زاكروس عربية - أربيل
أفرزت العملية السياسية في العراق، ما بعد العام ٢٠٠٣ أوضاعاً خاصة التي لا تشبه أخرى في العالم، منها ارتباطات وولاءات بعض القوى والأحزاب والكتل السياسية بالخارج وعدم تحرجها من ذكر هذا الارتباط، بل التفاخر به.
حصلت هذه القوى على شرعية قانونية مستخدمة توجيهات المرجعية كحصان طروادة للدخول إلى العملية السياسية ، وعلى الرغم من أن قانون الأحزاب رقم ٣٦ لسنة ٢٠١٥ منع أي قوة مسلحة من الاشتراك في الانتخابات، إلا أنه بقي حبراً على ورق وتشهد الانتخابات بهذا، حيث التفت الميليشيات على القانون وأسست اذرع سياسية بمسميات مختلفة، بل وأنها ضربت بعرض الحائط جميع مواد الدستور.
يغيب عن خطاب هذه الفصائل الأهداف والخطط والبرامج السياسية، حيث تخفيها مما يجعلها أقرب إلى القوى الباطنية، حيث تعتمد على الشعارات والرموز الدينية والتاريخية وادعاءات "المقاومة ونصرة الأمام الغائب والدفاع عن المذهب" تجاه تهديدات مزعومة، مستخدمة السلاح وسلاطة اللسان والتخوين واتهام الآخر بالتآمر، واعتبارها أن الجميع يجب التعامل معهم بهذا المنطق فكلهم أعداؤها إذا لم يكونوا معها.
من المؤسف أن تجد من يتماهى معها من القوى السياسية التي وفرت لها الغطاء والشرعية، كما أن جمهورها بطبيعة الحال أو زبائنها من أدنى طبقات الوعي المنساقة لنوع من الخطابات التي يتناغم معها وهي غالباً خطابات ذات صبغة طائفية.
وترمي هذه الفصائل بثقلها الولائي للخارج دون الوطن، ولا يهمها كثيرا حضورها النيابي وإنما أن تجد لها مكاناً بين الصفوة السياسية الطائفية، ولهذا فهي توالي للخارج بأكثر مما هو مطلوب منها، حتى يعتبر بعضهم أنها تعيش عقدة الإذلال والتفاني في خدمة الأجنبي.
كذلك على الرغم من هذه الموالاة للخارج إلا أن واردات هذه الفصائل ليس جميعها من الدولة التي تواليها، فهناك جزء كبير يأتيها من الدولة العراقية بشكل مرتبات ودعم ومقرات وأسلحة.
كما أن من أهم مصادر ثروتها التطفل على موارد الدولة كالنفط والمنافذ الحدودية فضلاً عن عمليات الابتزاز والاتاوات والجرائم المنظمة وتجارة المخدرات.
وتأتمر بعضها مباشرة من الخارج، منفلتة عن أية علاقة بالدولة الأم فتشارك في حروب بالإنابة، كما تشارك في قمع أية حركات احتجاجية حتى في دولة ايران التي تواليها.
لا تعترف هذه الفصائل بحدود الدولة/ الوطن، وإنما تجد ولاءها للمذهب، أو هكذا تعلن، والذي ترفع راية دولة الولي الفقيه، وحتى عند استعراضاتها العسكرية، ترفع علم إيران وصور المرشد.
حققت هذه الفصائل حضورا نسبيا في انتخابات العام ٢٠١٨ بدخولها في قائمة الفتح خاصة بعد انجاز عمليات استعادة المناطق التي احتلها تنظيم داعش، لكنها سرعان ما فقدتها بعد أحداث تشرين، وحين إعادة الانتخابات كانت قد خسرت الكثير.
يرجح محللون وأكاديميون أنها مرشحة أكثر للخسارة في الاستحقاقات المقبلة إذا تم اعادة الانتخابات، وهو خيار بدأت ترتفع حظوظه، لكن لا أحد يضمن ردة فعلها في حال خسرت، فقد تعلن الانقلاب على الشرعية، وحتى على أصدقائها.
بوجود حماية وغطاء سياسي تشارك بعض هذه الفصائل باسمها وكيانها ضمن بعض الجماعات السياسية مثل الإطار التنسيقي لكنها ليست بالضرورة تنحو منحاهم الفكري والسياسي أو تلبي استحقاقاتهم، فعلى الرغم من حاجة الاطار إلى استمالة الجانب الكوردي والسني بعد انسحاب التيار الصدري، ومحاولته تطبيب الندوب التي تركتها تصريحات البعض غير المسؤولة إلا أنها تتصرف بمعزل عنه، وما استمرار حربها على الإقليم إلا صورة تعكس واقعها والواقع السياسي المؤلم والذي بات إلى تدخل يوقفها عند حدها ويضعها في حجمها الطبيعي.
تقرير : كمال بدران
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن