Erbil 15°C الجمعة 03 أيار 23:45

بغطاء "إيواء النازحين".. منظمات إنسانية وميليشيات معارضة تقطع الأشجار لبناء مستوطنات في عفرين

يهدف المشروع الى بناء 247 منزلاً دائماً للنازحين داخلياً/المهجرون قسراً من مختلف المحافظات السورية

زاكروس عربية – أربيل

 كشف تقرير أصدرته منظمة سوريون لأجل الحقيقة والعدالة، الحقوقية عن تواطأ ثلاث منظمات إنسانية، سوريّة ودولية، في عمليات توطين غير قانونية لمقاتلين من "الجيش الوطني السوري" -الموالي لتركيا- وعائلاتهم، في إحدى المشاريع التي تمّ الإعلان على أنّها صممت من أجل إيواء النازحين داخلياً في منطقة عفرين  بكوردستان سوريا، وذلك عقب قطع منظم لمئات الأشجار المثمرة

وبحسب التقرير الذي نشرته المنظمة أمس الثلاثاء، أطلقت منظمة إحسان للإغاثة والتنمية – إحدى منظمات المنتدى السوري للأعمال- في ناحية جنديرس، قرب بلدة كفر صفرة، التابعة لمدينة عفرين بكوردستان سوريا، مشروعاً سكنياً بدأ العمل عليه في العام 2019 بقطع مئات الأشجار الحراجية على سفح تلّة محلية، بحسب صور أقمار اصطناعية نشرتها منظمة "سوريون لأجل الحقيقة".

المشروع وبحسب "سوريون" تم تنفيذه على الأراضي التي تمّ الاستيلاء عليها بعد العملية العسكرية التركية المسمّاة ’غصن الزيتون’ عام 2018، وهي العملية التي أدّت إلى نزوح عشرات الآلاف من سكان المنطقة الأصليين إلى مناطق أخرى.

وتخضع المنطقة التي تمّ بناء "المستوطنة" عليها لسيطرة مباشرة من ميليشيا "لواء سمرقند" التابع للفيلق الأول في "الجيش الوطني السوري" المدعوم من تركيا.

واتفقت ’منظمة إحسان’ مع ميليشيا ’لواء سمرقند’ على السماح للمنظمة ببناء القرية، وتسهيل مهمتها دون التعرّض لها بحكم سيطرة الفصيل الفعلية على المنطقة، لقاء حصول مقاتلي الفصيل على عدد معين من المساكن، وهو ما يفسّر إعطاء المنظمات المشاركة في المشروع ما نسبته 16 % من البيوت لصالح مقاتلي الفصيل الذي ينحدر معظمهم من محافظة إدلب السورية، وفق تقرير "سوريون".

وتتألف القرية التي تمّ إنشاؤها من قبل "إحسان" من كتلتين سكنيتين (كتلة شرقية و كتلة غربية)، وتشكّل واحدة من تسع قرى ومستوطنات بشرية، تمّ البدء في بنائها بعد خضوع منطقة عفرين "لاحتلال تركي" كما وصّفته لجنة التحقيق الدولية

إلى جانب ’إحسان’ التي تشكّل إحدى برامج "المنتدى السوري"، ساهمت منظمة ’شام الخير الإنسانية’ وبإشراف من ’منظمة الرحمة العالمية/الكويتية’، بعملية تخديم جزء آخر من جوانب المشروع وترغيب النازحين من مناطق سوريّة أخرى بالاستيطان في تلك القرية. وهما المنظمتان اللتان لعبتا دوراً أساسياً في بناء مشروع "جبل الأحلام" الذي خصص بمعظمه لإسكان مقاتلين وعائلاتهم فيها؛ في مثال صارخ لإحدى عمليات التغيير الديموغرافية القسرية في زمن النزاع السوريّ.

وكانت لجنة التحقيق الدولية قد وصفت عفرين بأنها "محتلة تركياً" في عدة تقارير خاصة من خلال الإشارة المتكررة إلى أحد خلاصات مؤتمرها حول انتهاكات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان في سوريا عام 2017، والتي أكدت فيها على "انطباق حالة الاحتلال عند قيام أي دولة تقوم باحتلال جزء أو كافة أراضي دولة أخرى، وبالتالي انطباق كافة الأحكام القانونية النافذة على الاحتلال"، وهو الأمر الذي أكدتّه عدة منظمات حقوقية دولية أخرى مثل منظمة العفو الدولية، التي وثقت أنماطاً مختلفة من الانتهاكات بعد احتلال المنطقة عسكرياً، بالإضافة الى المركز السوري للعدالة والمساءلة والذي خلص إلى أنّ "تركيا تمارس سيطرة فعالة على أجزاء من شمال سوريا، جنباً إلى جنب، مع الوجود العسكري المستمر بالإضافة لفرض القانون التركي وإدارة المدارس والوظائف العامة الأخرى"، وأكّدت أنّ عليها التزامات كقوة احتلال بموجب اتفاقية جنيف الرابعة.

ووافق المجلس المحلي لعفرين على بناء العديد من القرى الغير قانونية وتوجيهات من والي ولاية هاتاي التركية "رحمي دوغان -  Rahmi Doğan"، المسؤول المباشرة عن إدارة المنطقة من طرف تركيا.

القرية التي قالت مصادر محلّية إنها باسم "قرية الأمل" بينت على أرض حراجية على سفح تلّة شمالي شرقي بلدة كفر صفرة في ناحية جنديرس، ويعرف الموقع محلياً باسم "جيايي شاوتي"، وتعود ملكية الأرض/الجبل للدولة السورية أيّ أنها ليست ملكية فردية، وتقع حالياً ضمن نطاق نفوذ فصيل ’لواء سمرقند’ التابع لـ"اللواء 121" التابع لـ"الفرقة 13" المنضوية ضمن "الفيلق الأول" التابع لوزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة، المنبثقة عن الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة.

صور الأقمار الاصطناعية أظهرت أن سفح التل كان مغطى بالأشجار الحراجية، قبل أن يتمّ قطع الأشجار من الجزء الذي بنيت عليه القرية السكنية فيما بقيت الأحراج في باقي التل والأراضي المحيطة بالمشروع كما هي عليه، ما يعني أن قطع الأشجار كان متعمداً وجاء بهدف بناء هذه القرية، وفق ما جاء في تقرير "سوريون".

استناداً إلى شهادة أحد العاملين في المشروع ذاته،  فإن المنظمة المنفذة للمشروع ’إحسان’  قطعت الأشجار ووزعتها على عدد من العائلات المستفيدة من برامجها الإغاثية في المنطقة، قائلاً: "عمدت الجمعية إلى قطع الأشجار في موقع البناء ومحيطه بحجة أنها تعيق عمليات بناء وإدخال الآليات الثقيلة وتعبيد الطريق إلى سفح التل ولم تكن كمية الأشجار المقطوعة كبيرة جداً، لقد تمّ تحطيب تلك الأشجار وتوزيعها على المحتاجين من قبل الجمعية نفسها. أي أن الجمعية لم تقم ببيعها أو المتاجرة بها."

"سوريون" نقلت عن مصدر آخر، وهو مسؤول إداري في المشروع أن ’إحسان’ هي من اختارت العائلات المستفيدة وقامت بالفعل بنقل نحو 60 عائلة إلى القرية".

 وأشار إلى أن "معظم العائلات المستفيدة والمسجلة هي من المدنيين النازحين ولكن تم تخصيص نحو 40 منزلاً على الأقل لصالح مقاتلي فصيل "لواء السمرقند" الذي يسيطر على المنطقة".

 وأضاف "لقد تم اختيار العائلات المستفيدة من قبل منظمة إحسان، حيث سبق أن قاموا بالتسجيل للحصول على هذا السكن وتم اختيارهم بناء على العائلات الأكثر حاجة، وبالطبع تم تخصيص من 35 إلى 40 منزلاً للفصيل المسيطر على المنطقة حيث طلب منهم الفصيل ذلك بدلاً من طلب مبلغ مالي، وتم تسليم هذه المنازل للفصيل والذي قام بتوزيعها على مقاتليه وعائلاتهم. أيضاً من الممكن أن نجد أن هناك أبناء بعض العائلات المستفيدة هم مقاتلون في فصائل مختلفة أيضاً، ولكن النسبة الأكبر من المستفيدين هم من المدنيين".

وبحسب المصدر "سبق أن وقع خلاف بين لواء السمرقند ومتعهد المشروع واسمه خالد سلامة، وذلك بسبب رفض المتعهد تزفيت الطريق المؤدي إلى القرية وطرقات القرية بشكل كامل، وتسبب الخلاف بتأخير تسليم المشروع لنحو ستة أشهر، وبالنهاية تمّ الاتفاق بين المتعهد والفصيل على فرش الطريق بالحصى بدلاً من التعبيد بالإسفلت بسبب ارتفاع التكلفة."

ويهدف المشروع الى بناء 247 منزلاً دائماً للنازحين داخلياً/المهجرون قسراً من مختلف المحافظات السورية، وبدأ العمل على عملية البناء أيار 2020، سبق ذلك وفي العام 2019، عملية قطع الأشجار وتمهيد الأرض، وفي شهر أيلول 2021 أعلنت ’إحسان للإغاثة والتنمية’ عبر حسابها الرسمي في "فيس بوك" عن قرب إنهاء بناء 247 وحدة سكنية في المشروع ذاته، وتم نقل بعض العائلات من محافظات حلب وإدلب للسكن ضمن القرية.

"سوريون من أجل الحقيقة" قالت إنها علمت في شهر آب 2022، ومن خلال أحد المدنيين أنّ "عمليات الإسكان بدأت بالفعل وتمّ إسكان أكثر من نصف الأشخاص الذين خصص التجمّع السكني من أجلهم".

وينحدر معظم مقاتلي ’لواء سمرقند’ من منطقة جبل الزاوية في محافظة إدلب، وفي الوقت الراهن يتمركز الفصيل في عدد من النقاط في ناحية جنديرس، علماً أنّ الناحية تخضع أيضاً لسيطرة فصائل معارضة أخرى، فيما يبلغ راتب المقاتل لدى الفصيل حوالي 600 ليرة تركية، يحصلون عليها بواسطة الحكومة التركية، وذلك بحسب مصادر من داخل الفصيل نفسه.

الأمم المتحدة وعبر التقرير الذيّ قدمّه الأمين العام للأمم المتحدة خلال شهر أيار 2021، إلى مجلس الأمن حول قضية الأطفال والنزاع المسلّح، كانت قد تحققت من تجنيد واستخدام جماعات المعارضة السوريّة المسلّحة "الجيش السوري الحرّ" لثلاثة أطفال في ليبيا، تمّ تهريبهم من سوريا إلى ليبيا من قبل "فرقة المعتصم" و "لواء سمرقند".

الأخبار كوردستان

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات حتى الآن

الرد كضيف

هل ترغب في تلقي إشعارات؟
ابق على اطلاع بآخر أخبارنا وأحداثنا.