Erbil 28°C الجمعة 05 كانون الأول 08:43

المصري إبراهيم عبد المجيد في "الهروب من الذاكرة": حين تصبح النوستالجيا زاداً للحياة

Zagros TV


زاكروس - أربيل

في ثلاثية "الهروب من الذاكرة" للكاتب المصري إبراهيم عبد المجيد، نجد شخصيات تحاول العيش من جديد بعيدًا عن ثقل الماضي. شخصيات عانت الكثير وهي الآن تحاول التأقلم مع الحاضر بحذر شديد.

تعيش شخصيات الثلاثية وسط عوالم وذكريات متشابكة، بدءًا من مجدي هبة الله، الشخصية الرئيسية والمحورية، وصولًا إلى شخصيات أخرى تتلاقى لتشكل مصيرًا واحدًا، مثل سمير التائه ولبنى. هذه الشخصيات كانت ولا تزال تعاني من وطأة الذاكرة، وهي تحاول بشتى السبل البحث عن منافذ جديدة تسهل لها طريق الهروب.

الثلاثية بالمجمل تحاكي واقعًا نعيشه بكل تفاصيله، واقعًا نعاني من مشكلاته كل يوم، خاصة تلك المتعلقة بحريات الأفراد في أوطانهم. حيث استطاع إبراهيم عبد المجيد أن يعالج تلك القضايا والمشكلات عبر الخيال والواقع معًا.

جمعت الثلاثية بين اليأس والأمل في ذات الوقت، وفيها الكثير من التفاصيل الجميلة والدقيقة. فقد استطاع الكاتب أن يصور تفاصيل الأماكن على درجة كبيرة من الإتقان والدقة، ومنها وسط البلد ومقاهيها وشوارعها وميادينها، ومدينة 6 أكتوبر والشيخ زايد والساحل الشمالي ومرسى مطروح والسلوم، وحياة البدو وشبكات تهريب البشر إلى ليبيا، وجمال تونس الخضراء، وحتى الجزائر ومدن المغرب العربي مثل مراكش والرباط والدار البيضاء التي لا يعرف كبار رجالها زعيمًا للعرب سوى جمال عبد الناصر.

تضم الثلاثية أجزاء هي بالتتابع: "العائد إلى البيت في المساء"، و"طريقان للهروب"، و"لأن في الدنيا نساء"، وهي صادرة عن دار "المتوسط" في ميلانو بإيطاليا وتقع في 728 صفحة.

في هذا الحوار القصير الذي أجريته مع الكاتب المصري الكبير إبراهيم عبد المجيد، سنتعرف أكثر على أبرز ما كانت تواجهه شخصيات الثلاثية الكبيرة "الهروب من الذاكرة"، ومحاولة بعض الشخصيات النسيان، وما إذا كنا غرباء عما حولنا، ودور الذكريات الجميلة في حياة الناس.

عن ثقل الذاكرة ومدى ارتباطها بتقدم العمر أو عند الخروج من أزمة ما، يقول إبراهيم عبد المجيد: "النسيان نعمة، وهي مقولة قديمة لأن ليس كل ما يمر به الإنسان يستحق الذكرى". ويضيف: "لا أنسى قصة قصيرة قرأتها في الماضي لكاتب روسي نسيت اسمه للأسف، عن شخص لا يريد أن ينسى، فانهالت عليه الذكريات فتفجر رأسه".

ويوضح أن "النوستالجيا والذكريات الطيبة مع تقدم العمر تساعد الإنسان على الحياة، لكن ليست الذكريات السيئة وهي كثيرة عند كل إنسان". مؤكدًا: "في رواية "الهروب من الذاكرة"، الجميع ضحايا لاتهامات غير حقيقية أدت بهم إلى السجن والاعتقال، ومن ثم يريدون أن ينسوا".

وعن سر النساء اللواتي يقفن عند شرفات الشقق بعد منتصف الليل كما هو وارد في الرواية، وما الذي أراد إيصاله للقارئ، يرى عبد المجيد أن "الأمر متروك للقارئ، لأنه ليس في ذهني سبب محدد". ويضيف: "كثيرًا ما رأيت في صباي نساء ينظرن في منتصف الليل من النوافذ في صمت. لا بد أنهن يفكرن في أمور تخصهن. كان يدهشني ذلك، فأتى في الرواية ليكون حالة وجودية لا تفسير لها، وربما لأن النساء أعظم مصادر الإلهام".

يلاحظ القارئ للجزء الأول من الثلاثية أن مجدي هبة الله، الشخصية الرئيسية، كان يراوده شعور بالغربة عما حوله، خاصة لدى خروجه من السجن. وحول ذلك، يرى عبد المجيد أن "السبب واضح جدًا وهو سنوات الاعتقال بلا سبب، وكيف أن أكثر من يقابلهم وهو يحاول النسيان كانوا معتقلين سابقين أو يتحدثون عن ذلك".

وعن الذكريات الجميلة التي نأبى أن تفارقنا يقول: "الذكريات الجميلة هي سند الحياة، وسواء أردنا أم لا لن تبتعد عنا". وفيما إذا كان يلجأ للهروب من الذاكرة، يقول إبراهيم عبد المجيد: "بالطبع، وإلا كنت انتحرت". ويضيف: "مشكلة المثقف أنه يدرك السيئ فيما حوله ويحاول الكتابة عنه لعله يتغير. ومن ثم حين لا تكون هناك كتابة، فالهروب من الذاكرة أفضل".

وحول ما إذا كنا غرباء عما حولنا، يؤكد أن "الأمر يختلف بين شخص وآخر، لكن بالنسبة لي أرى ذلك حقيقيًا، وهو المعنى الحقيقي للحياة، ذلك يجعلني أتحمل". ويضيف: "لقد قرأت في الفلسفة الوجودية منذ أيام الشباب وصارت تعينني على التحمل، على العكس مما يتصور أحدهم". ويقول: "كثيرًا حين تدلهم الحياة حولي، أتذكر الفيلسوف اليوناني القديم زينون الإيلي الذي قدم براهين شكلية على عدم وجود المكان ولا الزمان ولا الحركة، وأقول لنفسي العودة إلى زينون أفضل".

الأخبار الثقافة والفن

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات حتى الآن

الرد كضيف

هل ترغب في تلقي إشعارات؟
ابق على اطلاع بآخر أخبارنا وأحداثنا.