رفعت حاجي..
ينتاب السوريين في حكم العادة كل سنة، شعور بأن السنة الآتية ربما تكون مختلفةً عن بقية السنوات التي انقضت. وعلى هذا الأمل، يبدأون ببناء أحلام بشأن اقتراب الفرج وخاتمة المأساة التي طالت، ولم تتوقف تداعياتها الكارثية، إلا أنه في كل سنة تمر ينخفض سقف الطموحات، أما الثابت فهو القناعة بأنه لا نهاية تامّة للكارثة. واستحالة استعادة سورية كما كانت.
بعد مرور ثماني سنوات ويستمر الجرح السوري بالنزف، سقط أكثر من نصف مليون قتيل، وتهجّر أحد عشر مليون سوري منهم خمسة ملايين طالبي لجوء خارج الحدود السورية، وتدمّر ثلث العمران. دون أن يجد السوري أمامه فسحة أملٍ، في ظل تخلٍ عربي ودولي عن المسؤولية السياسية والأخلاقية تجاه هذا البلد وأهله ــ حسب تعبير النشطاء السوريين.
فلا أحد من السوريين يتوهم أن موازين القوى تبشر برحيل النظام قريباً، الذي بدأ يستعيد عافيته، حدّده له الروس الذين يمتلكون أوراق القوة، ويتحكّمون بمفاتيح النظام الأمنية والعسكرية والسياسية، لاستخدام سورية قاعدة لهم، في ظل التجاذب مع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي. وفي جميع الأحوال، لا يمكن مقارنة حجم التأثير الروسي بنظيره الإيراني الذي بات في الدرجة الثانية من حيث النفوذ، ويتراجع تبعاً للحصار الاقتصادي المضروب على إيران.
وبرزت الحملة ضد تنظيم داعش، كأولوية قصوى للأطراف المتعددة المتحاربة في سوريا خلال عام 2017. استعادت الحكومة السورية، بمساعدة روسيا وإيران و"حزب الله"، هيمنته، حيث رافق السباق على تأمين الأراضي وتعزيز المكاسب انتهاكات حقوقية وقانونية جسيمة صبغت طبيعة الصراع السوري.
بلغ عدد القتلى جراء الصراع أكثر من 500 ألف شخص منذ عام 2011، وفقا لـ"البنك الدولي"، إضافة إلى 5 ملايين طالب لجوء، وأكثر من 6 ملايين نازح، وفقا لوكالات أُممية، أشارت تقديرات "الأمم المتحدة" إلى وجود 540 ألف شخص ما زالوا يعيشون في المناطق المحاصرة بالإضافة الى عشرات الآلاف من المفقودين المجهولي المصير، في معتقلات النظام السوري، والفصائل المسلحة الأخرى.
شنت الحكومة السورية هجمات متعددة بالأسلحة الكيميائية ضد المدنيين في مناطق سيطرة المعارضة. كما شنت، بدعم من روسيا وإيران، هجمات متعمدة وعشوائية ضد المدنيين والبنية التحتية المدنية، منعت المساعدات الإنسانية، استخدمت التجويع كتكتيك حرب، وأجبرت السوريين على النزوح القسري في مخالفة للقانون الدولي. تستمر ممارسات الحكومة السورية في التعذيب وسوء المعاملة أثناء الاعتقال والإخفاء القسري.
وارتكبت الجماعات المسلحة غير التابعة للدولة بدورها سلسلة انتهاكات، وشنت هجمات متعمدة وعشوائية ضد المدنيين، اختطفت نشطاء تعسفيا واحتجزتهم، وخاصة المدعومة تركياً في المناطق الكوردية وفي عفرين على وجه الخصوص بعد احتلالها من قبل الأتراك وتسليمها للجماعات المتطرفة الموالية لها، استخدمت القوة المفرطة لتهجير سكانها الصليين من الكورد واستبدالهم بوافدين من القوميات الأخرى.
ارتفع عدد ضحايا المدنيين للغارات الجوية التي شنها التحالف بقيادة الولايات المتحدة على داعش. وفقا لـ"الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، يثير بعض هذه الغارات مخاوف حول عدم اتخاذ التحالف الاحتياطات اللازمة لتجنب الخسائر في صفوف المدنيين والحد منها.
واستمرت الهجمات الجوية غير القانونية ضد المدنيين والمنشآت المدنية في سوريا، مع هجمات على منشآت طبية ومدارس ومساجد.
رغم انخفاض عدد القتلى المدنيين جنوب سوريا بعد اتفاقات وقف إطلاق النار المحلية، استمرت الهجمات غير القانونية.
سجلت "هيومن رايتس ووتش" العشرات من الغارات الجوية بأسلحة حارقة، ووثقت هيومن رايتس ووتش استخدام ذخائر صغيرة حارقة تحوي ثيرميت، ملقاة من قنابل من طراز RBK-500.
,تدهورت الأوضاع الإنسانية في مناطق المعارضة المحاصرة بسرعة، مما أجبر المجتمعات المحلية في العديد منها على الاستسلام لشروط اتفاقات الإجلاء مع الحكومة، حيث وجدت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة و"منظمة العفو الدولية" أن بعض عمليات الإجلاء هذه غير قانونية وتشكل نزوحا قسريا.
الاستخدام غير المشروع للأسلحة الكيميائية وغازات الأعصاب
واصلت قوات الحكومة السورية استخدام الأسلحة الكيمائية بشكل متكرر، خلص تقرير لجنة التحقيق الخاصة بالأمم المتحدة إلى "استخدام القوات الجوية السورية السارين في خان شيخون في إدلب، وثقت هيومن رايتس ووتش أيضا استخدام منهجي وواسع النطاق للأسلحة الكيميائية.
غارات التحالف بقيادة الولايات المتحدة
وفقا لـ"المرصد السوري لحقوق الإنسان"، وهو مجموعة مراقبة مقرها بريطانيا، قُتل نحو 1,100 مدني في غارات جوية شنتها طائرات التحالف منذ بدء حملة إعادة السيطرة على مدينة الرقة.
حققت هيومن رايتس ووتش في عدة غارات جوية على بلدات قرب الرقة، بما في ذلك على مدرسة تستضيف نازحين في المنصورة وسوق ومخبز في الطبقة في أدت لمقتل ما يقرب من 84 مدنيا، بينهم 30 طفلا.
الاختفاء القسري، الوفاة في الاحتجاز، الاعتقالات التعسفية، والتعذيب
لا يزال الاحتجاز التعسفي وسوء المعاملة والتعذيب والاختفاء القسري متفشٍ في سوريا، وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أكثر من 4,252 حالة اعتقال تعسفي، معظمها على يد القوات الحكومية. لا يزال أكثر من 80 ألف شخص مختفين، وفقا للشبكة السورية لحقوق الإنسان.
أزمة النزوح والإجلاء القسري
سعت الدول المجاورة، كلبنان والأردن وتركيا، إلى كبح التدفق الجماعي للاجئين بإنشاء عوائق غير شرعية إدارية وقانونية وحتى مادية. لا تزال هناك تقارير عن حوادث إطلاق نار من حرس الحدود التركي ضد سوريين ومهربين يحاولون عبور الحدود، منها إطلاق النار على طفل عمره 3 سنوات في سبتمبر أيلول.
الأطراف الدولية الرئيسية
لم تحقق محادثات السلام التي عقدتها الأمم المتحدة في جنيف أي تقدم، اجتمعت روسيا وإيران وتركيا في أستانا، كازاخستان، مع ممثلي أطراف النزاع للعمل على تخفيف النزاع. رغم تسبب اجتماعات أستانا المتتالية في انخفاض العنف بعد اتفاق مايو/أيار لإنشاء 4 مناطق تخفيف توتر، لم تنهِ العنف تماما. انتهكت الحكومة السورية وروسيا وغيرها من الجهات الفاعلة مرارا وقف إطلاق النار، كما توغلت قوات تركيا داخل محافظة إدلب واحتلت عفرين.
واصلت الحكومة السورية انتهاك قرارات مجلس الأمن، مع مواصلة روسيا، مع الحكومة الإيرانية، تقديم المساعدة العسكرية للحكومة السورية ، والرفض بشكل وقائي قيام مجلس الأمن بعمل هادف للحد من انتهاكات الحكومة السورية.
كما تواصل الولايات المتحدة أيضا قيادة تحالف يضم دولا أخرى ويستهدف داعش في العراق وسوريا، فضلا عن دعم هجمات قوات سوريا الديمقراطية، فيما تظل مدينة عفرين الكوردية والمناطق المحاطة بها تترنح تحت وطأة إنتهاكات الجماعات المتطرفة المدعومة تركياً، وتبقى التهديدات التركية قائمة على المناطق الكوردية على طول الحدود السوريةمعها .
رفعت حاجي.. Zagros tv
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن