زاكروس – أربيل
في أعقاب العدوان الإيراني على أربيل قبل منتصف ليل أمس الإثنين، واستهداف منزل رجل أعمال كوردي، برزت في الصحافة العربية تساؤلات حول مسعى طهران من استهداف هكذا شخصيات لا سيما أن الحادثة هي الثانية من نوعها بعد استهدافها السابق في آذار قبل الماضي لمنزل رجل الأعمال الكوردي الشهير باز رؤوف كريم في أربيل.
أشارت صحيفة "العربي الجديد" إلى تتكرر عمليات القصف الجوي والصاروخي للحرس الثوري الإيراني على إقليم كردستان ، منذ مطلع يناير/ كانون الثاني من عام 2020 ولغاية الآن، تحت عناوين مختلفة، مخلّفة قائمة كبيرة من الضحايا المدنيين في كل مرة.
لفتت الصحيفة إلى أن القصف يترافق في كل مرة مع موجة من الاستياء الشعبي العراقي، وتوحد في المواقف الداخلية الرافضة لها، فضلاً عن الإدانات الدولية، إذ "تتورّط طهران في كل مرة بتبريرات غير مقنعة، لا سيما أنها تتحدث عن مقرات للموساد الإسرائيلي أو مراكز تجسس لصالح الولايات المتحدة أو استهداف جماعات معادية لها"، في حين أن الخسائر لا تتضمن غير المدنيين العراقيين.
ففي مارس/ آذار من عام 2022، قصف الحرس الثوري الإيراني مقراً بعشرة صواريخ، قال إنه "يتبع للموساد الإسرائيلي، ويتضمن وحدة تجسس على إيران"، لكن الصواريخ الإيرانية استهدفت منزلاً كبيراً محاطاً بمزرعة يمتلكها رجل الأعمال الكردي الشهير باز رؤوف كريم، والذي يعمل أيضاً مديراً لشركة "كار" النفطية.
فيما فسّر الباحث في الشأن السياسي العراقي عبد الله الركابي القصف الإيراني الأخير على أربيل بأنه يحمل مؤشرات اقتصادية واستثمارية، معتبراً في اتصال مع "العربي الجديد" أن "إيران استهدفت منزلاً للمستثمر الكردي بيشرو دزيي، وليس مقر القنصلية الأميركية الجديد أو أي مقرات أخرى كما تدعي".
وأكمل الركابي أن "المستثمر بيشرو دزيي، تمكن خلال السنوات الماضية من نقل الحالة العمرانية في أربيل إلى مراحل منطقة عبر بناء المجمعات السكنية الضخمة والراقية والحديثة"، متوقعاً أن "قتل المستثمر الكوردي يعني هجرة رؤوس الأموال من إقليم كوردستان، وهي حالة ليست جديدة يتبعها الحرس الثوري مع أربيل، وقد سبق أن قصف منازل لتجار ومستثمرين بحجج التخابر والتجسس والتعاون مع إسرائيل".
كذلك لقي أحد التجار حتفه أثناء تواجده في منزل رجل الأعمال الكوردي، بيشرو دزيي، والذي قتل خلال القصف الإيراني الأخير على مدينة أربيل ليلة أمس الإثنين.
التاجر هو كرم ميخائيل، وقد فقد حياته إلى جانب بيشرو دزيي وابنته ومدنيين آخرين، يملك شركة الريان في العراق، التي تستورد الأجهزة الكهربائية، وقد كان رجل الأعمال مقيماً في الإمارات العربية المتحدة، وهو مسيحي بريطاني المولد، ويملك حصة في شركة سامسونج، ويتركز عمله بمجال العقارات في دبي.
وكان قد حل ضيفاً لدى رجل الأعمال الكوردي بأربيل من أجل توقيع عقد لنصب أجهزة تبريد في أحد المشاريع السكنية في أربيل.
فيما ذهب باحث آخر متخصص في الشؤون الأمنية التقته "النهار العربي" اللبنانية لشرح ما أسماه الفعل العسكري الإيراني ضد إقليم كوردستان، وقال الباحث آلان حساني "إن الحدث يأتي في ظل عجز سياسي وعسكري تواجهه إيران منذ أشهر عدة، خصوصاً مع بدء حرب غزة الأخيرة. فعلى الرغم من كل أشكال البهرجة العسكرية والأمنية، إلا أن الحرب كشفت عجزاً حقيقياً من قِبلها وخشيتها من الدخول بأية مواجهة، لمعرفتها الأكيدة بهشاشة وضعها الداخلي وإمكان أن تؤدي أية مواجهة عسكرية إلى كسرها. وزاد حدث التفجيرات العسكرية في مدينة كرمان من ذلك الوقت الحرج الإيراني. فقد أثبت اختراقات واضحة في الداخل الإيراني، وفي مكان من المفترض أن يكون الأكثر حصانة، في الموقع الذي كان من المفترض أن يشهد إحياء ذكرى مقتل قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني، في حضور المرشد الأعلى علي خامنئي".
أضاف حساني: "لأجل ذلك، ليس لإيران إلا أن تتخذ مجموعة من الإجراءات العسكرية ذات الطابع الاستعراضي، والآمن، التي تعرف أنه لن يكون هناك ردود فعل قوية تستهدفها. فمن طرف تخطف ناقلة نفط عراقية من ميناء البصرة، وتستهدف إقليم كوردستان بمثل هذه الهجمات، وتدفع الفصائل اليمنية والعراقية المرتبطة بها للتحرش بالقواعد العسكرية لقوى التحالف الدولي".
في تقرير آخر يتناول العمليات العسكرية التي تقوم بها القوات الوكيلة لإيران في المنطقة، جاء تحت عنوان "إيران المتناقضة... إزعاج إقليمي متزايد وهشاشة داخلية" نشرته "اندبندنت عربية" يوضح الباحث حسني عبيدي من مركز الدراسات والبحث في شأن العالم العربي والمتوسط (CERAM) في جنيف، أنه على رغم تحول إيران إلى "قوة إقليمية مهمة ذات قدرة إزعاج هائلة، تبقى هشة داخلياً".
،كذلك تحذر الباحثة في "تشاتام هاوس" صنم وكيل، من أن السلطات الإيرانية قد تجد نفسها مجدداً "في مرمى الانتقادات الداخلية حيال الأولوية المعقودة للنزاعات الإقليمية مع إسرائيل عوضاً عن القضايا الداخلية".
فيما يعاني اقتصاد إيران من العقوبات التي عاودت الولايات المتحدة فرضها على طهران بعد الانسحاب الأميركي الأحادي الجانب من الاتفاق النووي عام 2018.
هذا وسبق لبعض الأصوات داخل إيران أن انتقدت الكلفة التي تتكبدها طهران لدعم فصائل "محور المقاومة"، بخاصة أن الخطوات التي يقوم بها أطرافه تهدد برد إسرائيلي أو أميركي مباشر في حال اتساع نطاق النزاع في المنطقة.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن