زاكروس – أربيل
أكد رئيس إقليم كوردستان، نيجيرفان بارزاني، اليوم الأربعاء (26 شباط 2025)، أن النظام المتبع في العراق يتسم بأنه شديد المركزية واتحادي من حيث الاسم فقط، مشيراً في سياق آخر إلى أن النفط سلعة تجارية وليس مسألة سياسية "ونأمل استئناف تصدير نفط الإقليم إلى الخارج قريباً بعد معالجة ما تبقى من مسائل فنية".
جاء ذلك خلال مشاركة نيجيرفان بارزاني في ندوة حوارية ضمن مشاركته في منتدى أربيل السنوي الثالث.
مفاوضات تشكيل حكومة الإقليم
وقال نيجيرفان بارزاني: "في هذه الأثناء، يخوض وفدا الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني في أربيل مفاوضات جدية حول تشكيل حكومة إقليم كوردستان، مضيفاً: "الأمر تأخر قليلاً لكن من الأفضل أن نمنح ما يتطلبه من وقت لصياغة المبادئ المشتركة ضمن اتفاق يكون الأساس لتشكيل الحكومة".
وأضاف أن "إقليم كوردستان أجرى انتخابات ناجحة جداً تجاوزت نسبة المشاركة فيها 72% وهذا محل فخر، وشعب كوردستان يستحق أن نشكره لتعامله بمسؤولية، وهذا يلقي مسؤولية على عاتق الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني بشكل خاص ليكونوا في مستوى تطلعات المواطنين وبذل جهود جادة لتشكيل حكومة تكون بمستوى توقعات شعب كوردستان بكل مكوناته، وحتى لو طالت المفاوضات، لكن المهم هو أن نشهد تشكيل حكومة تكون محل ثقة المواطنين وأعتقد يمكن تحمل هذا التأخير".
وأوضح: "برأيي لا ينبغي الربط بين تشكيل الحكومة وانتخابات مجلس النواب العراقي، ومن هنا نشكر تعاون ودعم بغداد ورئيس الوزراء العراقي ورئيس البرلمان العراقي والقضاء الاتحادي ورئيس الجمهورية على مساعدتهم لنا لإجراء انتخابات ناجحة"، مبيناً: "يجب الفصل بين تشكيل حكومة الإقليم وانتخابات مجلس النواب، فالمواطنون يتطلعون لتشكيل الحكومة بأقرب وقت، وآمل أن نأخذ ذلك على محمل الجد، لأن هذه الثقة والمشاركة الشعبية الواسعة تدفع الأحزاب للإسراع في تشكيل الحكومة".
وذكر أن "فترة سريان الاتفاقية الاسترتيجية بين الديمقراطي والاتحاد شهدت نمواً سياسياً واجتماعياً بفضل الاتفاق، وما يتم التوصل إليه الآن هو أساس إداري وسياسي صحيح لآلية الحكم في كوردستان ومعالجة المشاكل من النواحي السياسية والإدارية"، موضحاً أن الديمقراطي والاتحاد سعيا للتباحث مع بقية الأطراف الأخرى، لكن يجب أن يتفق الحزبان معاً، وبالتأكيد ستشارك الأحزاب والمكونات الأخرى في تشكيل الحكومة".
معضلة النظام الفيدرالي
وقال رئيس إقليم كوردستان إن "أكبر الخلافات بين أربيل وبغداد هي أننا اسمياً لدينا نظام فيدرالي لكن عملياً وتطبيقياً ما يحصل في العراق ليس فيدرالياً البتة، وهو بعيد كل البعد عنها، بل هي مركزية شديدة، والمشكلة أن بغداد ترى أن أربيل تتصرف كأنها بل كدولة صاحبة سيادية بل كعضو في الأمم المتحدة، لكن بالعكس أربيل ترى أن بغداد تعاملها بمركزية غير مسبوقة في أي دولة، وهذه حقيقة ليس القصد منها الانتقاص، فحينما أذهب إلى بغداد نتناقش مع شركائنا في العراق حول هذه المسألة لوضع تعريف صحيح حول النظام الفيدرالي، حيث يشكل حل هذه الأمور أمراً مهماً للاستقرار السياسي في العراق".
وتابع: "دعيت رئيس السلطة القضائية لعقد أحد اجتماعاتهم في أربيل باعتبارنا جزءاً من العراق، للمساعدة في وضع تعريف للفيدرالية، لأنه بحل هذه المشكلة، لن تصبح الرواتب والموازنة نقاطاً خلافية، فالمشكلة تبدأ بالنظام، لأن هناك فرقاً بين المضمون والتطبيق".
استئناف تصدير النفط
لفت نيجيرفان بارزاني إلى أن "تركيا أبدت باستمرار استعدادها لاستئناف تصدير النفط وليس لديها مشكلة في تصدير كوردستان النفط للخارج، برأينا النفط سلعة تجارية ويجب عدم رؤيته بنظرة سياسية".
وقدّر خسائر العراق نتيجة توقف استئناف تصدير نفط إقليم كوردستان بين 19 إلى 20 مليار دولار "وهذا مبلغ كبير"، مشيداً "بإصرار رئيس الوزراء والبرلمان على تعديل قانون الموازنة وتطبيقه فوراً".
وشدد على أن "ما تبقى يتعلق بالجانب الفني ومنها استحقاقات الشركات النفطية، فكل شيء جاهز من قبل العراق وتركيا، وننتظر إعادة تصدير نفط إقليم كوردستان عبر ميناء جيهان والخارج خلال وقت قريب".
وحول الدور الأمريكي والروسي في حث بغداد وأربيل وأنقرة على استئناف تصدير النفط، قال نيجيرفان بارزاني: "بالتأكيد أمريكا كشريك أساسي كان لها دورها تحفيزي للتشجيع على حل الأمر بسرعة لأن بعض الشركات العاملة في العراق أمريكية، لذا حاولت كثيراً لإنجاز الأمر بسرعة، كما أن هناك شركات روسية تعمل في الإقليم".
وتابع: "في اجتماع ائتلاف إدارة الدولة، أكد رئيس مجلس النواب العراقي محمود المشهداني بصراحة على ضرورة حل مشكلة رواتب موظفي الإقليم، كما قرار المحكمة الاتحادية واضح، بوجوب فصل الرواتب عن المسائل السياسية، وقد اجتمعنا مع رئيس المحكمة الاتحادية والسوداني حول هذا الأمر، وأكد رئيس المحكمة على فصل الرواتب عن السياسة، كما أن السوداني بذل ما يمكن دون تقصير لدفع الرواتب".
وأشار إلى أن "هناك التزامات على عاتق حكومة إقليم كوردستان، وأرى أن حكومة الإقليم تصرفت بشفافية وجدية مع بغداد بهذا الشأن، فنحن نكمل بعضنا، ولا يمكن تلخيص بقية المسائل المشتركة مثل التعاون والمساعدة والمادة 140 والبيشمركة في الرواتب فقط، لأن الرواتب حق دستوري للمواطنين ولا بد من توفيرها".
طريق التنمية.. سبيل لتعزيز الولاء
وحول طريق التنمية، قال نيجيرفان بارزاني إن "طريق التنمية يفتح باباً مهماً للعراق من الناحية الاقتصادية فهو مشروع استراتيجي يجب أن يوحد البلاد ويعزز شعور الانتماء لا أن يخلق انقساماً"، مشدداً على ضرورة أن "يستفيد منه الإقليم وبقية المكونات، وهذا يعتمد على التصميمات الأساسية".
الصراعات الإقليمية والفصائل المسلحة
وأشاد رئيس الإقليم بجهود السوداني وتصرفه بحكمة لإبعاد العراق عن نيران الصراعات.
وشدد على أنه "يجب على القوى المسلحة أن تخضع لسيطرة الدولة لا أن تخلق مشاكل للحكومة لأنه بخلاف ذلك سيخسر الجميع".
عملية السلام في تركيا
وبهذا الشأن، لفت نيجيرفان بارزاني إلى أن "دورنا المساعدة فقط فنحن لا نتدخل في الشأن التركي"، مبيناً أن هذه المسألة "لا تحل بالسلاح،ونحن نتوقع إطلاق نداء سلام من قبل أوجلان، ونأمل من حزب العمال وبقية الأطراف الاستجابة للنداء، والدخول في حل سياسي يصب في مصلحة الجميع، والإقليم مستعد لإبداء ما يلزم ما دور".
وحول زيارة وفد إمرالي إلى الإقليم، قال نيجيرفان بارزاني إن "الوفد أكد أن الزيارة جاءت بطلب من أوجلان لبحث رسالة السلام"، مؤكداً أن "المهم هو موقف حزب العمال، فهذه العملية معقدة ويجب أن تأخذ وقتها وتحتاج إلى تحمل واستراتيجية وبعد نظر واستمرارية، ولن تحل بين ليلة وضحاها، لكن في النهاية هذه الخطوات فيها مصلحة جميع الأطراف".
حماية كورد سوريا
ولفت رئيس الإقليم إلى أنه خلال الأيام الأولى من سقوط النظام السوري برئاسة بشار الأسد "كان همنا من منطلق الواجب، منصباً على حماية الكورد في أحياء حلب الثلاثة، وكان لتركيا دوراً في هذا المحور".
وتابع أن "قيادة الإقليم تسعى لمساعدة أخوتنا في سوريا، ورسالتنا لهم هي أهمية مشاركة الكورد في العملية السياسية والذهاب إلى دمشق"، موضحاً: "ما حصل في سوريا كان مفاجئاً حتى لأحمد الشرع، والتصريحات التي تطلقها السلطات السورية حتى الآن هي السعي لمعالجة مشاكل سوريا، وفي هذه الحالة يجب علينا جميعاً المساعدة".
واستدرك: "لكن ما يقلقنا أنهم يريدون القيام بذلك بطريقة مركزية، وهذا ليس صحيحاً فسوريا دولة متعددة القوميات والأديان، ومساعينا التوصل لحل في إطار سوريا، مع استحالة نسخ تجربة إقليم كوردستان بحذافيرها في سوريا".
السياسة الخارجية للإقليم
وفي هذا السياق، أكد نيجيرفان بارزاني أن "سياسة الإقليم جزء من سياسة العراق وتركز على إبعاد نيران الصراعات عن البلاد"، مبيناً: "علاقاتنا جيدة مع ماكرون وترامب لكن من المبكر الحكم على سياسات الإدارة الأمريكية الجديدة".
لا يمكن القضاء على شعب يحمل قضية
وحول التطورات في غزة ولبنان، قال نيجيرفان بارزاني: "قد يكون هناك إضعاف للإمكانيات مؤقتاً، لكن هذه قضية شعب ولن تحل بالحرب ولا بالقتل بالعكس، فهذا يجعل الشعوب أكثر إصراراً"، مبيناً: "نحن الكورد أصحاب قضية وقد رأينا ذلك، لقد حاولوا القضاء علينا بكل السبل من تدمير القرى والقصف الكيمياوي لكننا لا زلنا موجودين، قأصحاب القضية لا يمكن بسهولة تدميرهم".
ولفت إلى أنه "حتى لو اعتبرت إسرائيل أنها حققت نصراً عسكرياً، لكن إذا لم يترجم ذلك لنصر سياسي، وفي حال الإصرار على الحل العسكري، ستكون النهاية سيئة لإسرائيل وللمنطقة وحتى أمريكا، ونحن مساعينا تنصب على حماية العراق والإقليم ".
القوة في الوحدة
ورداً على سؤال بشأن تصريحات بافل طالباني بشأن مشاركة الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني بقائمة واحدة في انتخابات مجلس النواب العراقي، قال نيجيرفان بارزاني: "هذه مبادرة جيدة كمبدأ، لكن تفعيله يتطلب الحوار".
وأضاف: "متى ما كان الكورد متحدين كانون أقوى وحققوا مكاسب جيدة، لكن حينما يتفرقون يتم التلاعب بشؤونهم".
الرئيس بارزاني مرجع كبير لنا
وأكد رئيس إقليم كوردستان أن الرئيس مسعود بارزاني "مرجع كبير لنا".
العلاقات مع إيران
وفيما يتعلق بالعلاقات بين أربيل وطهران، أكد أن "علاقتنا جيدة مع إيران، فالإقليم ليس مصدر تهديد لها ولا يسمح باتخاذ أراضيه منطلقاً لأي تهديد".
ومضى بالقول: "نحن لا نتدخل في الشأن الداخلي الإيراني لكننا لا نمانع في إقليم كوردستان العراق من أداء أي دور يطلب منا".
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن