أ ف ب
عام 2016، فرّ خالد من وسط سوريا هرباً من المعارك، معتقداً أنه سيعود خلال أسابيع.. إلا أن ثماني سنوات مرّت وهو ما زال عالقاً داخل مخيم منسيّ وسط ظروف معيشية قاهرة في منطقة صحراوية قاحلة.
ويقع مخيم الركبان عند مثلث الحدود السورية مع العراق والأردن، ضمن منطقة أمنية بقطر 55 كيلومتراً أقامها التحالف الدولي لمكافحة الإرهابيين الذي تقوده واشنطن، وأنشأ فيها قاعدة التنف حيث تنتشر قوات أميركية.
ويؤوي المخيم حالياً نحو ثمانية آلاف شخص، وهو معزول تماماً عن المناطق المجاورة التي تسيطر عليها القوات الحكومية السورية. ونادراً ما تسمح دمشق بدخول المساعدات إليه، فيما أغلقت الدولتان المجاورتان، العراق والأردن، حدودهما المحاذية له.
ويقول خالد (50 عاماً) عبر الهاتف لفرانس برس متحفظاً عن ذكر شهرته لأسباب أمنية، "نحن محبوسون بين ثلاث دول: الأردن والعراق وسوريا".
ويضيف "الأردن والعراق لن يسمحوا بدخولنا وفي سوريا نحن مطلوبون".
وفي الذروة، أوى الركبان أكثر من مئة ألف شخص. لكن عشرات الآلاف غادروه على مرّ السنوات، لا سيما بعدما أغلق الأردن حدوده عام 2016، ما أرغم كثراً على العودة إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة السورية، هرباً من الجوع والفقر ونقص الخدمات الطبية.
وسهّلت الأمم المتحدة منذ العام 2019 عودة المئات إلى مناطقهم، بالتنسيق مع الهلال الأحمر السوري.
وفي تقرير نشرته عقب إرسال آخر قافلة مساعدات الى المخيم عام 2019، وصفت المنظمة الدولية الأوضاع فيه بالـ"مزرية"، مع موقعه "في أرض محايدة وافتقاره للخدمات". ومذّاك، لم تُرسل أي قافلة مساعدات الى الركبان.
ويعيش قاطنو المخيم حالياً في غرف طينية داخل المخيم. ويعتمدون في معيشتهم بالدرجة الأولى على مواد غذائية وحاجيات تهرّب بأسعار مرتفعة، كما يقول عدد منهم لفرانس برس.
لكن وتيرة التهريب الى المخيم تراجعت منذ نحو شهر مع تشديد الإجراءات عند الحواجز الحكومية على الطرق المؤدية إليه.
ويقول خالد "تأكل بناتي الخبز المغمّس بالشاي. ينفد الأكل من المخيم".
وتعتاش غالبية العائلات، وفق ما يشرح محمّد درباس الخالدي الذي يترأس المجلس المحلي في المخيم، من مساعدات مالية تأتيهم عن طريق التهريب، أو من رواتب نحو 500 رجل يعملون مع الأميركيين في قاعدة التنف مقابل نحو 400 دولار شهرياً.
ويقول الخالدي، وهو أب لـ14 طفلاً، "لولا خوفي على نفسي وعلى أولادي، ما كنت لأبقى هنا في الصحراء"، موضحاً أنه مطلوب من الحكومة لانخراطه في تهريب عسكريين منشقين عن الجيش عند اندلاع النزاع في سوريا عام 2011.
ويخشى كثر من سكان المخيم تعرضهم في حال مغادرتهم للملاحقة من السلطات أو إرغامهم على الخدمة العسكرية.
ويقول الخالدي إن السبيل الوحيد "لإنقاذ من تبقى منهم من الموت"، هو إجلاؤهم إلى المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة في شمال غرب وشمال شرق سوريا، مشيراً الى أن العديد ممّن ذهبوا إلى مناطق تحت سيطرة الحكومة، انتهى بهم المطاف في السجون.
ولا يفد إلى المخيم إلا عشرات السوريين الذين يرحّلهم الأردن سنوياً بعد الإفراج عنهم، بحسب المجلس المحلي في الركبان والمرصد السوري لحقوق الإنسان.
وبحسب المجلس المحلي، وفد من الأردن نحو 24 سورياً منذ مطلع هذا العام، معظمهم لاجئون حوكموا بجرائم مختلفة بينها تهريب المخدرات أو تعاطيها.
ويقول محمّد الخالدي (38 عاماً) الذي كان موقوفاً في الأردن بتهم مخدرات، إنه يخشى الاعتقال لو عاد إلى حمص التي غادرها قبل عقدٍ، وتقع حاليا تحت سيطرة الحكومة.
يضيف "أقاربي في الأردن، ولم يبقَ لي أحد في سوريا، منهم من قتل، ومنهم من غادر سوريا. وبيوتنا في حمص تهدّمت".
ورداً على سؤال حول ترحيل لاجئين، نفى مسؤول حكومي أردني أن تكون بلاده ترغمهم على العودة.
وقال هذا المسؤول الذي فضّل عدم الكشف عن هويته إن "الأردن لم ولن يجبر أي لاجئ سوري على العودة إلى سوريا".
وأضاف "مسألة قاطني مخيم الركبان القريب من الحدود السورية الأردنية هي مسألة دولية وسورية، فهم سوريون والمخيم موجود على أرض سورية وبالتالي الأوجب هو مساعدتهم على العودة إلى مناطقهم في سوريا".
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن