Erbil 9°C السبت 23 تشرين الثاني 02:08

إعلام الكاتيوشا وماراثون العجايا!

الـ "عجايا" مفردة من الدارجة العراقية كثيرة الاستخدام في المناطق الغربية من العراق وخاصةً الموصل

   لقد سبق وأن استخدمنا مثل شعبي دارج هو ( عجايا والدنيا عيد) في عنوان لمقال آخر، ولأن الوضع ما زال كما كان حينما وصفناه، بل تمادى أكثر وتعقدت (معجيته) ترانا نعود اليه خاصة وان الذين ينطبق عليهم المثل امتلكوا اسلحة كاتيوشا ويهددون باسلحة دقيقة كالتي استخدموها في ضرب مقر التحالف الدولي قرب اربيل يوم الاربعاء 30 ايلول 2020، فسقطت وسط احراش حول مخيم للنازحين شمال غرب اربيل، في عملية صبيانية دعائية، ولذلك فهو مازال ينطبق على تلك الظاهرة الباقية والتي تتمدد في غياب الدولة وتعملق اللادولة، مع استمرار الفوضى في معظم مفاصل الحياة السياسية والإدارية والأمنية والإعلامية في العراق، ولا تكاد الظروف اليوم تختلف عما وصفناها بمعاني هذا المثل الدارج الجميل، بل بتطابقٍ كبير وتضخمٍ أكبر، فما زال الاعلام وأداء معظم الفضائيات والإذاعات العراقية في المرحلة الدعائية، ولم يرتقِ إلى مستوى الأداء الإعلامي بمفهومه المهني الرفيع، خاصةً تلك الفضائيات التي تموله وتوجّهه من خارج العراق، هي ذاتها ترسل تلك القذائف الكاتيوشية، حيث يظهر خطابها الدعائي من خلال برامجها المسماة حوارية، وهي في حقيقتها لا تتجاوز الخطاب الدعائي التسقيطي، وفي معظم الاحيان يأخذ طابعا تحقيقيا بصيغة امنية مليئة بالسلبية والعدوانية وروح الكراهية، ويبدو ذلك جلياً في الأزمات  الداخلية، التي تستوجب إعلاماً مهنياً وطنياً، يعمل على إيقاف التشنج وإشاعة الهدوء بدل المهاترات ولغة التنكيل والتسقيط والفبركات الكاذبة من أجل تمرير مهمة معينة أو التغطية على فضائح تزكم الأنوف.

   ولقد شهدنا الحملات الحوارية الموجّهة، والتي تستهدف أحد طرفي النزاع وخاصةً بين الإقليم والحكومة الاتحادية،  وكيف تنبري تلك المجموعات مما يُسمى بــ"المحللين السياسيين" أو رؤساء ما يُسمى بـ"مراكز البحوث الديمقراطية" أو "الخبراء الاستراتيجيين" جدا، خاصة القادمين من مهن لا علاقة لها بالموضوع كالقصابة والفيترية والباسوانجية والشوفيرية وأمثالهم ممن طافوا على سطح الفوضى الخلاقة بعد 2003، وتسلقوا بسفينة الاعلام "الارجنتيني" وكأنهم في ماراثون لتفريغ مركبات النقص وتوزيع الطاقة السلبية وإفراغها من جعبة تلك الأجهزة الدعائية باتجاه كل من يختلف معهم أو يُكشف فضائحهم وفسادهم.

   والـ "عجايا" مفردة من الدارجة العراقية كثيرة الاستخدام في المناطق الغربية من العراق وخاصةً الموصل، حيث تطلق على الصبيان الداشرين أي المنفلتين وغير المنظبطين، وتستخدم بكثرة في وصف أي إنسان بغض النظر عن عمره يقوم بأعمال غير مسؤولة وخارجة عن الآداب العامة والتقاليد، وخاصةً تلك التصرفات التي لا تخضع للتربية الاجتماعية وأعرافها، وما نشهده من سلوك الميليشيات لا يبتعد كثيراً عن هذه التوصيفات، مع جل الاحترام لبراءة الأطفال إزاء لؤم وخباثة تلك الميليشات السائبة، وخلاصة القول، هي أشبه ما تكون في المعنى من المثل القائل في فصيح الكلام "تمخض الجبل فولد فأرا" للدلالة على توافه الأعمال أو الأقوال أو كليهما معاً، كما نراه اليوم في تهديد الولايات المتحدة وقصفها جدران منشآتها بقذائف بدائية، أو ممارسات من تسلقوا مواقع في غفلة من هذا الزمن السيئ الذي يعيشه العراقيون تحت ظلال سلطتنا الديمقراطية جداً ومؤسساتها، سواء من كان منهم في مجلس نوابنا العجب، الذين ينطبق على معظمهم مثلنا أعلاه و"خصوصتن" كما تكتبها كثير من "نايبات" هذا البرلمان، وبالذات "أم الكعب العالي"، الشفاطة دون منازع أو مناصفة مع من تفتل الدنيا معها حينما تغرد باتجاه إقليم كوردستان، تلك العقدة التي يعاني وتعاني منها كثير من مسؤولي ومسؤولات هذا البلد في البرلمان أو الحكومة، لا سيّما بعد زيارتهم للعاصمة أربيل ومقارنتها مع المفجوعة بهم بغداد،  وغيرها من مدن "الصد وما رد" كما يقول الدارج العراقي لمن يخرج من بيته ولا يعود أبداً.

   أقول قولي هذا مستذكراً "العجايا" وعيدهم كلما نشبت أزمة أو تمّ تصنيع مشكلة مع إقليم كوردستان، حيث تنبري مجاميع معدة إعداداً مكتنزاً بالكراهية والحقد في وسائل إعلام لا هم لها إلا "العد والصف" على طريقة بعض النسوة، وتبدأ نافورة الشتائم والقذف والاتهامات وإشاعة الكراهية والأحقاد، دون أي وازع وطني أو أخلاقي يحافظ على اللحمة المجتمعية والمزاج العام للأهالي في بلادٍ توصف ترويكتها السياسية بأنها كتل تجرُّ بالطول وكتل تجرُّ بالعرض؟

   وبينما العد والصف جاريا في برلمان حول دائرة واحدة ام عدة دوائر،  ولا يعرف غالبية اعضائه غير الراتب والامتيازات والقومسيونات، تستهدف صواريخ العجايا اطراف عاصمة الاقليم اربيل في رسالة مرتبكة تُظهر تعدد مراكز القرار في بلاد يسودها ظلام الفساد والميليشيات، حتى تكاد تقول انها ظلمة ودليلها!؟

العراق

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات حتى الآن

الرد كضيف

هل ترغب في تلقي إشعارات؟
ابق على اطلاع بآخر أخبارنا وأحداثنا.