زاكروس – أربيل
أثار قرار محكمة عراقية بـ "تبرئة" ضابط شرطة أدين في السابق وحكم عليه بالإعدام لقيادته مجموعة قتلت بالرصاص المحلل والمستشار الحكومي المعروف هشام الهاشمي قبل أكثر من ثلاث سنوات في بغداد، أسئلة حول تعمق نفوذ الفصائل الولائية في أجهزة الدولة.
إذ نقضت محكمة التمييز العراقية التي يترأسها القاضي فائق زيدان "المدعوم من المليشيات الولائية" وفق تقارير إعلامية، حكم الإعدام الصادر بحق أحمد حمداوي الكناني، المدان باغتيال الباحث هشام الهاشمي، وأعادت القضية إلى محكمة التحقيق التي بدورها أسقطت التهم الموجهة إلى الكناني "لعدم كفاية الأدلة"، معتبرة أن "اعترافاته السابقة لا تصلح للإدانة".
فيما بررت المحكمة قرارها بأن اللجنة التي تولت التحقيق في القضية، وهي اللجنة الـ29 التي تشكلت خلال الحكومة السابقة برئاسة مصطفى الكاظمي من أجل مكافحة الفساد وتم حلها في 2022، "ليست لديها أي صلاحيات قانونية للتحقيق في الجريمة".
كذلك لم تسمح المحكمة لوسائل الإعلام بحضور الجلسة، بحسب رويترز، فيما قال المحامي وهو يقرأ من نسخة الحكم إن أحمد حمداوي نفى جميع التهم الموجهة إليه، ووجد القضاة أنه لا يوجد أساس قانوني لتوجيه الاتهام إليه، وقرر القاضي إطلاق سراحه ما لم يكن مطلوبا في قضية أخرى.
وكان الهاشمي، الذي كان يقدم المشورة للحكومة عن سبل هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية والحد من نفوذ الفصائل الشيعية الموالية لإيران، قُتل بالرصاص خارج منزل عائلته في بغداد في السادس من يوليو 2020 عندما أمطره مسلحون يستقلون دراجة نارية بوابل من الرصاص فأردوه قتيلا.
بعد عام على اغتيال الباحث العراقي، أعلن رئيس الوزراء حينها مصطفى الكاظمي القبض على المتهم الرئيسي، وهو أحمد حمداوي عويد الكناني الضابط بالداخلية البالغ 36 عاما والمنتمي إلى القوات الأمنية منذ العام 2007، كما بث التلفزيون الرسمي "اعترافات" الكناني بالضلوع في اغتيال الهاشمي.
إلا أنه لم تعلن السلطات العراقية عن اسم الجهة التي تقف وراء الاغتيال، واكتفت بالقول إن الكناني ينتمي إلى "جهة خارجة عن القانون".
من جانبه، قال معهد واشنطن إن أن قاتل الهاشمي، تمت تبرئته من قبل القضاء العراقي "الخاضع للمليشيات"، ولفت إلى أن قضية الهاشمي تعود إلى عام 2020، حين انتقد كتائب حزب الله العراق، على شاشة التلفزيون، تحديدا القيادي فيه أبو علي العسكري، وأن الهاشمي نشر قبل اغتياله بأيام، بحثا مفصلا حول الابتزاز الذي تمارسه نقاط التفتيش غير القانونية حول بغداد التابعة لـ"كتائب حزب الله" ومليشيا بارزة أخرى هي "عصائب أهل الحق".
كذلك لفت إلى أن الكناني خارج العراق منذ العام الماضي وتراجع عن اعترافه وعاد إلى العراق خصيصاً هذا الأسبوع عند إصدار الحكم، وقضت المحكمة بأن مذكرة الاعتقال الأصلية "غير شرعية، وبعد تبرئته"، تم نقل الكناني مرة أخرى إلى خارج العراق عبر مطار بغداد من قبل فريق أمني خاص تابع لـ"قوات الحشد الشعبي".
معهد واشنطن لفت إلى أنه "تحت الضغط" الذي مارسته كتائب حزب الله، لم تسع الحكومة إلى إعادة القبض على الكناني المفرج عنه بشكل غير قانوني والمتواجد خارج العراق، ربما في لبنان.
إلى ذلك وسبق أن أكد وزير العدل العراقي خالد شواني، في نيسان من العام الماضي، أن وزراته لم تتسلم المتهم بقتل الخبير الأمني هشام الهاشمي كون لم يصدر حكم قضائي بحقه بعد (قبل صدور الحكم) ، وذلك في أعقاب تداول الإعلام "وثيقة مسربة" صادرة باسم الوزير تؤكد "عدم وجود" الكناني في سجون الوزارة بعد عاشر تأجيل لمحاكمته دون أسباب صريحة وغياب المتهم عن عدة جلسات متتالية.
كما سبق أن أبدت الهاشمي، في أيلول من العام قبل الماضي تشكيكها من إمكانية تحقيق العدالة ومحاكمة قاتل ابنها، وأشارت إلى "أيادي خفية قد تكون لها مصلحة" في التأجيل المتكرر لعقد جلسة للمحاكمة، لا سيما أن المتهم ينتمي للفصائل الولائية.
يأتي هذا فيما يشغل الجدل الخاص بفصائل مسلحة منخرطة ضمن (الحشد الشعبي)، جزءًا أساسيًّا من اهتمامات الشارع السياسي العراقي؛ حيث بات لهذه الفصائل التي تُعرف بقربها من إيران، وولائها المعلن لقيادتها الدينية، مصادر قوة وتمويل وقدرات منحتها قابلية تشكيل مؤسسات موازية لمؤسسات الدولة، حتى باتت عبارة (دولة موازية) أمرًا غير بعيد عن الواقع. وفق تحليلات بحثية.
إذ يستخدم قادة الفصائل الولائية نفوذهم السياسي لا سيما بعد هيكلة رسمية للحشد الشعبي -بكل مؤسساته الموازية - في الدولة العراقية، عبر تشكيلة كتلة نيابية تضم 18 كيانًا سياسيًّا معظمها أجنحة سياسية للفصائل المسلحة الحليفة لإيران ضمن تشكيلات الحشد والتي بدورها تقود تعين مسؤولين من المنتمين إليها أو المقربين منها في المواقع المسؤولة بدءاً من رئيس الحكومة وليس انتهاءً عند القادة الأمنيين، على أساس توزيع السلطات في مؤسسات الدولة.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن