صدر مؤخراً للكاتب الروائي الكوردي علي عبدالله كولو، روايته الثالثة بعنوان ( السماء تُمطر عشقاً)، صدرت عن دار نون4 للطباعة والنشر والتوزيع المنشية القديمة – حلب – سورية، يتألف الكتاب من 127 صفحة من القطع المتوسط، ووضع لوحة الغلاف الفنانة آهين علي، وقام بتصميم الغلاف: خالد الوهب.
أقام عدّة حفلات توقيع للرواية في دولة المانيا الأتحادية، إحداها في برلين حيث قامت فضائية Kurdistan TV بتغطية الحفل .
رواية (السماء تُمطر عشقاً) من الأدب الواقعي، تبدأ بحكاية حب بين كائنين يتصوران أنفسهيما عصفورين في فضاء من الحرية، لكن سرعانما يصطدمان بحواجز من صنع البشر، جعلوها دساتير تتحكم بالحرية بطريقة هدّامة، ليطغى حبهما بمحتواه الإنساني والرغبة في إثبات الذات في نوايا الخير وبراءته، بإقبال على الحياة بعنفوان الحب، وعبثها العفوي الذي اكتشفها مفاتن فتاة ريفية، وتضحية الزوجة مع زوجها بسنين الفراق من أجل اعداد حياة أجمل لأبنائهما، إلا ان الجشع جعل السواد طاغياً على ربوع العاشقين.
تنتقد الرواية بقايا العادات الريفية، وتعزف أحياناً على علم النفس، ويعالج الكاتب عللاً دخيلة على مجتمع نقيٍ، يأبى النخر الذي يتسلل الى أوصاله نتيجة الإختلاط والصعوبات التي يواجهه، نتيجة خصوصياته في الحياة، وتمسكه بأصالته ودأبه على مواصلة التحضّر بالسير في ركب الحضارة العالمية، من خلال إرتباطه بالعلاقات الريفية رغم تواجده الشبه الكامل في المدينة، التي ربما تنافي القيم التي يصطحبها الشاب الريفي والذي يرغمه على الرضوخ لصخب ورعونة المدينة، وكبت جميع أحاسيسه ليحررها في أقرب زيارة الى مرتعه الوفي ( قريته).
يشير الكاتب من خلال حكاية حب جارف، تمرّد الحداثة الهادئ والهادف الى تصحيح ما تسبب في تأخّر شعوب بأسرها، نتيجة غطاء الإنصياع لأوامر خاطئة فرضتها الحالة الإجتماعية وظلت جاثمة على صدور الأجيال المقبلة الى الحياة، رغم التشبث بالأرض والواجب الشعبي والقومي، والنضال من أجل نيل الحرية، إلا أن حرية الفرد تكون نقطة إنطلاق جماعية لدى مجموعة من طلبة جامعيين، في ثورة إجتماعية لإثبات وجودهم وإمكانية تغيير الواقع الى الأحسن بإرادة جماعية وعزيمة، مع الحرص على مستقبل بلاد وشعب ينتمون اليه، فيتطرق الكاتب الى جوانب من نضالات الطلبة الكورد في الجامعات السورية وتقاربهم من الطلبة من القوميات الأخرى لإنشاء جسر للمستقبل القريب البعيد، وفي الوقت نفسة يتكاتفون مع صديقهم العاشق الريفي الذي قرر الوصول لمبتغاه وشق غمار الحياة ليلقن من يستحكمون بمصائر العاشقين درساً في الإخلاص والتصميم.
رغم أن ما يقدم عليه هذا العاشق بدعم وتكاتف رفاقه ( المثقفين)، يشكل عصياناً تجاه كرامة واحترام والديه وكذلك والدي الفتاة الريفية التي رضخت لمشاعر حبها ووافقت المخاطرة مع حبيبها، إلا أن الكاتب يعالج هذا التمرد من ناحية تخصصه القانوني، ليبرّر ذلك التصرف ويجعله كردّ قوي على التكبر نتيجة المفارقات الطبقية التي تغزو مجتمع عفيف، ويجب استئصاله.
فيقول الكاتب: "الفقر هو الإرهاب بعينه وعندما يغتني الفقير يحاول عبثا الإبتعاد عن أي شئ يذكره بفقره، وبيريفان ستكون السبب الأقوى الذي سيُذكر صالح( والد الشاب) صباح مساء بما كان عليه قبل عدة سنوات"، ويتابع "الفقراء معذبون في الأرض حتى بعد تحسن أوضاعهم، غالبية الشعب ضحايا جشع وسياسات الحكومة والنظام، النظام الذي يستحوذ على خيرات البلاد من مشرقها لمغربها ومن شمالها لجنوبها وهذا الظلم سيشكل انفجارا وإن وصل الظلم لحدوده العليا ينفجر الناس، فالناس ابتعدت عن بعضها ولم تعد تجمعها المحبة وأصبح الغني ينظر للفقير و كأنه مرض معدٍ".
ويبقى صراع العواطف الأبوية بين الانتماء الطبقي المحدث وبين مشاعر الأبوة.. وتقفل الرواية بانتصار الحياة الذي غالباً ما يقرره الشباب منتصرين من وقف في وجه طموحهم.. فيقول الكاتب "جلس صالح وسحب الدخان بقوة الى صدره وجعله يخرج ببطئ وقال بصوت مسموع ...:أقول بأنني لم أتغير، بل تغيرت وأصبحت سيئا أقول بأن المال وسيلة ، يحترمني الكثير من أجل أموالي، فإن متُ غداً فهل سيترحمون عليّ من قلوبهم أم سيقولونها برؤوس ألسنتهم ؟ أين العلم الذي تعلمته ولماذا طغى المال على العلم والعاطفة لدي، وهل أستطيع شراء السعادة لولدي بالمال إن حرمته من بيريفان؟ .............. فاطمة على حق فقد تغيرت ولم أعد أشبه الاستاذ صالح الذي كان الطلبة يلتفون حوله لتواضعه وطيبته، أجل لقد تغيرت وهذا الثوب يضايقني كلباسٍ من حديد خارجٍ من فوهة بركان والذي لبسته منذ عدة سنوات .
إلا أن الحبيبان يجازفان بكل ما يملكان، ويتغلبان على ما يعترضهما من مصاعب وعوائق..! كرسالة الى كل متكبر وتائب للإسراع في تقييم أنفسهم قبل ان يفرض عليهم ثورة الشباب التي ستجلب الى مملكتهم الهادئة كل الصخب، وقت لا ينفع الندم، مختتما روايته:بـ" توصل الأستاذ صالح لقراره هذا وقد تجاوز الليل منتصفه وولده خارج القرية على طريق الينبوع، بجانب السيارة التي جلبها صديقه سالار وبيريفان تقبل والدتها قُبلة الوداع".
نبذة عن المؤلف:
علي عبدالله كولو - مواليد 1980 بريف مدينة الدرباسية - سوريا. - حاصل على شهادة الحقوق من جامعة دمشق سنة 2002
مارس مهنة المحاماة بين الأعوام 2013 -2006 في مدينة الدرباسية
من مؤلفاته المطبوعة:
-حكم وأمثال ُكردية (pendên kurdî )باللغة الُكردية 2014
2- -رواية السجين 2015 و تمت ترجمتها للغة الكردية 2017
3- رواية الثورة الموؤودة 2018–
4 - حكم وأمثال منطقة شنكال (pendên Şingalê )2018
رفعت حاجي.. Zagros tv
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن