زاكروس - أربيل
تواصل القوات الأمنية التابعة للإدارة السورية الجديدة حملتها الموسعة لملاحقة واعتقال "فلول نظام بشار الأسد"، التي بدأت منذ الخميس الماضي تحت شعار "فرض الاستقرار والسلم الأهلي".
الحملة، التي شملت عدة مدن منها طرطوس وحمص وحماة ودرعا، أدت إلى اعتقال مئات الأشخاص ومصادرة كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر، كما تضمنت إقامة نقاط تفتيش حيوية، أبرزها على طريق قاعدة حميميم العسكرية.
ردود متباينة حول الانتهاكات
فيما وثقت كاميرات مدنيين وهيئات محلية انتهاكات طالت معتقلين من "فلول" النظام السابق، تضمنت إعدامات ميدانية وفقاً لبعض التقارير، مما أثار جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي. وانتقد حقوقيون هذه الممارسات، مشيرين إلى أنها قد تؤدي إلى تقويض جهود العدالة الانتقالية والإضرار بالضحايا أنفسهم.
فضل عبد الغني، مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، أكد في تصريح لموقع "الحرة" أن المحاسبة يجب أن تتم وفق معايير العدالة والقوانين الدولية، محذراً من أن التعذيب والانتهاكات ضد المعتقلين قد تضر بفرص محاكمتهم بشكل عادل.
تسويات مثيرة للجدل
افتتحت إدارة العمليات العسكرية مراكز للتسوية في مختلف أنحاء البلاد بهدف منح عناصر النظام السابق بطاقات حماية مقابل تسليم أسلحتهم. ورغم لجوء أكثر من 34 ألف شخص لهذه التسويات منذ انطلاقها في ديسمبر الماضي، يشكك سوريون في فعاليتها، خاصة أن العديد من المتقدمين لم يسلموا أسلحتهم بالكامل.
حملة أمنية وانتهاكات موثقة
في سياق الجدل الدائر حول الانتهاكات المرافقة للحملة الأمنية التي تنفذها الإدارة السورية الجديدة ضد "فلول نظام بشار الأسد"، تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي بياناً نشرته مجموعة "السلم الأهلي في سوريا" على صفحتها في فيسبوك، وتحدثت عن انتهاكات شملت تدمير ممتلكات، استخدام مفرط للقوة، وإهانات طائفية.
تجاوزات دينية وثقافية
وفقاً للبيان، تضمنت التجاوزات التي ارتكبتها بعض العناصر الأمنية أثناء الحملة تكسير آلات موسيقية في منازل ومقاهي تمت مداهمتها، بحجة أنها "مخالفة للقيم العامة". كما أُفيد عن قيام عناصر في بعض المناطق بتوجيه أوامر للنساء بارتداء الحجاب، وفرض قيود على لباسهنّ في الأماكن العامة، الأمر الذي أثار انتقادات حادة من سكان المناطق المستهدفة.
علي ملحم، مدير مجموعة السلم الأهلي، وصف هذه الممارسات بأنها "إجراءات غير قانونية وتمثل انتهاكاً لحقوق الأفراد في الحرية الشخصية والثقافية"، مطالباً الجهات المسؤولة بمحاسبة المتورطين.
تصاعد الانتقادات ودعوات لضبط السلوك الأمني
أثارت هذه الأفعال موجة استنكار واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبّر البعض عن قلقهم من توجه الحملة نحو فرض قيود اجتماعية ودينية على الأهالي، بدلاً من التركيز على ملاحقة المتورطين في جرائم النظام السابق.
من جهتها، أكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في بيان جديد أن مثل هذه الممارسات، إلى جانب الانتهاكات الأخرى كالتعذيب والإذلال، قد تزيد من حالة التوتر والانقسام داخل المجتمع، وتضعف فرص المصالحة الوطنية. ودعت الشبكة إلى وضع مدونة سلوك صارمة لعناصر الأمن المشاركين في الحملات، لضمان احترام حقوق الإنسان والقيم الثقافية والاجتماعية المتنوعة في سوريا.
مطالب بإجراءات تصحيحية
على ضوء هذه الانتهاكات، طالب حقوقيون ونشطاء بإرسال فرق رقابة مستقلة لمرافقة الحملة، إلى جانب تعزيز دور المجتمع المدني في مراقبة أداء الأجهزة الأمنية، بما يضمن أن تركز الجهود على تحقيق العدالة بدلاً من تكريس الانقسامات الاجتماعية والثقافية.
كذلك حذرت الشبكة من أن استمرار ممارسات الإهانة والتعذيب قد يؤدي إلى تآكل الثقة بالنظام القضائي الجديد ويغذي الانقسامات المجتمعية، مما يعيق جهود المصالحة الوطنية. ودعت السلطات السورية إلى الالتزام بالقانون الدولي في عمليات الاعتقال والتعامل مع المعتقلين، مع التركيز على تأهيلهم نفسياً واجتماعياً بعد الإفراج عنهم.
مستقبل مجهول
مع استمرار الحملة الأمنية وتزايد الانتقادات، يبقى مصير آلاف المعتقلين غامضاً، فيما يطالب الأهالي والمنظمات الحقوقية بالكشف عن مصيرهم وضمان حقوقهم وفق المعايير الدولية.
فيما يبقى السؤال قائماً حول قدرة الإدارة الجديدة على معالجة هذه التجاوزات وضمان محاسبة المسؤولين عنها، لضمان عدم تحول الحملة الأمنية إلى أداة لتعميق الانقسام في سوريا.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن