Erbil 15°C الجمعة 26 نيسان 21:46

اللاجئون السوريون في تركيا .. ضحايا الممارسات العنصرية واللعبة السياسية

المطلوب تفكيك الخطاب العنصري ضد فئات عرقية وقومية
Zagros TV

أ ف ب

مع اندلاع الصراع بسوريا في 2011، تحولت تركيا إلى ملاذ آمن لملايين الفارين من أتون الحرب بحثا عن الأمن والاستقرار. وبمرور السنوات، بدأت أعداد اللاجئين بالتضخم في هذا البلد الذي واجه مؤخرا أسوأ كارثة طبيعية بتاريخه الحديث (زلزال فبراير 2023). الأزمة المالية والتضخم والركود الاقتصادي، يضاف إليهم تبعات الزلزال وآثار جائحة فيروس كورونا، كلها عوامل عززت من حدة الانقسام السياسي بالبلاد، في ظل معارضة تحمّل اللاجئين عموما والسوريين خصوصا تبعات ما آلت إليه الأوضاع. ما سبق مهد لخطاب تمييزي ضد اللاجئين إجمالا، أدى إلى وقوع عدد من الاعتداءات اللفظية والجسدية مؤخرا (سبقتها جرائم قتل) بدوافع عنصرية ضد لاجئين عرب، معظمهم من السوريين.

وجاءت الانتخابات الرئاسية الأخيرة لتكرس الانقسام السياسي في تركيا من جهة، ولتكشف من جهة أخرى عن اتفاق معظم الفرقاء السياسيين على ضرورة الانتهاء من ملف اللجوء في البلاد، كل وفق برنامج وعد قاعدته الانتخابية به.

لكن للأسف، لم يأت ذلك من دون نتائج سلبية، حيث أدت حدة الاستقطاب السياسي واعتماد الشعبوية في الخطابات الانتخابية إلى تصاعد نسب العنصرية تجاه اللاجئين إجمالا والسوريين خصوصا، وتحميلهم أسباب معظم المشاكل التي تعيشها البلاد في الوقت الحالي، ما أدى إلى تسجيل عدة حوادث اعتداءات لفظية وجسدية مؤخرا

بالنسبة لغزوان قرنفل، رئيس تجمع المحامين الأحرار في تركيا، لم يعد اللاجئون يشعرون بالأمان في تركيا، "الخطاب العنصري ضد اللاجئين الذي سبق العملية الانتخابية هو جزء من خطاب بعض الشارع التركي، الذي أدى بالنهاية إلى سقوط قتلى وجرحى".

وأكد قرنفل، وفق ما نقلت عنه فرانس برس، اليوم الثلاثاء، على أن "المؤسسات الأمنية اتخذت إجراءات حاسمة بحق معظم المجرمين، خاصة من ارتكبوا جرائمهم بدوافع عنصرية"، معربا عن خشيته من أن هذه الإجراءات "لا تكفي، فالمطلوب تفكيك الخطاب العنصري ضد فئات عرقية وقومية، خاصة العرب. هذا الخطاب لم نجده ضد لاجئين آخرين كالأوكرانيين. ربما هذا مرتبط بالشعور بالدونية أمام الأوروبي والاستعلاء على كل ما هو عربي. هذا يتطلب مراجعة منهجية للخطاب العام وآلياته".

يمثل السوريون العدد الأكبر من اللاجئين العرب في تركيا، التي تستقبل أيضا لاجئين عراقيين ومصريين ويمنيين وفلسطينيين. لكن حسب الحملات الانتخابية الرئاسية، احتل اللاجئون السوريون الحيز الأهم من الخطابات، حتى أن بعض الأحزاب القومية واليمينية خصتهم بالمسؤولية عن ارتفاع معدلات الجريمة والبطالة في البلاد.

ووفقا لقرنفل، قد يكون التركيز على السوريين "لأنهم النسبة الأكبر من اللاجئين في البلاد".

وأفادت الإحصاءات الرسمية الأخيرة بوجود نحو 3.7 مليون سوري في تركيا من الحاصلين على "الحماية المؤقتة". إضافة إلى ذلك، بلغ عدد السوريين الحاصلين على الجنسية التركية نحو 230 ألفا. وكان هذا الموضوع في صلب الخطابات السياسية لبعض المرشحين ممن ادعوا أن أعداد السوريين المجنسين أعلى بكثير.

غزوان قرنفل اعتبر أن المجنسين السوريين استخدموا كاللاجئين، أداة لإثارة المزيد من الغضب تجاههم، "إذا ما أخذنا نسبة من يحق لهم الاقتراع ممن نالوا الجنسية، فهم لن يشكلوا سوى نسبة ضئيلة جدا لا يمكنها أن تؤثر بنتيجة الانتخابات" (0.178% من مجموع الناخبين الأتراك البالغ أكثر من 64 مليونا).

ميّار، 26 عاما، لاجئ سوري مقيم في إسطنبول منذ 2012، تحدث عن التغير الكبير في المعاملة تجاهه بالمدينة، حيث بات من الصعب على اللاجئين العرب عموما والسوريين خصوصا استئجار شقة ليسكنوا فيها.

يقول "العنصرية ضدنا ليست وليدة الانتخابات. مرت سنوات ونحن عرضة للتهديدات وتشويه السمعة. هناك سياسيون يخرجون علينا بشكل دائم ليتهموا السوريين بالمسؤولية عن ارتفاع معدلات الجرائم في البلاد. أحدهم قبل شهر اتهمنا بالمسؤولية عن الأزمة الاقتصادية. كنت أمازح أحد أصدقائي في مكتب العقارات الذي أعمل به بشأن ذلك، لأتفاجأ بأنه مساند لتلك النظرية، حتى أنه حينها طلب مني عدم التحدث معه مرة أخرى".

"عندما وصلت إلى إسطنبول، كان عمري حينها 15 عاما. أنهيت دراستي هنا، أتقن اللغة وأحفظ تفاصيل المدينة عن ظهر قلب، كأنها مدينتي التي ولدت بها. هذا ليس حالي فقط، بل حال الكثير من السوريين والعرب المقيمين هنا. قبل الانتخابات كنت أعتقد أنني أنتمي لهذه المدينة، حيث درست ووجدت الأمان والاستقرار، لكن الآن أشعر وكأن الدنيا عادت وأغلقت أبوابها بوجهي ووجه عائلتي. لا أعلم ما الذنب الذي اقترفناه لنتحمل كل هذا، لا يمكن تخيل الضغط النفسي والمعنوي الناجم عن القلق من الترحيل والعودة للمجهول. لم أفكر بالهجرة من قبل، كما قلت سابقا، كنت أعتبر نفسي في بلدي، لكن الأوضاع الآن تغيرت، ومن الواضح أنها ستتوجه للأسوأ. ربما الهجرة هي الحل".

وأطلقت السلطات التركية مؤخرا عملية لإعادة لاجئين سوريين إلى بلادهم في إطار ما أسمته حينها "العودة الطوعية إلى المناطق الآمنة" بشمال سوريا. وبحسب تصريحات وزارة الداخلية في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، عاد أكثر من نصف مليون سوري إلى بلادهم بشكل طوعي، بينما رحلت السلطات ما يقرب من 20 ألفا بسبب "قضايا أمنية".

منظمات إنسانية وحقوقية مثل هيومان رايتس ووتش اعتبرت تلك العمليات انتهاكا للقانون الدولي، إذ أوردت في سلسلة تقارير لها عن حصول "ترحيل قسري" لمئات السوريين في عام 2022.

 

الأخبار الشرق الاوسط سوريا

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات حتى الآن

الرد كضيف

هل ترغب في تلقي إشعارات؟
ابق على اطلاع بآخر أخبارنا وأحداثنا.