زاكروس - أربيل
أكد رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني، مساندته ودعمه للحقوق الدستورية لكافة المكونات في كوردستان والعراق.
وشارك نيجيرفان بارزاني مساء اليوم الاثنين (27 أيار 2024)، في مؤتمر قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين في العراق، والذي نظمته الجامعة الكاثوليكية في أربيل.
وخلال المؤتمر الذي حضره عدد من الوزراء والمسؤولين في إقليم كوردستان وأكاديميون وشخصيات دينية من داخل وخارج العراق، ألقى بارزاني كلمة، هذا نصها:
الحضور الكرام،
الضيوف الأعزاء…
اسعدتم مساء…
يسعدني أن أراكم جميعا هنا في أربيل وكلنا مجتمعون للحوار حول حقوق مكون ديني أصيل لشعبنا، وهم المسيحيون. لا شك في أننا بوجودنا هنا معا سنمنح اطمئنانا أكثر لمسيحيي إقليم كوردستان والعراق عموما. كلنا ندعم هذا المؤتمر، لأنه يهدف إلى تأمين الحقوق العادلة للمسيحيين من خلال الحوار وبطريقة قانونية ودستورية على مستوى عموم العراق.
أشد على أيدي سيادة المطران بشار وردة ورئاسة الجامعة الكاثوليكية في أربيل والمشرفين على تنظيم هذا المؤتمر الذي يتناول مسألة غاية في الأهمية والضرورة، وهي كتابة مسودة قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين في العراق. ارحب بالضيوف المسيحيين الذين قدموا من لبنان وسوريا والأردن ترحيبا خاصا. وعطفا على تجاربهم الشخصية أرجو أن تكون لهم مشاركة مفيدة في مناقشات هذا المؤتمر وان يقضوا بعضا من الأيام السعيدة في كوردستان.
أيها الحضور الكريم…
نحن ندعم دائما مطالب وحقوق المسيحيين والمكونات جميعا، وأن دعمنا هذا مرتبط بالتاريخ الطويل للثقة وثقافة التعايش والمساواة في كوردستان.
وكذلك دعمنا هذا مرتبط بالدستور العراقي الذي صوت عليه الشعب العراقي وصادق عليه. حيث تنص المادة الحادية والأربعين من الدستور العراقي وتقول:” العراقيون أحرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية حسب دياناتهم أو مذهابهم أو معتقداتهم أو اختياراتهم، وينظم ذلك بقانون”
ولكن لم يتم العمل بهذه المادة الدستورية لحد الآن. فالعمل بهذه المادة ووجود قانون خاص بالأحوال الشخصية للأديان، يؤدي الى حماية حقوق المسيحيين، الإيزديين، الصابئة، المندائيين وباقي الأديان في العراق. هذا المؤتمر خطوة عملية مهمة جدا، لأنه يشرع الطريق أمام الحوار ووضع الحلول الملائمة لمطالب وحقوق المسيحيين. ونحن ندعم هذه المطالب الدستورية لهم ولكافة المكونات.
أيها الحضور الكريم….
عدم وجود قانون خاص بالأحوال الشخصية للمسيحيين، يؤدي ألى أن يتم التعامل معهم بموجب قانون لا يتواءم مع دينهم ومعتقدهم! وقد شكل تأثيرا سلبيا كبيرا على العائلة والمكون المسيحي في العراق. يتم اطلاعنا على عديد من الملفات تسبب لنا القلق والانزعاج، لأنها تعرض حياة ومصير العديد من الأطفال، والنسوة الى المشاكل والتعقيدات، وبالأخص في مسائل الميراث والطلاق وفرض الدين والمعتقد بشكل قسري، حينما يقوم اب او ام مسيحية بتغيير دينها!
حسب قناعتنا لا يمكن تغيير دين طفل لا يزال تحت سن الثامنة عشر ويعيش في أجواء دين آخر. لذلك نحن ندعم هذا الاقتراح انه حين يقوم اب او ام مسيحية بتغيير ديانتهم، فان لأطفالهم واشبالهم الحق في اختيار دينهم حينما يبلغون الثامنة عشرة من العمر. وكذلك بالنسبة للميراث، يجب التعامل معه بموجب قانون يراعي الاعتقاد والدين المسيحي.
ايها الحضور الكرام…
في كل المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية، يجب أن يكون هناك حل يراعي مطالب المسيحيين وملائم مع مبادىء التعايش والمساواة في الحقوق لكافة مكونات العراق. فلا يمكن خلق المشاكل والعراقيل داخل المكون المسيحي باسم القانون وعن طريق القانون. نحن لسنا مع هذا الخرق للعدالة والمساواة. هذا حق دستوري أن يكون المسيحيون أحرارا في شؤونهم الشخصية على أسس ديانتهم ومعتقدهم.
عليه اطلب من الأطراف المشاركة في صياغة الدستور العراقي وكتل البرلمان العراقي، أن ينظروا بأهمية إلى هذه المسألة وهذه المعضلة وأن يستعجلوا في وضع الحلول لها، مع مراعاة مطالب وحقوق المسيحيين والأديان الأخرى.
اطلب من القضاة المحترمين، أن يتعاملوا مع هذا الملف بنظرة إنسانية عميقة، لأنه ونتيجة لهذه المشاكل تفككت العديد من العوائل، وخربت العلاقات تماما بين كثير من الآباء والأمهات مع أولادهم وذويهم، إلى جانب عدم توفر الضمان والاستقرار العائلي، ما ادت الى هجرة الكثير من الأشخاص والعوائل المسيحية والرحيل عن العراق.
اطلب من اتحاد العلماء الدين الاسلامي في كوردستان وجميع اساتذة الدين المحترمين في إقليم كوردستان والعراق بصورة عامة، ان يقدموا العون والمساعدة في حل هذه المشاكل التي تواجه المسيحيين نتيجة التفسير الخاطىء وتطبيق القوانين من منطلق الشريعة الإسلامية، أن أحد المبادىء الدين الإسلامي هو: لا اكراه في الدين. أنا متأكد بأنكم سوف تكونون داعمين جيدين جدا، لأنكم انتم يا اساتذة الدين الإسلامي المحترمين، من الداعمين الأقوياء لحماية التعايش السلمي في كوردستان.
ومن هنا اود أن اشكر اتحاد علماء الدين الإسلامي في كوردستان الذين كانوا داعمين في تعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق وإقليم كوردستان وفي مسألة الميراث. واذكَر باحترام المرحوم العالم والاستاذ الكبير الدكتور مصطفى الزلمي وكافة الشخصيات والداعمين لحقوق المرأة الذي شاركوا آنذاك في هذا المشروع.
ايها الحضور الكريم…
انا عن نفسي تربيت في منطقة كانت دور عبادة الأديان فيها بجانب بعضهم البعض، ومعتنقي جميع هذه الأديان كانوا يعيشون مع بعض بوئام كبير. حتى أن عددا من الأشخاص الآشوريين المسيحيين قد تعرضوا الى عمليات الأنفال مع البارزانيين سنة 1983. وأن العديد من أفراد البيشمركة من المسيحيين قد ذاع صيتهم في أرجاء هذا الوطن نتيجة شجاعتهم في اثناء ثورة كوردستان.
نحن في كوردستان كانت حياتنا ومصيرنا دائما معا. وبغض النظر عن عمليات القتل الجماعي التي حصلت في المنطقة، إلا ان كوردستان ظلت دائما موطنا للتعايش القومي والديني. وكانت الحركة التحررية الكوردستانية، حركة لحماية كافة القوميات في كوردستان، وليست للكورد فحسب. لذلك فحماية حقوق كافة المكونات الكوردستانية واجبنا نحن وقناعة راسخة لنا في اقليم كوردستان.
منذ الدورة الأولى لبرلمان كوردستان وفي الكابينة الأولى لحكومة إقليم كوردستان، تم اخذ موقع المسيحيين بنظر الاعتبار. والآن نطمئن المواطنين المسيحيين جميعا باننا نبذل قصارى جهدنا لحماية امن واستقرار الحياة الأسرية والاجتماعية في إقليم كوردستان. ونحاول في كافة المجالات بغية تحسين مشاركة وتضامن كافة المكونات في اقليم كوردستان. نحن نؤمن بالتعايش الحقيقي والمساواة. انا اؤمن تماما بان المساواة في الحقوق للجميع، تعني التعايش المشترك الحقيقي.
من هنا اكرر مرة ثانية، وبالاستفادة من الماضي، فان أمام العراق طريقا واحدا للنجاح والتقدم، وهو التعايش ومشاركة كافة المكونات في ادارة البلد. إن تهميش وظلم اي مكون، يخرب وضع ومصير البلد، ولا يمكن استصغار اي مكون كان في العراق.
اكرر تمناياتي بالنجاح لمؤتمركم، كونوا متأكدين بان لكم دعمنا الكامل وستبقى كوردستان دائما موطنا لجميع الأديان والقوميات وستبقى موطنا للتعددية والتعايش والقبول السلمي للآخر والتسامح.
اشكركم جزيل الشكر…
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن