Erbil 20°C الجمعة 22 تشرين الثاني 11:04

فاضل حاتم شاعر الإنسان

عشرات القصائد كتبها حاتم كان بطلها الإنسان
Zagros TV

حاوره: راميار فارس أسعد - زاكروس عربية – أربيل

يقف الشاعر العراقي فاضل حاتم إلى جانب شعراء العراق الذين تركوا بصمة وما يزالون على الخارطة الشعرية في العراق، فهو من الشعراء الذين يمتلكون بالفطرة أسلحتهم وأدواتهم المعرفية والكلامية للتعبير عما ما يعتمل في دواخلهم من الآلام ومعاناة، الآلام الأوطان، الآلام الإنسان وسط هذا الكم الهائل من التناقضات واللاجدوى.

لم يدع فاضل حاتم موضوعاً في قصائده إلا وكان للإنسان النصيب الأكبر فيه، عشرات القصائد كتبها حاتم كان بطلها الإنسان لأنه الكائن الوحيد المتدثر بغطاء المأساة والألم، الكائن الوحيد الذي يعيش الحيرة ويستطعم الضياع يتلظى بنيران الفقدان لدرجة عندما نقرأ ونتمعن في قصائده ننصهر بمعانيها، نشعر وكأنه يكتب عنا وهذا ما يميز شعر فاضل حاتم فهو يكتب الشعر قبل كل شيء يكتبه للإنسان وإلى الإنسان.

1

خاض فاضل حاتم معارك الحياة متسلحاً بالإرادة والأمل، اختبر الجوع والمرض والسجن والحب، طاف في الزمان والمكان، كتب الشعر عند أرصفة الشوارع وبين طاولات المقاهي وعند سواحل البحار، شده الحب والجمال، كل شيء لدى فاضل حاتم هو شعر، الجمال الحب الكره الألم الخذلان الضياع الفقدان الغربة، المسافات تختصر عند فاضل حاتم بالحرف وحده وهذا ما انعكس بصدق على أشعاره وومضات الشعرية:

لا أحب معك لغة الاستعارة

ولا متاهات اللقاء

كل المسافات اختصرها

بالحرف والإشارة

يقول الباحث الدكتور بشير عريعر في كتابة ( في حانة التوابين) "شعر فاضل حاتم رحلة في الذاكرة، رحلة في الزمان والمكان والاشخاص، دار في الشوارع والدرابين، أغلقت بوجه الابواب والشبابيك، فرغت الشوارع والمقاهي إلا منه، اعتصر الحزن حتى عافه مغترباً على مستوى النفس والوجود".

فاضل حاتم بالإضافة لكونه شاعراً قلباً وقالباً هو قارئ وعاشق قديم للرواية منها العراقية والعربية والعالمية، وأجمل ما في فاضل حاتم هي أن الرواية لا تمر من أمامه للقراءة فقط إنما يقتص لحظات من وقته لكتابة ملاحظاته وانطباعاته ورؤيته النقدية حول هذا العمل أو ذاك وتلك هي عادة القارئ المحترف والأديب المبدع، فالرواية تمثل لحاتم إحدى أسلحته اللغوية والمعنوية.

صدرت لشاعرنا مجموعة من الدواوين الشعرية منها ( وداع ماري، وحدك منفاي، أحبك بالجينز الممزق، الموتى يتسلون بالذكريات، وحدة يكتب وصاياه الأخيرة، ذاكرة الثلج، معبد الاوز، أوراق من ذاكرة جانبية، للعشق امرأة واحدة، أغاني إلى مقهى كوستا، عند منتصف اللوعة، أوراق مدينة، أفردي يديك كالصليب، أغاني الرماد).

كما وصدرت عن شعر فاضل حاتم دراستان نقديتان الأولى كتاب "القصيدة الومضة في شعر فاضل حاتم" للناقدة الدكتورة أمل سلمان وكتاب" في حانة التوابين عوالم فاضل حاتم الشعرية" للناقد الدكتور بشير عريعر.

ل

 فاضل الإنسان والصديق قبل أن يكون الشاعر، كان لي معه هذا الحوار القصير حول بداياته في الشعر وعلاقته بالشعر الشعبي

البداية .. لحظة من عمر الكون

عن بدايته مع الشعر يقول فاضل حاتم "بدايتي مع الشعر اكتشاف مفاجئ، ففي لحظة لم أكن أفكر فيها بالشعر ولم أكن أعرفه أو أميل إليه وفي لحظة من عمر الكون وقعت يدي على كتاب مدرسي فيه قصيدة للشاعر الرصافي وكان ذلك سنة 1973 ووجدت نفسي منشداً في قراءتها ومن حينها بدأت علاقتي مع الشعر".

دائما ما يشكل الحزن والفراق شعر فاضل حاتم وعن ذلك يقول شاعرنا إن " الحزن والفراق هما الصبغة التي شكلت الوجه العراقي سيما الأربعين سنة الاخيرة".

ويضيف " الحروب والحصار اللذان أنتجا الخراب والدمار في النفس والبيئة العراقية ومن الطبيعي أن ينعكس هذا الخراب والحزن على الكتابة والشعر ذلك لأنهما جزء لصيق به الشاعر هو ابن البيئة ونتاجها". 

كباقي الشعراء تأثر شاعرنا بالشعراء العرب والعالميين ولكنه دائما ما يتوقف عند نزار قباني وبدر شاكر السياب ليقول "الحقيقة تأثرت بشاعرين عظيمين هما نزار قباني وبدر شاكر السياب وما زلت لم استوعبها بما فيه الكفاية وبنفس الوقت هناك شعراء سيكون لهم تأثير على شعري مستقبلاً".

توظيف الحدث الروائي في الشعر

فاضل حاتم  قارئ نهم للرواية قديمها وحديثها، ترى هل يستمد أدواته الشعرية واللغوية من الرواية وفي ذلك يقول "نعم ممكن توظيف الحدث الروائي داخل القصيدة بعد هضمها وإسقاط ما يشابهها من أفكار وانفعالات كما حدث في قصيدة نور في آب المستوحاة من رواية نور في آب للكاتب وليم فوكنر وقصيدة أخرى مستوحاة من قصة للكاتب الراحل يوسف ادريس بيت من لحم ".

وعن حركة الشعر في العراق بعد الهزات العنيفة يقول حاتم "يبقى الشعر في العراق امتدادا للحركة الشعرية التي ازدهرت في الخمسينات والستينات وهي حركة شبيه بحركة النهر، النهر يمتلئ فصلاً ويجف فصلاً آخر ورغم هذا الجفاف هناك موجات مليئة بالشعر ومراكب الكلمة لا تخلو من الإبداع كذلك لا يمكن تقييم الشعراء اليوم بشكل دقيق ذلك لعدم الاطلاع على جميع الشعراء في العراق". 

ة

مواصفات الشاعر

البعض يرى أن للشاعر مواصفات تميزه عن الغير بينما يرى شاعرنا أنه "ليست هناك مواصفات محددة للشاعر لأن الشعر (موهبة وقدر) ولكن لا بد للشاعر من القراءة الكثيرة والمنوعة ومعرفة فن الشعر والوقوف على دقائقه".

يستلهم فاضل حاتم موضوعاته لكتابة النص الشعري من المرأة والحب والجمال والمعاناة، وعن ذلك يقول "استلهم موضوعاتي من الحب والجمال والمرأة ومعاناتي من المرض المزمن وكذلك سنوات السجن الرهيبة في ثمانينات القرن الماضي، مما لا شك فيه إن السجن والمرض له تأثيرات جوهرية وجانبية على حياة الفرد وإذا استطعت الخروج من تحت ضغوطات السجن وتجاوز خطورته فأن المرض المزمن أعاد تشكيل رؤيتي للحياة لدرجة أنه ترك آثار نفسية ما جعلني ابتعد عن مباهج الحياة مقابل هذا أعطاني المرض زخما في القراءة والكتابة وخلال سنوات مرضي كتبت أربعة عشر ديوان شعر".

وكان لي(مكتوب)

يدورُ على أرصفة صناديق البريد..

ولأني أجهلُ عنوانك الجديد

أخفيهُ بجيبِ معطفي

ومرَّ الشتاء..

وجاء الشتاء

ومعطفي.. مازال يلتحفُ أعضائي

و(المكتوب القديم)..

تغيّرت صناديقُ البريد

وقالوا لي ..أنّكِ تنقّلتِ كثيراً

بمدن ِ الغرباء

وتهرّأَ معطفي

ومازال(مكتوبك ِ) القديم

ينتقلُ من قميص ٍ إلى آخر

وحول متلقي الشعر يرى شاعرنا أنه في السابق كان المتلقي أكثر قرباً من الشعر.

ويقول "متلقي الشعر سابقا كان أكثر قربا من الشعر وكان يصاب بالعدوى من أصدقائه من محبي الشعر أما اليوم فقليل من الناس يذهب إلى الشعر وقراءته، علما أن مدعين الشعر اليوم هم أكثر من أي وقت مضى".

وعن علاقته بالشعر الشعبي فيقول "علاقتي مع الشعر الشعبي هي علاقة أولية مع الشعر قرأت كثيراً  من الشعر الشعبي وكتبت كثيرا كذلك وهو الوجه الثاني للشعر العربي في كل مدينة عربية تجد هناك شاعرا شعبيا يعكس معاناة وأفراح الناس ولكن يبقى محدود ضمن حدوده الجغرافية بعكس الشعر العربي الذي يمتد شرقا وغربا".

طشني اعله برد الوكت

خليني افوحن هيل

وطشني اعله جرحك نجم

لو طال بيك الليل

ولو ضاع بيك الدرب

تلكاني سكة سفر

لآخر محطة وريل

ولو فاض بيك الدمع

نغمات اصير بوتر

تعزفهن مواويل

وطشني اعله البرد

خليني افوحن هيل

شميسه صار القلب

ضحكة وفرح للناس

ودروبي زفة عرس

منذورة شمع وياس

معزوم عدنا الكمر

ونجومه تلمع لمع

شدة ورد ع الراس

ودفوف اهلنا انعرت

والناي فز وفزع

وبالهوى صار يميل

وطشني اعله برد الوكت

خليني افوحن هيل

دارت ايام العمر

دورت ربيع وصيف

بنهاري اشمك عطر

بليلي اشوفك طيف

وتاخذني رجفة عشك

ارسم عيونك بحر

وزلوفك مشاحيف

مشتاك ياسلوتي

انطر وصالك عمر

ويطول بيَ الليل

وطشني اعله برد الوكت

خليني افوحن هيل

 

الأدب

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات حتى الآن

الرد كضيف

هل ترغب في تلقي إشعارات؟
ابق على اطلاع بآخر أخبارنا وأحداثنا.