زيد سفوك
رغم كل الكوارث والنكسات التي حلت بالكورد، ورغم كل المحاولات والممارسات التعسفية بأبشع صورها لطمس هويتهم الثقافية وسرقة وتشويه معالمهم الحضارية والأثرية، بقيت كوردستان وقلعة أربيل شامخة وراسخة عبر كل الأزمنة والحضارات المتعاقبة.
كُتب على الكورد أن يعيشوا أصعب وأحلك وأقسى الظروف، حتى اقترنت كلمة الكوردي بأدق تفاصيلها، مع كل معاني الرجولة والبطولة والصبر والتحمّل والمعاناة، والتي كانت كفيلة بالحفاظ على موروثهم الثقافي والحضاري وإرثهم التاريخي، لا بل وأثبتوا للعالم أجمع بأن جيناتهم غير قابلة للتحور أو المس بها، وإن إصرارهم للعيش والبقاء، أكبر وأعظم وأقوى فعالية من كل الأسلحة المتطورة التي استخدمت ضدهم.
يُولد الطفل الكوردي، ويحمل معه كل هذه الموروثات والطباع والخصال، وتبدأ معه معركة ورحلة المعاناة والإصرار في البحث وتأكيد وترسيخ هويته القومية وعراقتها وأصالتها وقيمها النبيلة، وحين يكبر قليلاً ويكتمل لديه الوعي، تكبر معه هذه القيم والأمنيات وتنمو معه، إلى أن تتحقق ويكتحل عيناه برؤية "كوردستان"، حرة أبية، ووطناً يسع ويستوعب الجميع بكل أطيافهم وقومياتهم وأديانهم، نعم ودون مبالغة ذاك هو الكوردي وتلك هي قلعة أربيل.
ومن هنا، ودون أدنى شك أو ريب نرى كيف تحولت أربيل فعلاً إلى بوابة واسعة لحضارة الشرق الجديد، وكيف بات معظم زعماء ورؤساء ودبلوماسيي الغرب والشرق لا يتركون فرصة أو حدثاً ما والا يتوجهوا لزيارتها، من يراها للوهلة الأولى يشعر لا إرادياً أنه في دبي من ابراجها العالية وتطورها العمراني، وحين يتعمق في رؤية مساحاتها الشاسعة وطبيعتها الخلابة وتطورها والتمعن في حضارتها القديمة المتجددة وثقافتها ومشاريعها العملاقة الحديثة، تتجاوز مخيلته دبي، ويشعر انه حقاً في سويسرا الشرق.
هذه الحقيقة الثابتة على الأرض تظهر معالم الشرق الأوسط الجديد، تلك المعالم التي تنفذها حكومة إقليم كوردستان ورئيسها مسرور بارزاني بخطوات ناجحة، يكاد لا يمر يوم إلا وهناك تطور عن اليوم الذي قبله، بعد التطور الحضاري والعمراني والسياحي الذي شهدته أربيل وباقي مدن كوردستان، اتجهت حكومة مسرور بارزاني لتنفيذ مشاريع عملاقة وضخمة، والتي تأتي بالدرجة الأولى في خدمة شعب كوردستان ونهضته وتقوية اقتصاده ولتصبح أربيل أحد أعمدة الاقتصاد العالمي الجديد وأحد أهم اسواقها التجارية، وغالباً ما تشير الدلائل إلى أن أهم أسس نجاح الشرق الأوسط الجديد هي القيادة الحكيمة التي تكافح وتعمل باستمرار ليكون شعبها في نعيم وأمان وحياة كريمة.
لقد اوضح العلماء والمفكرون والفلاسفة دوماً أن التاريخ هو امتداد للحاضر، حين نتمعن بقراءته وفق الحقائق والقراءة النقدية والتحليلية، وإذا ما نظرنا للتاريخ الذي ليس ببعيد وقارنا بين انظمة حكم ترأست دول كبيرة وباستبدادهم تحولت دولهم الى مقاطعات صغيرة نرى بشكل واضح لا لبس فيه، الفرق الشاسع مع حكومة اقليم كوردستان التي حولت الإقليم إلى شرق أوسط كبير بثقافتها وانفتاحها واحتضانها للعالم، حكومة أثبتت وبجدارة انها تستحق الثقة ولتكون مثالاً لدول أخرى لتستفيد من خبراتها وامكاناتها وقيادتها،وهكذا تحولت أربيل إلى مدينة السلام والامان والازدهار، كيفَ لا وهي امتداد لنضال وإخلاص ووفاء البارزاني الخالد وما زال على العهد أحفاد الخالد بثبات.
*باحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن