• لعل مقولة (التاريخ يعيد نفسه ) الماركسية هي ترجمة واقعية لقانون نفي النفي الهيغلي، ويظهر لنا مدى توغل فلسفة الدائرة في الموجودات بدءً من الأنشطة الإجتماعية، مرورا بظواهر الطبيعة و وصولا لهندسة مكونات الكون من دورة المناخ إلى دائرة الأفق إلى مسارات الأجرام و حتى الدوائر المشكلة لحيز العدم اللامتناه الذي يشتمل على كل الموجودات.
التاريخ باعتباره فعل إنساني يعطي الفرصة للأمم بتجنب الوقوع في اخطاء اسلافها كلما اكتملت دورته وعليه يتوجب فهم حركته واستغلال الظروف التي يؤتي بها من لدن الحركات القائدة للشعوب والممثلة لها ونعتبر نحن الكورد وحركتنا السياسية من أحوج الشعوب الى فهم مسار التاريخ والتربص بحركته وتلقف فرصه بحنكة ودراية .
لقد كَثُر الحديث في منتصف العقد الثاني للقرن الحادي والعشرين عن مئوية سايكس بيكو و وجوب بطلانها و واجب إنتاج البديل والحديث جار الآن عن مئوية معاهدة سيفر والحقيقة ان ما تشهده المنطقة التي ننتمي اليها من تحولات سياسية وتغيرات جيوسياسية هو تكرارٌ لما حدث قبل مئة عام حيث كانت الجغرافية التي يتحكم بها (الرجل المريض)تتفتت تحت سنابك خيول دول سايكس- بيكو فيما تتفتت الآن تمهيداً لشرق أوسط جديد .
تركيا التي كان يحكمها السلطان يعاد إليها عثمنتها من قبل حامل جديد لفكر السلطان.
سوريا التي انتدبت من عدة دول يعاد فرض الوصاية عليها الآن من عدة دول و سيعاد تدويرها و انتاج خريطة جديدة لها.
العراق الذي كان مقسما الى ثلاث ولايات تم تقسيمه جغرافياً إلى إقليمين ومجتمعياً إلى ثلاثة أقاليم تمهيدا لدولنتها حسب خريطة رالف بيترز الشرق أوسطية الجديدة .
دول الشرق الاوسط التي انفلتت من مخالب الصدر الاعظم وأعيد ترتيبها من قِبل الفاتحين الاوربيين يعاد ترتيبها من جديد وفق مصالح قوية قادمة من وراء المحيطات وما تدويل ثورات الربيع العربي وتحويلها الى ازمات واقامة مؤتمرات (جنيف و استانة وسوتشي )سوى اعادة انتاج لمؤتمرات باريس وسيفر (وربما لوزان لا سمح الله إن أعاد الكرد خيبات أجدادهم ) مع تغيير اللاعبين وفق مقتضيات التطور العسكري والاقتصادي فحلت امريكا وروسيا محل فرنسا وبريطانيا .
اذاً فالتاريخ يعيد نفسه والفرصة تُمنح من جديد لنا و (حكمة وشجاعة )الأطراف الكوردية على المحك في تحقيق ما لم يستطع أسلافهم تحقيقه وإن تكرار تفويت الفرصة او التفريط بها سيكلف مئة عام أخرى من العبودية والمظلومية وستلحق بالحركة السياسية الكوردية سخط الشعب وغضبه و لعنة الأجيال لدورة تاريخية كاملة.
كان للكرد حيز في حسابات الدول الفاعلة تجلى في معاهدة سيفر من خلال المواد (٦٢-٦٣-٦٤) بغياب الكرد و لو كان للكرد كما الآن ممثلون و أحزاب و حركات سياسية استطاعت حشو المصلحة الكردية في مشاريع تلك الدول لكان للتاريخ وجه آخر و هذا عامل إيجابي آخر في الظروف الراهنة لصالح انتزاع الحق الكردي إذ تمتاز الحقبة الحالية بوجود تلك الأحزاب و الحركات .
تتلخص اسباب وقوع الوطن الكردي تحت نير الاحتلال في :الفرقة وعدم نضوج الفكر القومي و غياب حامله وقصور المعرفة السياسية في ضرورة ربط المصلحة الكوردية بمصالح الدول الفاعلة آنذاك وعليه وبوجود حركة سياسية كوردية الآن تعمل لاكثر من سبعين عاماً و كان لها دور كبير في نشر الفكر القومي الكردي وخبرتها الطويلة قد ملأت خزائنها المعرفية من الناحية السياسية لا يبق عليها سوى التوحد وجعل القضية الكوردية في سوريا مصلحة دولية والاستفادة من تجربة إقليم كوردستان التي وبفضل حكمة قيادتها السياسية قطعت اشواطاً في تحويل الحلم الكوردي الى واقع وهم الآن على مشارف انجاز الدولة والتي حازت على الإعتراف المبطن من دول العالم والإعتراف العلني بات قاب قوسين من التحقيق وهذا ايضاً عامل مهم يضاف لعوامل نجاح الحركة السياسية الكردية في سوريا .
ان المجلس الوطني الكوردي بصفته حامل المشروع القومي الكوردي يتوجب عليه العمل وفق منحيين:
الأول : انجاز وحدة متوازنة للموقف الكردي و له في ذلك أوراق يستطيع استثمارها و الضغط من خلالها أهمها طبيعة توجهه القومي المستقطب للجماهير و دعم رئاسة كردستان لمشروعه و الإعتراف الدولي به من خلال المعارضة السورية على عكس الطرف الآخر الذي لا يمتلك هذه الميزات.
ثانيا: التحضير لمرحلة ما بعد الوحدة و هي الأهم إذ ثمة خشية حول مدى كفاءة المجلس في الإدارة التشاركية للمرحلة التالية.
إن الإدارات و الوزارات و المؤسسات و الممثليات و الهيئات تحتاج إلى كوادر مدربة و متخصصة و لا يعقل أن ينجح المجلس دونها في الإدارة إلى جانب الطرف الآخر الذي يمتلك خبرة لأكثر من سبع سنوات في إدارة المنطقة من خلال تشكيل وزارات و مجالس و رئاسة كانتونات و جيش و بناء مؤسسات تعليمية و خدمية و مختلف المرافق الحيوية.
يجدر بالمجلس تجهيز كوادر إدارية و قيادية بما فيها تدريب و تأهيل وزراء من التكنوقراط و لو في المنفى ليكون مستعدا كشريك حقيقي أو بديل لو دعت الحاجة.
لا شك أن الظرف الموضوعي ملائم جدا لإنتزاع الحق الكردي و يجب مكاملته بالعامل الذاتي و كل الطرق و الوسائل مباحة لفرضه.
إن تسلسل الأحداث على خط الزمن تبدأ و تنتهي لتبدأ من جديد بأحداث و ظروف مشابهة و هي ما تشكل دورة التاريخ فإما أن نفهمها و نستغلها أو ننتظر أجيالا أخرى.
حول ضرورة فهم حركة التاريخ.
تجربة إقليم كوردستان التي وبفضل حكمة قيادتها السياسية قطعت اشواطاً في تحويل الحلم الكوردي الى واقع
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن