بقلم: د. محمد الموسوي
كنت ضيفا على قناة زاكروس الكريمة في أكثر من مناسبة وقد تطرقت فيه الى لقاح فايزر المرتقب ضد فيروس كورونا المستجد بتاريخ ١١-١١-٢٠٢٠ والذي من المتوقع البدء في إقراره بداية العام المقبل.
كما تطرقت كذلك الى اللقاح الروسي بتاريخ ١٦-٨-٢٠٢٠.
يجب نقل المعلومة العلمية للمشاهد بكل أمانة حتى نستطيع أن نعطي له صورة واضحة وحقيقية لما ستؤول اليه الأمور في المستقبل المنظور و
لكي نقيم نجاح أي لقاح يجب أن يمر هذا اللقاح عبر ثلاث مراحل من التجارب السريرية طويلة الأمد لكي نثبت الأتي.
١- خلوه من الاعراض الجانبية الخطيرة
٢- اظهار الفعالية الكافية بعد اعطاء اللقاح ونعني بها ظهور الاستجابة المناعية اللازمة لدى الأفراد من خلال وجود الأجسام المناعية التي تلتصق مع الفيروس وتمنع دخوله الخلية وبالتالي عدم إصابة المريض بأعراض خطيرة.
٣- وجود مناعة طويلة ومستديمة تمنع من الإصابة الثانية عند تعرض الشخص للفيروس مجددا.
أثبتت التجارب السريرية أن لقاح فايزر قد أظهر خلوه من الأعراض الجانبية الخطيرة وكذلك اثبت فعاليته بنسبة ٩٠٪ وهذا شي إيجابي ومشجع .
في أثناء اللقاء تطرقت الى الفقرة الأهم وهي مسألة الإستدامة، وقد بينت أن هذه النقطة لم يتم إثباتها حتى الآن ، لأنها تحتاج الى فترات زمنية طويلة ومتابعة حثيثة للمتبرعين ولمراقبة استمرار وجود الأجسام المناعية في مصل المتبرع، وبما إن الفترة الزمنية من بدء التجارب السريرية على اللقاح لحين إعلان فعاليته لم تكن كافية مطلقا فعليه لم تستطيع شركة فايزر التحقق منه.
لفيروس الانفلونزا الذي ينتمي الى نفس مجموعة فيروسات RNA والتي ينتمي اليه فيروس كورونا، دليل على تبرير مخاوفنا لأن لقاح هذا الفيروس يعطى كل عام قبل فصل الشتاء ولم تستطع كل اللقاحات ضده من تكوين مناعة مستديمة ضده، حيث إن تلك الأجسام المضادة تختفي بعد ٦ الى ٧ شهور، وكذلك يعمل الفيروس على تشويش خلايا الذاكرة لكريات الدم البيضاء التي هي من تحفظ المعلومات الوراثية للفيروس مما نضطر الى إعطاء الفئات العمرية المعرضة لخطر الموت من كبار السن او الأطفال الى جرعات سنوية وليس جرعة واحدة.
إذن ماهي فرص نجاح اللقاح في ظل هذا الوضع وهل يمكن إطلاق اللقاح قبل التأكد من إثبات استدامته من عدمها ؟
أشرت حينها أن العالم لا يملك أي خيار في الوقت الحالي سوى البدء في اعطاء اللقاح السنة المقبلة حتى ولم يتم التأكد من استدامة الأجسام المناعية من عدمها لأن فيروس كورونا أصبح حقيقة واقعة لايمكن الهروب منها مهما كانت الاجراءات الوقائية ضده ، وعليه يجب علينا أن نصل الى المناعة المجتمعية بنسبة ٦٠ الى ٧٠٪ على الاقل حتى نستطيع ان نكبح إنتشار الفيروس حتى وإن كانت فرصة بقاء الأجسام المضادة ليست أكثر من ست شهور او أكثر قليلا. لذللك فإن اعطاء اللقاح سوف يقلل من انتشار الفيروس بشكل ملحوظ وإن لم يقض عليه بشكل كامل.
إذن ماهي الحلول اذا ظهر أن تلك الأجسام لا تبقى طويلا في مصل الاشخاص ؟
هنا قد نضطر الى جرعات أكثر حتى نغطي الفترة المتبقية لكيلا يتعرض الشخص الى إصابة جديدة، لأن فيروس كورونا ينتشر في كل الفصول عكس فيروس الأنفلونزا الذي ينتشر في فصل الشتاء.
هل يمكن التفكير في إيجاد علاج ولقاح في الوقت نفسه للفترة المقبلة كحل جذري لهذا الفيروس الفتاك؟
نعم يحب التفكير جديا في هذا الشأن اذا لم تستدم الأجسام المناعية في مصول الأشخاص وإذا لم نصل الى المناعة المجتمعية بعد إعطاء اللقاح ،وهناك أمراض عديدة قد تم إيجاد علاج ولقاح لها في الوقت نفسه مثل بكتريا الإلتهاب الرئوي streptococcus pneumonia
حيث يوجد لقاح له وكذللك علاج مثل البنسلين.
في الوقت الحالي لايوجد أي علاج شاف للفيروس ولا لقاح أثبت استدامة الأجسام المناعية ضده وهذا ما أشرت إليه في المقابلة
كل الذي تحدثت فيه كان عن دراية علمية رصينة ولم نكن نريد منه التقليل من شأن اللقاح المرتقب ولكن يجب ان نكون مستعدين كدولة او أفراد لجميع السيناريوهات حتى نستطيع مواجهة كل الاحتمالات الممكنة .
بالفعل خرجت شركة فايزر وإعترفت عن طريق أحد خبرائها أنهم أثبتوا نسبة فعالية اللقاح بحدود ٩٠٪ ولكنهم لا يعلمون كم المدة التي سوف تبقى فيها الأجسام المناعية في الأشخاص المتبرعين أو الذين سوف يتم إعطاؤهم لاحقا للوقاية من فيروس كورونا وأنهم سوف يعلمون ذلك بعد إعطاء اللقاح ، وبالتالي فهو يتطابق تماما مع ما ذكرناه في اللقاء لكي نكون أمينين في نقل المعلومة العلمية .
علينا الإنتظار لحين دراسة التجارب السريرية بعد إعطاء اللقاح للأشخاص وبالتالي الحكم بشكل كامل على اللقاح ونأمل بالتأكيد من كل قلوبنا أن ينجح اللقاح في تخليص المجتمعات من هذا الوباء والرجوع مجددا لممارسة الحياة بشكل طبيعي .
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن