Erbil 28°C الجمعة 05 كانون الأول 11:11

"تعرقل مشروع الهوية الواحدة".. فاضل ميراني يحذر من المركزية المتأصلة في بغداد وتداعياتها على الحكم

Zagros TV

زاكروس - أربيل

حذر مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني فاضل ميراني، من المركزية المتأصلة في بغداد وتداعياتها على الحكم حيث أن استمرارها قد يؤدي إلى إجراءات خارجية أو حراك داخلي، مشيراً إلى أنها "تتعارض مع الدستور وتعرقل مشروع الهوية الواحدة".

وفي مقالٍ سياسيٍّ بعنوان "عودة لتتبع المسار السياسي الوطني"، انتقد فاضل ميراني، ما وصفه بـ "المركزية المتأصلة" في الحكم العراقي، رغم الدستور الذي ينص على الفيدرالية.

وأشار ميراني إلى أن ظاهرة الحزبية والتحزب قد ترسخت واتسعت خلال العقدين الماضيين، مما أدى إلى وهن مشروع "الهوية الواحدة". ولفت إلى أن هذا الأمر أضعف مبدأ الكفاءة، وجعل "الانتماء" شرط القبول في المناصب، ما خلق مشاكل يصعب حلها وتتراكم مع الوقت.

كما انتقد ميراني ربط منصب رئيس مجلس الوزراء بـ"قيود حزبية سياسية وقومية وطائفية"، مشيراً إلى أن القرار لا يصدر في أغلب الأحيان من روح الدستور، بل من "تصورات تصوغها حركات سياسية راديكالية".

 وعبّر عن أسفه لأن النظام الحالي يعاقب الأبرياء على خلافات تنظيمية، على عكس النظام السابق الذي كان يعاقب على الشك، في إشارة إلى ملف رواتب موظفي إقليم كوردستان.

ودعا ميراني إلى ضرورة العودة إلى الدستور والابتعاد عن الأداء المركزي الذي لا يأخذ في الحسبان معاني المناصب والمكانة، محذراً من أن استمرار هذا الأداء قد يؤدي إلى إجراءات خارجية أو حراك داخلي.

وفيما يلي نص مقال: "عودة لتتبع المسار السياسي الوطني" بقلم: فاضل ميراني

في البدء، وتجنبًا لأي تأويل، فالحديث هنا بما سيرد من حروف وكلمات وجمل، ليس تعريضًا بفرد أو طرف، بل هو حرص مواطن وحقه بعد أن قدم ويقدم واجباته لبلاد اختار برلمانها أن يبقى فيها بعد أن ضحّى، وقبله ومعه مئات الألوف، من أجل عراق أفضل لكل العراقيين لا لفئة دون أخرى.

هل انتهى كل شيء مع التاسع من نيسان ٢٠٠٣؟ طرق التفكير، وآليات التنفيذ، وقلب الصفحات المرة التي دفعتنا ودفعت غيرنا لنعارض وندفع ثمن المعارضة؟

هذا أبسط سؤال متعدد الفروع، ويمكن استخراج تفرعات أخرى ودفعها للشارع المستقل، بل وحتى للمنتمين سياسيًا ليجيبوا عليه بتجرد ووعي وإدراك.

لا اشتراط مسبقًا في عالمي السياسة والسعي للحكم بأن تنجح المعارضة في تحقيق الأفضل، ذاتيًا أو موضوعيًا أو بكليهما، وإلا لاختفى مسمى المعارضة أو لعمل كل نظام على إصلاح ذاته.

لسنا حالة فريدة من حيث كوننا كنا معارضين، ولسنا حالة فريدة من كوننا وصلنا للحكم، كما أننا لسنا معصومين من خطأ أو خطيئة. ومع كل هذه المسلَّمات، فذلك ليس مانعًا أمام أي فرد أو طرف أن يراجع حساباته على قرارات سابقة، ويستعد بحسابات لقرارات قادمة، مدخلًا فيها العامل الأهم في المعادلة وهو الشعب، والأجيال الحالية والمقبلة.

مع أن الجو السياسي يكاد يبدو متباين الألوان في العراق، إلا أن ثقل تركيز كتل اللون يزداد كلما ازداد التقرب من بغداد باعتبارها العاصمة الاتحادية. هذا الأمر يتركز ليس بسبب التأطير الدستوري، بل لتشبث بغداد بالمركزية. وهذا الأمر فكر متأصل، حتى مع البيان الدستوري لعنوان العراق الجديد الذي ينص على الفيدرالية وما تعنيه من معنى في شكل ومضامين السلطات.

قد يبدو الأمر، وللتوضيح، أشبه بالحاصل على شهادة في تخصص لم يجتهد في التفقه فيه.

خلال العقدين الماضيين تكرست واتسعت ظاهرة الحزبية والتحزب، وهو أمر مفهوم بمنطق طرق التفكير التي أخذت عدوى سريعة من أطراف ما إن اقتربت من السلطة حتى تورطت بقصد أو بغير قصد بمشروع الانتشار داخل المؤسسة الحاكمة، مجاهرة بأن الانتماء شرط القبول. هنا بدأت أولى علامات الوهن في مشروع الهوية الواحدة، سيما وقد أضيف لها دافع تاريخي يتعلق بالمظلومية، وأضيف لها معيار الثقة قبل الخبرة، وحتى الثقة صارت من طراز جديد بعيد عن الثقة التي كانت معيارًا سابقاً قوامه النجاح بتجارب العمل الوطني.

هنا لا يمكن نسيان أمر مهم، وهو أنه لا يجوز أن يتحول إلى عذر مستدام، ألا وهو المفاجأة التي انتابت كثيرًا من الأفراد والحركات التي كانت إلى ما قبل الحرب في 2003 تشك ليس بزوال النظام السابق، بل تشك ولا تتصور أنها قد تتمكن من الحكم بسبب أن التحول وإن أخذ قبل ذلك مئات الألوف من الضحايا إلا أنه ما كان ليصبح حقيقة لولا التحالف الدولي الذي قادته الولايات المتحدة الأمريكية.

للتاريخ، فإن أغلب الأداء السياسي والتنفيذي لم يكن بمستوى استيعابي مسايرٍ للحدث، إذ نشطت هوية انتقام سريع تجاوزت صناع القرار السياسي في النظام السابق إلى تحميل طائفة بذاتها أخطاء تاريخ حكم يعود إلى بداية الدولة الإسلامية. وهذا أمر رفضته مرجعية النجف جهارًا ومبكرًا ولكن دون فائدة ترجى.

أكتب هذا الكلام لأربط بين ضفتي حديث للوصول إلى أمر لا أريده أن يبدو دفاعًا عن شخص، بل توصيف لثقل مناصب يوجه لها اللوم ولا تشفع لها حقائق ليست مختفية، وأهمها منصب رئيس مجلس الوزراء، باعتبار أن الدستور قد ركز بيديه صلاحيات كبرى وخطيرة، لكن الواقع يشير إلى قيود حزبية سياسية وقومية وطائفية تؤثر في منصبه وعلى فكره وقلمه. وأعيد التذكير أنني أتحدث عن المقاعد لا عن أشخاص بذواتهم.

مقبول ووضع العراق على ما قدمنا أن ترشح المكونات ممثلين لها في المناصب الرئيسية. نحن نرشح رئيس الجمهورية الذي يكلف مرشح الشيعة ليكون رئيس حكومة، وقبلنا يرشح السنة رئيس المجلس النيابي، ويُصار لاتفاقات بالتصويت له رئيسًا للمجلس ثم يُصار للتصويت على الرئيسين: الجمهورية والحكومة.

ومع أنني قلت سابقًا أن الظروف تكررت وأفهمتنا أن الإصرار من البقية على مرشح رئاسة الجمهورية غايته فقط أن يكلف رئيس الحكومة، فإن هذا الأمر صار عرفًا يسهم في تجذير ظاهرة الاستحواذ على القرار، بحيث يجري التحكم بالأوضاع الداخلية والخارجية بحسب رغبات الكتلة المسيطرة على القرار، بل والتأثير بالسلب على مرجعيتي الدستور والقانون.

أريد القول إن العراق لم يكن ولن يكون سهلًا قيادته، لا داخليًا ولا إقليميًا ولا خارجيًا، حتى في حالته الآن، حيث يواجه تحديات جديدة في مختلف الملفات والمجالات، أمنيًا وعسكريًا واقتصاديًا واجتماعيًا وفكريًا وبنيويًا. وقد كشفت حرب الأيام الـ12 بين الشرق والغرب، والتي كانت سماء بلادنا فيها مقيدة الأجواء، عن حجم الشد والتأثير واستسهال كياننا، لحقتها قضايا نقص المياه والطاقة ومشكلة الحدود الجنوبية المائية.

طبعًا ليست هذه المشاكل وحدها هي التي ظهرت إلى الوجود، إذ سبقتها ولا زالت مشاكل في بنية النظام تتعلق بالعلاقات بين بغداد وأربيل، بغداد التي يصدر قرارها السياسي إلينا فنجيب عليها بقرار حكومي دستوري. وهذه تفصيلة سيُجرى الكلام عنها (مثلما سبق تفصيل بعضها) في مقالات أخرى إن شاء الله.

نحن بصفتنا الحزبية والسياسية نراقب مشهد الأداء الذي لم يزل للأسف مركزيًا، فنجد أن القرار لا يصدر في أغلب الأحيان من روح الدستور، بل من تصورات تصوغها حركات سياسية راديكالية، تدفع بمرادها لشاغل المنصب وتُمارس وصاية أو تتعمد إظهار تابعيته لها، ما يجعله محرجًا ومقيدًا وفي أغلب الحالات باحثًا عن تكتل يحميه من منافسة أو إشعار له باحتمالية عدم التجديد له.

ليس هذا سرًا ولا يحتمل من قارئه عتابًا، ذلك أننا إن لم نسمِ الأشياء والأفعال بمسمياتها الآن فلا فائدة من سردها مستقبلًا على شكل مذكرات.

لا أريد المقارنة بين أدائنا الحزبي النيابي السياسي في كوردستان وبين نظيره في بغداد، حتى لا يُقال إنني أمدح هنا وأذم هناك، لكن التفاهمات التي مظلتها الدستور والحدود في التأثير والتوقف عند الفواصل، تجعل المرشح الحزبي للمنصب التنفيذي حرًا واضح المعالم والصلاحيات، فإن تم تقييده فبقيد شعبي لاسترداد الحقوق، ومنها ومع الأسف، وأبسطها حقًا، هو ملف رواتب موظفي إقليم كوردستان الذين ما كانوا يتوقعون أن يزال نظام سابق يأخذ على الشك، ليأتي نظام يعاقب البريء على خلاف تنظيمي.

عمومًا، لموضوع الرواتب حديث آخر.

لكنني أعود للقول إن إبقاء شاغل منصب الرئيس الحكومي التنفيذي تحت طائلة مزاج لا يخلق هوية مواطن حرة مقبول الاختلاف القومي والديني والفكري والمذهبي، والإبقاء على نار متقدة تقدح في أوراق التاريخ وتحميل الحاضرين ما يُعتقد أنها ذنوب السلف، هذا الأداء لا يخلق إلا مشاكل سيصعب حلها وتتراكم عليها فوائد وتخلق انتهازية داخل البيت العراقي بغرفه التي صارت تزداد أعدادها، حيث بات متعارفًا أن ما يمكن حيازته بعكاز إنشاء حركة أو حزب هو الأمر الأسرع والأنجح والأنجع للفوز بمناصب والإثراء والحصانة من المساءلة.

يجب أن نتذكر من نحن وما هو واجبنا وأن الدستور حاضر، وقبل ذلك أننا لسنا ببعيدين عن أي إجراء خارجي أو حراك داخلي إذا ما استمر الأداء على أساس لا يأخذ بالحسبان معاني المناصب والمكانة داخل الأسرتين الإقليمية والدولية.

الأخبار كوردستان

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات حتى الآن

الرد كضيف

هل ترغب في تلقي إشعارات؟
ابق على اطلاع بآخر أخبارنا وأحداثنا.