Erbil 15°C الأحد 19 أيار 17:17

قصة إنسانية لتعامل أهالي سوران مع جندي عراقي عام 1991

حاول أحمد مع بعض أهالي القرية إنقاذ الجندي من الجيش العراقي بعد قطع مسافة خمسة كيلومترات سيراً على الأقدام

زاكروس عربية - أربيل

ٲثناء تحرير منطقة سوران في محافظة أربيل من قبضة حكم البعث الشوفيني عام 1991، ٲخلى مائة جندي من القوات العراقية الموجودة آنذاك في قرية خلان بياو التابعة لناحية خليفان مقراتهم الواقعة على جبل برادوست رافعين راية الاستسلام وهم متجهون نحو القرية.

وفي اليوم  الثاني من انتفاضة الشعب الكوردستاني لتحرير سوران من النظام الدكتاتوري البائد، حاصرت الثلوج أحد جنود الجيش العراقي في جبل برادوست، وبعد محاولات حثيثة من بعض أهالي المنطقة لإنقاذه، فقد الجندي حياته ليدفن في المكان نفسه.

ويقول، ٲحمد رسول، أحد أبناء قرية خلان بياو، لزاكروس عربية: " في طريقنا إلى الجبل رأينا ثلاثة جنود يختبئون خلف الصخور وقلنا لهم اخرجوا ولا تخافوا فنحن لن نؤذيكم، ومنحنا كل جندي رغيفاً ثم دعوناهم إلى القرية ليأكلوا ويشربوا ويأخذوا قسطاً من الراحة وبعدها يغادروا القرية، لكنهم قبل المغادرة أخبرونا أنهم تركوا خلفهم أحد رفقاهم على الجبل  بسبب عدم قدرته على السير من شدة الجوع والبرد نظراً لهطول الثلوج بغزارة".

وحاول أحمد مع بعض أهالي القرية إنقاذ الجندي من الجيش العراقي بعد قطع مسافة خمسة كيلومترات سيراً على الأقدام رغم وعورة المكان، وعلى الرغم من أنه كان ضمن القوات التي هاجمت قراهم.

ويضيف: "بعد وصولنا إلى مكانه وجدناه فاقداً للوعي من شدة البرد، حملناه إلى إحدى المغارات المجاورة وحاولنا إعطاءه بعض الماء والتمر، وأوقدنا النار لتدفئته، وبعد ذلك حاولنا نقله إلا أننا لم ننجح في ذلك بسبب تراكم الثلوج، وبعد حلول الليل وضعنا عليه الأغطية وتركنا النيران مشتعلة، وفي الصباح حضرنا مرة أخرى لنقله إلى القرية والاعتناء به، إلا أنه مع الأسف كان قد فارق الحياة. بعد ذلك قمنا بغسله وتكفينه ودفنه في نفس المكان الذي توفي فيه".

احتفظ احمد  بهوية الجندي العراقي منتظراً أن يطرق أحد بابه باحثاً عنه من مؤسسات الدولة أو أحد أفراد عائلته .. لكن مضت السنوات دون أن يظهر الطارق.

وبعد مرور أكثر من 30 عاماً على الانتفاضة وتحرير كوردستان، يعثر أحمد علی عائلة الجندي، وعد محمد حامد المشهداني.  وأبلغهم بما جرى لابنهم في عام 1991.

ويقول، رعد محمد حامد المشهداني، شقيق الجندي، إنهم سمعوا بالقصة قبل عام من أحد الأشخاص في أربيل، وأخبره أن هناك شخصاً مجهولاً تم دفنه منذ 30 عاماً في المنطقة اسمه وعد محمد حامد المشهداني، فأخبره بأنه شقيقه.

ويضيف ابن عم الجندي، هذال علي حامد المشهداني: "خرجنا إلى المكان الذي دفن فيه وبعد ساعتين وصلنا إلى المكان، وقال لنا أهالي القرية إن لديكم الخيار بين إبقائه مدفوناً هنا أو نقل رفاته إلى مسقط رأسه، لكننا قلنا أن قدره أن يموت ويدفن في هذا المكان بين أهله، وأشكر أهل القرية على ما قاموا به".

وشهدت كوردستان في الخامس من آذار عام 1991 انتفاضة كبيرة ضد النظام البائد الذي مارس أبشع صور القمع والبطش بحق الشعب الكوردي وانطلقت شرارتها من مدينة رانيا واتسعت رقعتها لتشمل عموم كوردستان.  لتنهار جميع الدوائر الأمنية والقطعات العسكرية دون مقاومة، وتتحرر كوردستان بشكل نهائي من بطش الحكم الشوفيني.

وفي موقف ٳنساني قليل النظير ونادر المثيل، فبدل الانتقام من جنود النظام المستبد عند أسرهم ٲخلی الشعب المنتفض سبيلهم دون ٳيذائهم أو تعذيب أحد منهم.

العراق

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات حتى الآن

الرد كضيف

هل ترغب في تلقي إشعارات؟
ابق على اطلاع بآخر أخبارنا وأحداثنا.