Erbil 16°C السبت 23 تشرين الثاني 10:13

في صحراء العراق قرية لم يصلها كورونا .. خارج الزمن منذ قرن

بدون كهرباء ولا ماء ولا مستوصف

زاكروس عربية – أربيل

في عمق صحراء الغرب العراقي، تقبع قرية السحل المنقطعة عن العالم منذ أكثر من قرن بدون كهرباء ولا ماء ولا مستوصف، ولم يسبق أن رأوا من العالم سوى قاعدة عسكرية، غير أن وباء كورونا الذي يشكل تهديداً لكثير من دول العالم، لم يعرف طريقه إلى هذه القرية.

أقرب مستشفى يبعد نصف ساعة عن القرية التي تبعد أكثر من 250 كلم عن العاصمة بغداد، وليس في هذه البقعة القاحلة المحاطة بتلال صخرية على أطراف وادي حوران في محافظة الأنبار، سوى مدرسة ابتدائية وليس فيها حلّاق حتى.

وللتواصل مع العالم الخارجي، يكتفي سكان السحل بهواتف جوالة قديمة، لأن شبكة الانترنت والهواتف الذكية، لم تجد طريقها بين غبار الصحراء إليهم بعد.

أبو مجيد وهو أبرز وجهاء القرية ويبلغ من العمر 70 عاماً، يقول لفرانس برس "قريتنا عمرها أكثر من مئة سنة وطوال هذه السنين وهي بدون كهرباء ولا ماء ولا مركز صحي". ويضيف وهو يشير بيده إلى الحقول القاحلة من حوله "نعيش حياة بدائية بسيطة".

وللتزود بالماء، يستخدم الأهالي مضخة ديزل لسحبها من بئر في باطن الأرض، ويجمعونها بعد ذلك في بركة محاطة بحجر مغطى بالإسمنت. تشرب منها أغنامهم ويحملون بعضاً منها إلى منازلهم.

يضيف أبو مجيد "في الزراعة، نعتمد على مياه الأمطار".

ولم يذهب أبو مجيد سوى مرة واحدة في حياته إلى بغداد، قبل نحو 20 عاماً.

وبحسب فرانس برس "ما زالت العادات والتقاليد المحافظة حاضرة بشدة في هذه البقعة من صحراء العراق، إذ تحدثت أم مجيد مع الزوار الرجال من خلف باب منزلها، لتشكو النقص في الخدمات الطبية والكهرباء".

فالقرية غير متصلة بشبكة الكهرباء التي يعدها سكانها شكلاً من الرفاهية، ويعتمدون على مولدات كهرباء بسيطة وقديمة للإنارة وتشغيل التلفزيون لساعات قليلة فقط.

وتروي أم مجيد "أبناؤنا محرومون من الرعاية الصحية ومن التلفزيون إلا لساعة أو اثنتين من فترة لأخرى".

على بعد عشرات الكيلومترات عن القرية، تقع قاعدة "عين الأسد"، أهم المقرات العسكرية العراقية التي تضم قوات أميركية في العراق، وتتعرض لهجمات صاروخية من حين لآخر.

من جهته، يروي راعي الأغنام الشاب مهدي أنه في "إحدى المرات، قتلت اثنتان من أغنامي برصاص عندما كنت في مرعى مجاور للقاعدة تزامنا مع تدريب في ميدان رماية".

ويضيف بحسرة "لا نعرف غير الرعي والزراعة لكسب العيش"، فيما يعمل آخرون في استخراج الصخور المستخدمة في البناء.

ويروي مهدي (17 عاماً) "ليس عندنا غير مدرسة ابتدائية، لا شيء غيرها".

ويؤكد قطري كهلان العبيدي، أحد المسؤولين المحليين في ناحية البغدادي التي تتبع لها قرية السحل، أن "القرية تعاني من نقص في الخدمات".

وتحدث العبيدي في الوقت نفسه عن وجود مشاريع من المزمع القيام بها لتأمين كهرباء وبناء محطة تصفية مياه للقرية.

ودعا العبيدي المنظمات الحكومية والإنسانية لتقديم الدعم من أجل بناء مركز صحي لأهالي قرية السحل.

ويمثل غياب الخدمات الصحية معاناة إضافية للأهالي. ويقول أبو مجيد بهذا الخصوص "إذا مرض أحد (هنا) يموت، لأن نقله (إلى أقرب مستشفى) خصوصا خلال الليل ليس سهلاً".

وتحدث عن "وفاة رجل بمنتصف العمر في الثاني من آب/أغسطس، بسبب تعرضه لأزمة صحية، وهو في الطريق إلى مستشفى ناحية البغدادي". ويزيد غياب أي طريق معبد يصل القرية بما حولها الأمر صعوبة.

وتُضطر العائلات لنقل الحوامل قبيل موعد الولادة إلى مستشفى في البغدادي لتأمين رعايتهن قبل أن يضعن.

غير أن وباء كوفيد-19 الذي يشكل تهديداً لكثير من دول العالم، لم يعرف طريقه إلى هذه القرية الغارقة تحت وعورة التضاريس وقساوة المناخ، حسبما أكد أبو مجيد، قائلاً "لم تصل كورونا لقريتنا ولم يتلق أي فرد من قريتنا اللقاح".

العراق

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات حتى الآن

الرد كضيف

هل ترغب في تلقي إشعارات؟
ابق على اطلاع بآخر أخبارنا وأحداثنا.