Erbil 6°C الثلاثاء 22 تشرين الأول 06:33

انتخابات إقليم كوردستان نتائج مختلفة وثابت واحد

أنس الشيخ مظهر

المعادلة التي سارت عليها الحياة السياسية في كوردستان منذ 1991 وإلى يومنا هذا تؤكد أن "الشارع الكوردستاني هو من يقرر مصيره" .. فشعب كوردستان هو من ثار ضد الحكومات العراقية المتعاقبة وأرفد ثوراته بقافلة طويلة من الشهداء والكثير من التضحيات، وهو من اشعل انتفاضة آذار دون أن تخيفه الآلة العسكرية المدمرة للنظام السابق وهو من لبى دعوة الرئيس مسعود بارزاني بالذهاب إلى الاستفتاء وتقرير مصيره دون أن ترهبه تهديدات خمس دول، وهو من تحدى محاولات حكومات بغداد المتعاقبة لإركاعه وإخضاعه اقتصاديا ..هذا هو الطرف الأول من المعادلة السياسية الكوردستانية.

أما الطرف الثاني من المعادلة فهناك قيادة حكيمة تتحرك بحكمة ووعي وفق المتغيرات السياسية بما ينسجم مع صون حقوق هذا الشعب...

لذلك فوجود طرفي المعادلة هذه ( شعب مناضل وقيادة حكيمة ) والتناغم الكبير بينهما كان نتيجته الاستقرار الذي يتمتع به إقليم كوردستان في مختلف المجالات رغم وجوده في شرق اوسط ملتهب..وقد تكون النتائج الأولية للانتخابات التشريعية في إقليم كوردستان خير دليل على نضج هذه المعادلة السياسية.

ورغم محاولات أطراف مليشياوية وكوردية تحريف الانتخابات الأخيرة وجر الإقليم إلى متاهات مستقبلية وربطه بمعسكر إقليمي معين إلا أن شعب كوردستان كان واعيا لهذه المحاولات ولم تنفع معه البهلوانيات التي كان يقوم بها البعض والخطاب الثوري الذي عفى عليه الزمن، فهو يدرك أن الحفاظ على المعادلة الكوردستانية هو سبيله الوحيد لتحقيق أهدافه لا أن يتم جره لمستقبل مجهول يضعه في معسكر ظلامي آيل للسقوط.. لذلك صوت للديمقراطي الكوردستاني ليفوز بأغلبية مريحة تمكنه من الاستمرار في عملية البناء والإعمار لإقليم كوردستان.

لقد أثبت الشعب الكوردستاني أن بإمكانه حماية نفسه من أن يقع ضحية قيادات مغامرة وخطاب فارغ لا ينتج عنه إلا الدمار والهلاك مثلما هو المصير الحالي لشعوب معينة في المنطقة، وهو ما كانت أطراف كوردية ومليشياوية تهدف إليه، فتعامل مع هذه الانتخابات كأهم انتخابات يجريها بعد انتخابات عام 1992 وأدلى بصوته للطرف الذي يحميه من متغيرات المنطقة ويحمي مكتسباته فأنقذ الإقليم من الوقوع في فخ صراع ناشب في المنطقة دفعت فيه شعوب ودول ثمنا كبيرا في الأرواح والأموال.

هناك نقطة أخرى مهمة افرزتها الانتخابات الأخيرة وهي انخفاض شعبية الأطراف الإسلامية مقارنة بأصواتها في الانتخابات السابقة، وهو ما يشير إلى أن الشارع الكوردستاني يتابع بدقة الأحداث التي تمر بها المنطقة وكيف فشل الإسلاميون ممن استلموا السلطة في دول ومناطق معينة من تقديم أي شيء لجمهورهم لذلك شهدت انتخابات هذه الدورة انخفاضا في عدد الأصوات التي حصلت عليها الأحزاب الإسلامية في كوردستان.

هذا الوعي لم يقتصر على الشارع المؤيد للحزب الديمقراطي الكوردستاني بل حتى في الشارع المعارض له مهما كان حجمه صغيرا ,فقد بدأ يفرز وعيا سياسيا مختلفا عما سبق، ورغم أنه لم يصوت للديمقراطي الكوردستاني، إلا أنه ابتعد عن الأطراف التي كان يصوت لها في الانتخابات السابقة، لذلك تغيرت الخارطة السياسية في كوردستان وبقي الثابت الوحيد فيها هو الديمقراطي الكوردستاني صاحب الإنجازات الكبيرة في النضال المسلح قبل الانتفاضة والنضال السياسي بعده والجمهور المؤيد له ..

 

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات حتى الآن

الرد كضيف

هل ترغب في تلقي إشعارات؟
ابق على اطلاع بآخر أخبارنا وأحداثنا.