زاكروس عربية - أربيل
بدأ من الجمال وألوان منتقاة ممددة على سطح لوحته كفلسفة تجريدية يختصر فيها الكتل بادئاً حكايته الجمالية من عطايا الشرق، الأسود أساسي يتعبه يلاعبه تارة ويغرق فيه أكثر حائراً عن فلسفات اللون مع سكون أو إشراقات باقي الألوان تارة أخرى، لا يتوانى لجانب هذا أن يرسم الملامح الأنثى وحجابها الأبيض أو زينتها التي اختارتها هي مرآة، شكل لعله أثّر في ذاكرته البصرية حينما وجدها أو صادفها كقصة تؤرق بال مبدع لا يتناسى باقي الملامح من شفاه بارزة وأعين فيها اتقان.
يقول عن بدايته الكاتب التشكيلي غريب ملا زلال بإنه "من الأسماء التي تبحث لنفسها عن هوية تميزه عن غيره ودون أن يبتعد كثيراً عن الفنون الشرقية بنكهتها و أوراقها ورقراق ألوانها".
مضيفاً أنه" ينجز رغم الخراب العالق بالروح و المقدم للامتزاج بتركيب جمالي خاص أو بعبارة أدق فهو يذيب و أقصد جوان ذاتيته في الأسلوب لاحتمال الوصول إلى حقيقة ما وإن كانت تجريدية ، فهو يحتكم إلى التصعيد الشديد في صياغاته من الواقع اللامألوف واللامرئي فهو يرسل صدمات انفعالية في كل أعماله ويبحث عن المغادرة من المعايير غير المفهومة نحو قراءة مؤشرات تطرح على نحو دائم و لائق لا بدافع انهزامي بل كشكل من أشكال شق السكة النازفة المغروسة في التعاطي مع العمل كأمانة مغايرة قد تكون انعكاسات لأسلوبه و مادته".
أين جوان خلف منذ أن بدأت الحرب، أين ذهبت به الحرب وأثارها؟ هو في ألمانيا يظهر في آخر حلله بعرض في إحدى المدن الألمانية تحت عنوان" الحب والحرب والحياة" عام ٢٠١٩ .
أكد جوان في حديثه ذاك أن سوريا كانت تعيش فترة صعبة ولكن عندما جاء إلى ألمانيا بدأ برسم لوحاته.
وأضاف أن استوحى فكرة مشروعه الرسم بـ«روشتة الأدوية» نتيجة عن الوضع الذي نعيش فيه بسوريا وقت الحرب وكم المرضى الذين يعانون من الحالة النفسية، بالإضافة إلى اختياره لوحات تعبر عن الحياة أو تعكس حالة الحرب.
قدم جوان مجموعة أعمال ذات أحجام كبيرو وكأنه يريد الانشغال أكثر وأكثر في شغفه ضمن هذا الخراب والفقدان، يرسم الشخوص بوضعيات مختلفة، ضخمة، واضحة الملامح ، وتفاصيل أوضح متقنة لحد الوضوح بالأبيض والأسود ليعود به الزمن ويعود بنا للونين أساسين ثالثهما المزاج من قيمة مضافة إبداعية، مستعيناً بقصاصات الصحف بأحرفها وكلامها الكثير ، لا يعنيه أين تجيء المفردات من أجسام شخوصه أو أن يستخدم عبوات الأدوية ليتخلص من ألمها، فالأهم هو ما يقدم من وضعيه وملامح كائنات ربما نعرفها تعيد لذاكرتنا الأوضاع التي يمر بها، ربما هو في فوضى الحياة من حرب ولجوء ويوميات تظل ثابتة ليس لها قيمه دراميو إلا أنها أشبه بفراغ يحيط المشهد فقط .
يقول جوان في لقاء متلفز إن الفن يساعد الشخص في التخلص من مشاكله وأنه يحاول دائما التعبير عن حالته النفسية بواسطة الفن.
فيما تحدث الناقد التشكيلي سامي داوود عن جوان الذي عاش الحرب السورية وحاول كغيره من المبدعين أن يعبر عن معايشته للدمار، "فاختار مفهوم الافتراس، كيف الحرب تجعلنا نفترس بعضنا البعض، وتقيناً اختار الشاش الذي أصبح أكثر مادة مطلوبة في سوريا (خلال الحرب)، وعندما استخدم هذه التقنية وطبقات أخرى من الورق والكتان الأبيض، تحول الشكل إلى طبقات متعددة لكنها طبقات مكسرة، لأن تركيب الشاش على بعضه يكسر الضوء، فكانت كل طبقة أخرى تظهر من خلال الضوء تظهر وكأنها طبقة مكسرة، فتبدو كسور داخل كسور داخل كسور في جسد هو بالأساس خلاصة الحطام".
يضيف داوود أن الأمر الآخر الذي استطاع جوان أن يصنعه هو تحويل العلاقة بين المفترس والضحية، كان الأمر ملتبساً، انتج نوع من التشويش في العلاقة من يفترس من ولكن بصرياً".
يعتني جوان بشخوصه وحالاتهم ضمن المشاريع العديدة التي قدمها تارة يغير بريق لون، شكل الموجودات من الأثاث المتواجد وتارة أخرى يعيدها لكتلة واضحة بارزه لجانب الشخصية التي يرسمها حيث الضربات اللونية الضخمة في أماكن ربما على الأعين أو الأشياء المحيطة.
لا نختلف إنه غارق تماما، منسجم مع ما يريد تقديمه للمتلقي الذي لا يعرفه بعد، يؤسس عمله تقنيا بشكل معتنى به ويضيف بانسجام أبطال أعماله، يغامر في رسم صورته الشخصية يصنع من ذاته مرآة حية ليقلب الأدوار رأساً على عقب ليتمكن من إعادة رسم تفاصيل وجهه بحرية جريئة يتقنها الفنانون الغارقون في فلسفات اللون والكتل وتدويرها في الحياة.
جوان خلف من مواليد 9 يناير /كانون الثاني 1983 تخرج من كلية الفنون الجميلة بدمشق ٢٠٠٥ ، قام في العام ٢٠٠٠ إلى جانب دراسته معرضاً لأعماله التشكيلية في مسقط رأسه مدينه الحسكة، ثم عام ٢٠١٢ يقيم أولى معارضه بعد التخرج في بدمشق حيث بدأ في تكوين هويته على أنسجه الخام، الفضاء العام حيث الخطوط والكتل والألوان والبحث عن الهوية كخلاق يبني عوالم يشرقها للشمس والمتلقي.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن