زاكروس – أربيل
أقرّ وزير العدل العراقي خالد شواني، في أحدث تصريحات له، بأنّ تضخّم الطاقة الاستيعابية في سجون العراق وصل إلى 300%، الأمر الذي يؤكد ما يُتداوَل عن وضع بائس تعيشه دوائر الإصلاح والسجون العراقية، دون تحقيق تقدم في الحلول التي طرحتها السلطات إلى جانب تردي أوضاع السجناء بشكل مأسوي.
إذ قال شواني لوكالة الأنباء الرسمية إنّ "معالجة هذه المشكلة تجري وفقاً للبرنامج المرسوم من قبل الوزارة عبر آليّتَين": الأولى تُعنى بـ"الآليات القانونية المتعلقة بالإفراج وكذلك توسيع قضية الإفراج الشَّرطي وإصدار قانون العفو وفقاً للصيغة المصدّق عليها في ائتلاف إدارة الدولة وفي الحكومة من دون التوسع أو التضييق فيها"، إلى جانب "جملة من القوانين مثل تشريع قانون العقوبات والتدابير البديلة الذي يُعَدّ من القوانين النموذجية التي تتمّ عبر الاستفادة من تجارب دول متقدّمة في هذا المجال".
أمّا الآلية الثانية، بحسب وزير العدل ، فتُعنى بـ"البنى التحتية الجديدة" في سجون العراق، مشيراً إلى "مشاريع مستمرة للإنشاء وإعادة التأهيل تتقدّم بوتيرة متسارعة". أضاف أنّ في خلال 15 يوماً، سوف تُطلَق عملية "توسعة سجن العمارة الإصلاحي وسجن الناصرية الإصلاحي وسجن النجف الإصلاحي ودائرة الإصلاح النجف"، إلى جانب "الانتهاء من إعادة تأهيل وتوسعة سجن بغداد المركزي وعدد من السجون الأخرى في العاصمة"، مؤكداً أنّ "في هذه الحالة نقلّل الاكتظاظ وفقاً لهذا البرنامج بنسبة 200%" في السنة الجارية.
كما أوضح شواني أنّ "واحدة من المشكلات التي واجهتنا" لحلّ مشكلة اكتظاظ سجون العراق "تأخير إطلاق سراح مَن تنتهي مدّة محكوميته بسبب مفاتحة الجهات الأمنية والجهات الأخرى المختصة لمعرفة ما إن كان هذا النزيل محكوماً على ذمّة قضية أخرى أو عليه تحقيق ما، وهذا يُسمّى بيان عدم المطلوبية. وعند ورود عدم المطلوبية، يُطلَق سراحه".
إلا أن ناشطين في مجال السجون والسجناء وحقوق الإنسان يشيرون إلى أنّ توسعة السجون والدوائر الإصلاحية لا تمثّل حلاً لمشكلة الاكتظاظ، ولا سيّما أنّ معلومات كثيرة تفيد بأنّ أعداداً كبيرة من السجناء محتجزون من دون أيّ تهمة، وأنّ عدداً منهم قضى محكوميته، في حين أنّه ما زال مسجوناً. كذلك ثمّة موقوفون آخرون على ذمّة التحقيق منذ سنوات، الأمر الذي يُعَدّ جزءاً من الإخفاق الأمني وكذلك القضائي في التعامل مع المتّهمين. يُضاف إلى ذلك أنّ ثمّة سجناء قدامى لُفِّقت لهم تهم كيدية، من جرّاء الاعتماد على ما يُعرَف بـ"المخبر السري"، إلى جانب العداوات الشخصية وتصفية الحسابات السياسية.
فيما تشير اللجنة القانونية إلى أن الاكتظاظ هو من أهم الأسباب التي دفعتها للمطالبة بعفو عام الذي يواجه مشكلات سياسية وعدم الاتفاق في مجلس النواب بين الكتل السياسية "لكن من الممكن حلّها كلّها عبر إجراءات واقعية، لمنع الانتهاكات وتفشّي الأمراض ومواجهة حالات انتزاع الاعترافات".
يُذكر أنّ رئيس لجنة حقوق الإنسان البرلمانية النائب أرشد الصالحي سبق أن قلّل من إمكانية حلّ ملف سجون العراق وما فيها من انتهاكات، مشيراً إلى أنّ "أيّ رئيس للوزراء لا يستطيع حلّ هذا الملف"، وأنّ لجنة حقوق الإنسان البرلمانية في خلال زياراتها للسجون حدّدت انتهاكات كثيرة لكنّ "قوى سياسية تقف في وجهنا عند إثارة ذلك".
فيما يعيده ناشطون إلى عدد المتورّطين بقضايا مخدرات، مع تزايد كبير يصل إلى نحو أربعة آلاف نزيل جديد، في الوقت الذي تبلغ "الطاقة الاستيعابية لسجون العراق كلها ـ25 ألف سجين، لكنّ عدد النزلاء حالياً يُقدَّر بأكثر من 80 ألف نزيل: لافتين إلى أن هذا يعني أنّ السجناء يعيشون وسط ظروف صحية صعبة، إلى جانب "احتمال تفريخ المجرمين من العدد الكبير".
هذا وكان المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب قد كشف في تقرير له، في أواخر العام الماضي، احتجاز السلطات الحكومية عشرات آلاف المعتقلين "لأسباب سياسية أو كيدية وسط ظروف غير إنسانية، في زنازين مكتظة وغير مهيأة صحياً منذ سنوات عديدة. وأشار إلى أنّ درجات الحرارة والرطوبة عالية في أماكن احتجاز هؤلاء، الأمر الذي يؤثّر مباشرةً في صحتهم.
وتجدر الإشارة إلى أنّ ملف السجناء في العراق من الملفات المعقّدة، ولا سيّما مع الاكتظاظ والانتهاكات والخروقات المختلفة، من بينها إدخال الممنوعات. كذلك لا تتوافر بيانات رسمية خاصة بعدد السجناء في البلد، غير أنّ أرقاماً متضاربة تبيّن أنّها تقترب من 100 ألف سجين يتوزّعون على سجون وزارات العدل والداخلية والدفاع، بالإضافة إلى سجون تمتلكها أجهزة أمنية مثل الاستخبارات والأمن الوطني ومكافحة الإرهاب، في حين يستمرّ الحديث عن سجون سرية تضمّ آلاف المعتقلين.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن