زاكروس – أربيل
أعلنت الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم، اليوم الخميس، عودة زعيمها البطريرك لويس روفائيل ساكو إلى مقرّه في بغداد بدعوة من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بعد نحو 9 أشهر من مغادرته ونقل سلطته إلى أربيل عاصمة إقليم كوردستان، على خلفية أزمة قرار الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد بعزله من منصبه.
إذ كان ساكو غادر مقره في بغداد إلى أربيل في يوليو/ تموز الماضي، وقال حينها إن الكنيسة مستهدفة وتواجه أنواعا مختلفة من "الإهانة والعنف".
وعلى مدى أشهر اشتد الخلاف بين ساكو وريان الكلداني، الخاضع لعقوبات أميركية منذ 2019 وزعيم حركة "بابيلون" المسيحية الممثلة في البرلمان والحكومة والمنضوية في الحشد الشعبي، وهو تحالف فصائل مسلحة موالية لإيران باتت جزءا من القوات الرسمية.
في يوليو، اتخذت الأحداث منحى تصاعديا مع سحب رئيس الجمهورية، عبد اللطيف رشيد، مرسوما يحمل الرقم 147 لعام 2013 يمنح وظائف الكاردينال كرئيس للكنيسة الكلدانية وضعا قانونيا.
كان الرئيس العراقي قد أصدر في يوليو/ تموز الماضي قرارا بسحب المرسوم الجمهوري بتعيين ساكو بطريركاً على الكلدان في العراق والعالم، ومن ثم تم إصدار أمر قضائي باستقدامه للمحكمة بتهم رفعها ضده زعيم مليشيا "بابليون" المسيحية المدعومة من فصائل "الحشد الشعبي"، والتي تنشط في سهل نينوى وبغداد.
كذلك كان ساكو قد كشف في وقت سابق عن تعرضه لضغوط مستمرة بدوافع سياسية، معتبراً قرار سحب المرسوم الرئاسي "سابقة لم تحدث في تاريخ العراق"، وأنه "تحقيق لرغبة" زعيم فصيل "بابليون" ريان الكلداني بتعيينه متولياً لأوقاف الكنيسة وإشراك أشقائه في الأمر من خلال منحهم مناصب.
قالت الكنيسة في بيان: "بدعوة شخصية من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وصل مساء أمس الأربعاء البطريرك الكاردينال لويس روفائيل ساكو برفقة المطران توماس ميرم إلى بغداد"، مبينة أن "ممثلا عن رئيس الوزراء كان في استقبال ساكو في مطار بغداد الدولي وقاعة الشرف، ليتوجه بعدها إلى مقره في الصرح البطريركي بالمنصور، ترافقه صلاة الكنيسة الكلدانية".
من جهته، أكد مدير شؤون المسيحيين في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بإقليم كوردستان خالد جمال ألبرت أهمية وجود ساكو في بغداد، وقال في تصريحات له إن "وجوده في بغداد أو أربيل هو دعم للمسيحيين، نود أن يكون في إقليم كوردستان، لكن مقعده لا يمكن أن يكون في بغداد وهو هنا، لذلك من الأفضل إما أن يعود إلى بغداد بنفسه أو أن يكون هو ومقعده في أربيل".
أضاف: "نشعر أن مشاكل الكاردينال لويس ساكو في طريقها للحل، هناك محاولة للمصالحة واستعادة المرسوم الجمهوري، ننتظر الأيام المقبلة لأنني التقيت به، وقال إنه سيعود إلى بغداد يوماً ما، وسوف يستعيد حقوقه".
في السياق، قال مسؤول في الحكومة العراقية إن "السوداني يسعى لتسوية ملف ساكو، وقد بذل جهودا في هذا الاتجاه"، مبينا لـ"العربي الجديد"، أن "ساكو تردد في العودة إلى بغداد وطالب بتوفير حماية له، وأن السوداني وجه بتوفير الحماية اللازمة له وتأمين منزله ومقره وتحركاته بشكل كامل، وهو ما ساعد على عودته".
أضاف أن "ساكو طلب أيضا إعادته الى منصبه، وأن السوداني وعده بالتحرك بهذا الاتجاه لتسوية الملف"، مبينا أن "السوداني بالفعل يجري اتصالات وحركات مع رئيس الجمهورية وزعيم جماعة بابليون لأجل التوصل إلى تفاهمات بشأن الملف".
مسؤول آخر قال إن "السوداني يسعى إلى إنهاء أغلب المشاكل التي أزعجت الأوساط الدولية، من بينها أزمة ساكو، قبيل زيارته إلى واشنطن التي من المفترض أن تجرى الأسبوع المقبل"، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أن "السوداني لم يستقبل ساكو بنفسه كي لا يُغضب رئيس الجمهورية وزعيم حركة "بابليون" ريان الكلداني، فيما تجري المناقشات حالياً بين أطراف من الحكومة مع الكلداني من أجل التنازل عن دعوى قضائية رفعها الأخير ضد ساكو".
هذا ومن المفترض أن يلتقي السوداني الأسبوع المقبل مع الرئيس الأميركي جو بايدن ومسؤولين أميركيين آخرين في واشنطن، مع العلم أن وزارة الخارجية الأميركية كانت قد عبرت في وقت سابق عن قلقها إزاء قرار عزل ساكو، معتبرة إياه "ضربة للحرية الدينية".
وتشهد قيادة الوضع المسيحي في العراق حالة من الصراع ما بين بطريرك الكنيسة الكلدانية لويس ساكو، وقائد جماعة "بابليون" المسلحة ريان الكلداني، وصلت خلال الأشهر الماضية إلى تبادل التهم والبيانات عبر وسائل الإعلام والمؤتمرات الصحافية، في مرحلة جديدة من الصراع على الوضع الديني والسياسي للمكون المسيحي، الذي لم يمر بحالة جيدة منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن