أ ف ب
من المحتمل أن يشارك الرئيس السوري بشار الأسد الجمعة في القمّة العربية التي تُعقد في جدّة، إثر جهود دبلوماسية أفضت إلى إعادة دمشق إلى محيطها العربي بعد عزلة استمرّت أكثر من 11 عامًا على خلفية النزاع المدمّر في هذا البلد.
وتعد مشاركة الأسد المحتملة خطوة كبيرة نحو إنهاء عزلته العربية بعد أكثر من عقد على تعليق عضوية دمشق إثر قمعها الاحتجاجات التي تحولت إلى نزاع دام أودى بحياة أكثر من نصف مليون شخص.
وقال خبراء إنّ دعوته للمشاركة في قمة جدة تظهر أيضا نفوذ السعودية، التي تروّج لنفسها راهنا كصانعة سلام في المنطقة، بعدما تغلّبت على اعتراضات عدد من الدول من بينها قطر لإعادة سوريا للجامعة العربية خلال مباحثات في القاهرة مطلع الشهر الجاري.
وبالإضافة لتطبيع العلاقات مع نظام الأسد، من المتوقّع أن تتصدّر جدول أعمل القمة أزمتان رئيسيتان: النزاع المستمر منذ شهر في السودان بين قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو، والنزاع في اليمن المستمر منذ أكثر من 8 سنوات.
وتُعقد القمة في جدة حيث يتفاوض ممثلو الطرفين السودانيين منذ نحو عشرة أيام، في مباحثات برعاية مسؤولين أميركيين وسعوديين.
في اليمن، تدفع السعودية نحو اتفاق سلام مع المتمردين الحوثيين بعد ثماني سنوات من قيادتها تحالفا عسكريا عجز عن دحرهم في أرض المعركة.
ولم تؤد الجهود الدبلوماسية السعودية المكوكية في الملفين إلى اختراق كبير، لكن المحللين وكتّاب الرأي السعوديين متفائلون.
وأفاد المحلل السعودي سليمان العقيلي وكالة فرانس برس أنّ "قمة جدة من أهم القمم من فترة طويلة لأنها ستعيد بناء المنطقة العربية بشكل يعتمد على المصالح وتحويل التحديات إلى فرص".
وتابع أنّ "القمة إذا استطاعت إعادة إدماج سوريا في النظام العربي واتخذت موقفا قويا من النزاع في السودان واليمن فستكون ناجحة".
- موجة مصالحة -
تسارعت هذه التحولات الدبلوماسية الأخيرة بفضل اتفاق مفاجئ بوساطة صينية لتطبيع العلاقات بين السعودية وإيران أعلن عنه في 10 آذار/مارس.
بعد أقل من أسبوعين، أعلنت السعودية أنها بدأت محادثات حول استئناف الخدمات القنصلية مع سوريا الحليف المقرب من إيران قبل أن تعلن عن قرار إعادة فتح بعثاتها في هذا البلد، في خطوة شهدت تبادل وزراء خارجية البلدين الزيارات لأول مرة منذ أكثر من عقد.
إلا أنّ وجود الأسد المحتمل في جدة الجمعة لا يضمن إحراز تقدّم في حل الحرب الوحشية في سوريا.
كما أنّه ليس من الواضح إذا كانت الجامعة العربية ستنجح في جهودها بشأن قضايا عاجلة مثل مصير اللاجئين السوريين وتجارة الكبتاغون التي تُتهم دمشق بدعمها.
وقالت كبيرة محللي شؤون الخليج في مجموعة الأزمات الدولية آنا جاكوبس "من المهم أن نتذكر أن عودة الأسد إلى الجامعة العربية هو إجراء رمزي لبدء عملية إنهاء عزلته الإقليمية".
وتابعت "من نواح كثيرة فهو بداية التطبيع السياسي، ولكن سيكون من المهم مراقبة إذا كان سيرافقه تطبيع اقتصادي، وخاصة من الدول العربية الخليجية".
وقال حيد حمدان (44 عاما) مدرس الجغرافيا في العاصمة دمشق "أنا والعائلة مهتمون بالأخبار السياسية لأول مرة منذ سنوات، ونتابع أخبار القمة أولاً بأول".
واعتبر أن عودة بلاده للجامعة العربية تمثل "بدء العودة للنظام العالمي"، متوقعا أن تسفر عن "إعادة فتح السفارات والشركات وعودة الحركة والحياة إلى البلاد".
لكن آخرين عبّروا عن توقعات أقل حماسا.
وقالت سوسن (29 عاما) الموظفة في شركة بيع سيارات "متفائلون خيراً، لكنّنا نعلم أنّ القمة العربية لن تكون عصا سحرية لحل المشاكل السورية".
وأضافت "قد تكون البداية لكن الطريق نحو الانفراج سيكون طويلاً ولن يكون سهلا".
-"الحكم لا يزال بعيدا"-
يمكن قول الأمر ذاته حيال الوضع في السودان واليمن.
والأسبوع الماضي، توصّل طرفا النزاع في السودان إلى اتفاق "إنساني" لتمرير المساعدات الإنسانية وضمان خروج المدنيين من مناطق النزاع، لكنهما عجزا عن التوصل لهدنة في مفاوضات وصفها مسؤول أميركي بأنها "صعبة جدا".
وبخصوص اليمن، أفاد السفير السعودي في مقابلة مع فرانس برس أنّ أطراف النزاع في اليمن "جديون" بشأن إنهاء الحرب المدمرة، لكن يصعب التنبؤ بموعد إجراء محادثات مباشرة مع المتمردين الحوثيين.
وقال توربيورن سولتفيدت من شركة فيرسك مايبلكروفت الاستشارية إنّ هناك القليل من الشك حول نهج السعودية الدبلوماسي فيما يتعلق بالقمة وما بعدها.
وأوضح سولتفيدت "هناك دلائل واضحة على أن السعودية تبتعد عن سياستها الخارجية المغامرة سابقاً وتسعى لإعادة اكتشاف نفسها كوسيط دبلوماسي رئيسي في المنطقة".
لكنّه أضاف أنّ "الحكم لا يزال بعيدا" بشأن ما إذا كانت هذه المهمة ستنجح.
بقلم هيثم التابعي وروبي كوري-بوليه مع ماهر المونس في دمشق
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن