يكون الأخير، فحريق مستشفى ابن الخطيب في بغداد قبل نحو ثلاثة أشهر ما يزال حاضراً في الأذهان بعد أن راح ضحيته أكثر من 80 شخصاً دون محاسبة حقيقية للمتسببين أو الكشف عن من يقف وراء تلك الحرائق، في ظل اتهامات متبادلة وانقسام سياسي وصراع بين الكتل على السلطة في العراق الذي يئس أهله من أي حل قريب لمآسيهم المتعاقبة.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن