زاكروس – أربيل
تناقلت وسائل إعلام لبنانية مذكرة احتجاج سورية رسمية، نادرة في نوعها، تلقتها الخارجية اللبنانية الأسبوع الماضي، تصنف أبراج مراقبة حدودية للجيش اللبناني في المنطقة الحدودية بين البلدين بأنها "تهديد للأمن القومي السوري"، وتتهمها بالتجسس لصالح إسرائيل، إلا أن تقارير عديدة كشفت أنها " رسالة إيرانية بالدرجة الأولى" كون المنطقة خاضعة لنفوذها وتستخدمها مع مسلحي جماعة حزب الله اللبنانية معبراً آمناً لتمرير السلاح والمسلحين إلى الداخل اللبناني.
- خشية سورية
بحسب فحوى الاحتجاج الذي تناقلته وسائل إعلام لبنانية، فإن المتهم الرئيسي في هذا الملف، إلى جانب لبنان، هو الحكومة البريطانية، التي تعتبر عرّاب مشروع الأبراج الحدودية وراعية تجهيزها والتدريب على استخدامها، حيث جاء إنشاؤها بالتزامن مع الهجمات الإرهابية التي تعرض لها لبنان عبر حدوده مع سوريا منذ عام 2013، لمساعدة الجيش اللبناني في عملية ضبط الحدود ومواجهة عمليات التسلل والتهريب.
كما تزعم المذكرة السورية أن الناتج المعلوماتي عن معدات المراقبة في هذه الأبراج، "يصل إلى أيدي البريطانيين، الذين يزودون الجانب الإسرائيلي بها للاستفادة منها في توجيه ضربات في العمق السوري".
كذلك تحدثت المذكرة عن "تهديدات على مستويات عدة" تشكلها منظومة الأبراج، لاسيما لناحية المعدات الاستعلامية والتجسسية الحساسة التي تتضمنها، والتي تجمع المعلومات من مسافات عميقة في الداخل السوري. كما ذكرت بالقانون الدولي المتعلق بالحدود المشتركة بين الدول، والذي يفرض مشاركة المعلومات الناتجة عن رصد الأبراج الحدودية بين الدول في حالة السلم، ويسمح للدولتين بإقامة أبراج متقابلة على جانبي الحدود، في حالة الحرب.
فيما طالبت المذكرة الحكومة اللبنانية بالتوضيح واتخاذ الإجراءات اللازمة "لحماية الأمن المشترك"، لم يعلن الجانب اللبناني بعد عن أي رد رسمي في هذا السياق، باستثناء تعليق صحفي مقتضب لوزير الخارجية اللبناني، عبد الله بو حبيب، أكد فيه أن لبنان "لا يقبل بأن تشكل هذه الأبراج أي أمر عدائي تجاه سوريا"، مذكراً أن الهدف منها يقتصر على مراقبة الحدود ومنع التسلل والتهريب.
كذلك فأن الرواية المنقولة عن الجانب السوري لأسباب الاحتجاج تتحدث عن إدراج معدات جديدة ضمن تجهيزات أبراج المراقبة، "تتضمن أجهزة تشويش وتنصت، تغطي مساحات واسعة من العمق السوري تصل إلى نحو 80 كلم"، بدلاً من الأبراج، "التي كانت قبل ذلك مزودة فقط بكاميرات حرارية يبلغ مداها الفعال نحو 6 كلم".
- رفض إيراني
إلا أن مراقبين لفتوا أن منطقة القصير التي ستشيد فيها الأبراج تعتبر من نفوذ جماعة حزب الله داخل الأراضي السورية وتقع قرب الحدود السورية - اللبنانية، وتعد معبراً آمناً لتمرير السلاح والمسلحين إلى الداخل اللبناني، وموقعاً استراتيجياً يسمح بمراقبة الحدود مع لبنان وقرية القصر اللبنانية في منطقة الهرمل، بالإضافة إلى أن الأبراج من شأنها ايقاف مصدر مالي مهم للجانب السوري، حيث لا تزال الحدود تشهد دخول النازحين السوريين بمساعدة "الفرقة الرابعة" التي يرأسها ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري بشار الأسد، لقاء بدل مالي يراوح ما بين 1000 و2000 دولار عن كل نازح.
كذلك أشارت التقارير إلى أن هاجساً أكبر يطفو على السطح وهو رفض طهران عودة النازحين السوريين إلى بعض المناطق الحدودية في ظل ما تشهده من إعادة هندسة ديموغرافية متكاملة تعوق عودتهم، إذ تؤكد مصادر دبلوماسية لـ"اندبندنت عربية" أن لدى الأمم المتحدة معطيات تفيد بأن العائق الأساس أمام عودة أبناء القصير ليس أمنياً بل ديموغرافي يتمثل بمشروع تغييري تقوده إيران عبر تشييع المنطقة، وهي تستقدم مجموعات شيعية للسكن فيها بدلاً من سكانها الأصليين من الطائفة السنية، منوهين أن كل ذلك يدفع إلى الاعتقاد أن الوضع يميل إلى كونه اشتباكاً جيوسياسياً وليس تقنياً، مؤكدين ان النازحين لا يستطيعون العودة ما دامت طهران وحلفاؤها هم المسيطرين على المنطقة.
هذا وكان وزير الخارجية البريطانية، ديفيد كاميرون، قدم اقتراحات حول كيفية إرساء التهدئة جنوب لبنان، في سياق زيارة له إلى لبنان مطلع فبراير/شباط الماضي، من بينها تعميم نموذج أبراج المراقبة على الحدود الجنوبية، لضمان تنفيذ واحترام القرار 1701 ومراقبة أي مظاهر مسلحة على الجانبين في عمق معين، على أن تكون تحت إشراف القوات الدولية (اليونيفيل) المنتشرة جنوب لبنان، بحسب ما نقلت تقارير محلية.
في حينها هاجمت وسائل إعلام مقربة من حزب الله المقترح البريطاني، معتبرة أنه "خدمة لأمن إسرائيل على حساب لبنان"، ومحاولات "ترهيب وترغيب" لحزب الله من أجل وقف عملياته العسكرية. وهو ما أوحى بارتباط الاحتجاج السوري المستجد على الأبراج، بالمقترح البريطاني المقدم.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن